للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَاءُ كُلِّ ذَلِكَ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لأَنه مِنَ النَّوْفِ الَّذِي هُوَ العُلُوُّ والارْتفاع، قُلِبَتْ فِيهِ الْوَاوُ تَخْفِيفًا لَا وُجُوبًا، أَلا تَرَى إِلَى صِحَّةِ صِوان وخِوان وصِوار؟ عَلَى أَنه قَدْ حَكَى صِيان وصِيار، وَذَلِكَ عَنْ تَخْفِيفٍ لَا عَنْ صَنْعة وَوُجُوبٍ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ نِيَاف مَصْدَرًا جَارِيًا عَلَى فِعْلٍ مُعْتَلٍّ مُقَدَّرٍ، فيُجْرى حِينَئِذٍ مُجرى قِيام وصِيام، وَوُصِفَ بِهِ كَمَا يُوصَفُ بِالْمَصَادِرِ، وقصْر نِيافٌ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَنَاقَةٌ نِيَاف وَجَمَلٌ نِيَاف أَي طَوِيلٌ فِي ارْتِفَاعٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:

أُفْرُغْ لأَمْثالِ مِعًى أُلَّافِ، ... يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ

والوَخْيُ: حُسْن صَوْتِ مَشْيِهَا. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحَقُّ النِّيَاف أَن يُذْكَرَ فِي فَصْلِ نَوَفَ. يُقَالُ: نَافَ يَنُوفُ أَي طَالَ، وَإِنَّمَا قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً عَلَى جِهَةِ التَّخْفِيفِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: صِوَانٌ وَصِيَانٌ وطِوال وطِيال؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:

رَآهَا الفُؤاد، فاسْتُضِلَّ ضَلالُه، ... نِيَافاً مِنَ البِيض الحِسان العَطابِل

وَقَالَ جَرِيرٌ:

والخيلُ تَنْحِطُ بالكُماة، وَقَدْ رأَى ... لَمْعَ الربِيثةِ بالنِّيَاف العيْطَلِ

أَراد بِالْجَبَلِ الْعَالِي الطَّوِيلِ؛ وَقَالَ آخَرُ:

كُلُّ كِنازٍ لَحْمُه نِيَافِ، ... كالعَلَم المُوفي عَلَى الأَعْرافِ

وَقَالَ آخَرُ:

يأْوي إِلَى طائِقه الشِّنْعافِ، ... بَيْنَ حَوامي رَتَبٍ نِيَافِ

الطائقُ: الأَنْفُ يَنْدُرُ مِنَ الْجَبَلِ. والرتَبُ: العتَبُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لأَبي الرَّبِيعِ:

والرحْلُ فوقَ جَسْرةٍ نِيَافِ ... كَبْداء جَسْر، غَيْرُ مَا ازْدِهافِ

وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

نِيَافاً تَزِلُّ الطيرُ عَنْ قُذُفاتِه، ... يَظَلُّ الضَّبابُ فوقَه قَدْ تَعَصَّرا

وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَمَلٌ نَيَّافٌ، عَلَى فَيْعال، إِذَا ارْتَفَعَ فِي سَيْرِهِ؛ وأَنشد:

يَتْبعْنَ نَيَّافَ الضُّحى عُزاهِلا

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: رَوَاهُ غَيْرُهُ:

يَتْبَعْنَ زَيّافَ الضُّحَى

قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: العَزاهِلُ التامُّ الخَلْقِ. وفَلاةٌ نِيَافٌ: طَوِيلَةٌ عَرِيضَةٌ؛ قَالَ:

إِذَا اعْتَلى عَرْضَ نِيَافٍ فِلِّ، ... أَذْرى أَساهِيكَ عَتِيقٍ أَلِّ،

بعَطْفِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِ

وَيُرْوَى: بأَوْب. والنَّوْفُ: أَسفل الذَّيْل لِزِيَادَتِهِ وَطُولِهِ؛ عَنْ كُرَاعٍ. والنَّوْفُ: السَّنام الْعَالِي، وَالْجَمْعُ أَنواف، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ سَنَامَ الْبَعِيرِ، وَبِهِ سُمِّيَ نَوْفٌ البِكاليّ. والنَّوْفُ: البَظْر، وَكُلُّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الزِّيَادَةِ وَالِارْتِفَاعِ. ابْنُ بَرِّيٍّ: النوْف البظْر، وَقِيلَ الفَرج؛ قَالَ هَمَّامُ بْنُ قَبِيصةَ الْفَزَارِيُّ حِينَ قَتَلَهُ وَازِعُ بْنُ ذُؤَالةَ:

تَعِسْتَ ابنَ ذاتِ النَّوْفِ أَجْهِزْ عَلَى امْرِئٍ ... يَرَى المَوْتَ خَيْراً مِن فِرارٍ وأَكْرَما

<<  <  ج: ص:  >  >>