للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي بَطْنِهِ، والأُنثى نَطَفَة. والنَّطَفُ: إِشْرَافُ الشجَّة عَلَى الدِّمَاغِ والدبَرة عَلَى الْجَوْفِ، وَقَدْ نَطِفَ الْبَعِيرُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

كَوْسَ الهِبَلِّ النَّطِفِ المَحْجوزِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

شُدَّا عَلَيَّ سُرَّتي لَا تَنْقَعِفْ ... إِذَا مَشَيْتُ مِشْيَةَ العَوْدِ النَّطِفْ

وَرَجُلٌ نَطِفٌ: أَشرفت شَجَّته عَلَى دِماغه. ونَطِفَ مِنَ الطَّعَامِ يَنْطَفُ نَطَفاً: بَشِم. والنَّطَف: عِلَّةٌ يُكوى مِنْهَا الرَّجُلُ، ورجُل نَطِفٌ: بِهِ ذَلِكَ الدَّاءُ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:

واسْتَمَعُوا قَوْلًا بِهِ يُكْوى النَّطِفْ، ... يَكادُ مَنْ يُتْلَى عَلَيْهِ يُجْتأَفْ «١»

والنَّطْفُ: عَقْر الجُرح. ونَطَفَ الجَرْحَ والخُراجَ نَطْفاً: عَقَرَهُ. والنَّطَفُ والنُّطَفُ: اللُّؤْلُؤُ الصَّافِي اللَّوْنِ، وَقِيلَ: الصِّغَارُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هِيَ القِرَطةُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ نَطَفَة ونُطَفَة، شُبِّهَتْ بقَطْرة الْمَاءِ. والنَّطَفَة، بِالتَّحْرِيكِ: القُرط. وَغُلَامٌ مُنَطَّف: مُقَرَّط. وَوَصِيفَةٌ مُنَطَّفَة ومُتَنَطِّفَة أَي مُقَرَّطة بتُومَتَيْ قُرْط؛ قَالَ:

كأَنَّ ذَا فَدّامةٍ مُنَطَّفا ... قَطَّف مِنْ أَعْنابه مَا قَطَّفا

وَقَالَ الأَعشى:

يَسْعى بِهَا ذُو زُجاجاتٍ لَهُ نَطَفٌ، ... مُقَلِّصٌ أَسْفَلَ السِّربالِ مُعْتَمِلُ

وتَنَطَّفَتِ المرأَة أَي تَقَرَّطت. والنُّطْفَة والنُّطَافَة: الْقَلِيلُ مِنَ الْمَاءِ، وَقِيلَ: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبقى فِي القِربة، وَقِيلَ: هِيَ كالجُرْعة وَلَا فِعل للنُّطفة. والنُّطْفَة: الْمَاءُ الْقَلِيلُ يَبْقَى فِي الدَّلْو؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ أَيضاً، وَقِيلَ: هِيَ الْمَاءُ الصَّافِي، قلَّ أَو كَثُرَ، وَالْجَمْعُ نُطَف ونِطَاف، وَقَدْ فَرَّقَ الْجَوْهَرِيُّ بَيْنَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ فِي الْجَمْعِ فَقَالَ: النُّطفة الْمَاءُ الصَّافِي، وَالْجَمْعُ النِّطَاف، والنُّطفة مَاءُ الرَّجُلِ، وَالْجَمْعُ نُطَف. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للمُويْهة الْقَلِيلَةِ نُطفة، وَلِلْمَاءِ الْكَثِيرِ نُطفة، وَهُوَ بِالْقَلِيلِ أَخص، قَالَ: ورأَيت أَعرابيّاً شَرِبَ مِنْ رَكِيّة يُقَالُ لَهَا شَفِيَّة وَكَانَتْ غَزِيرَةَ الْمَاءِ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَنُطْفَةٌ بَارِدَةٌ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فَجَعَلَ الْخَمْرَ نُطفة:

تَقَطُّعَ مَاءِ المُزْنِ فِي نُطَفِ الخَمْرِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

قَالَ لأَصحابه: هَلْ مِنْ وَضوء؟ فَجَاءَ رَجُلٌ بنُطفة فِي إِدَاوَةٍ

؛ أَراد بِهَا هَاهُنَا الْمَاءَ الْقَلِيلَ، وَبِهِ سُمِّيَ المنيُّ نُطفة لِقِلَّتِهِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى

. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكم

، وَفِي رِوَايَةٍ:

لَا تَجْعَلُوا نُطَفَكم إِلَّا فِي طَهارة

، وَهُوَ حَثٌّ عَلَى اسْتِخَارَةِ أُم الْوَلَدِ وأَن تَكُونَ صَالِحَةً، وَعَنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ أَو مِلْكِ يَمِينٍ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: لَا يزالُ الإِسلامُ يَزِيدُ وأَهله ويَنْقُصُ الشِّرك وأَهله حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ بَيْنَ النُّطْفَتَيْنِ لَا يَخْشَى إِلَّا جَوْرًا

؛ أَراد بالنُّطْفَتَيْنِ بِحْرَ الْمَشْرِقِ وَبَحْرَ الْمَغْرِبِ، فأَما بَحْرُ الْمَشْرِقِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ عِنْدَ نَوَاحِي الْبَصْرَةِ، وأَما بَحْرُ الْمَغْرِبِ فمُنْقَطَعُه عِنْدَ القُلْزم؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَراد بالنُّطْفَتَيْنِ ماء الفُرات وماء البحر الَّذِي يَلِي جُدّة وَمَا وَالَاهَا فكأَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَراد أَن الرَّجُلَ يَسِيرُ فِي أَرض الْعَرَبِ بَيْنَ مَاءِ الْفُرَاتِ وَمَاءِ الْبَحْرِ لَا يَخَافُ في طريقه غير


(١). ورد هذا البيت في مادة جأف وفيه يجتئف بدل يجتأف.

<<  <  ج: ص:  >  >>