فَمَا بَيْضةٌ باتَ الظَّلِيمُ يَحُفُّها، ... لَدَى جُؤْجُؤٍ عَبْلٍ، بمَيْثاءِ حَوْمَلا
وَفِي حَدِيثِ
مُعَاوِيَةَ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: افْرِضْ لِي، قَالَ نَعَمْ، قَالَ وَلِوَلَدِي، قَالَ لَا، قَالَ وَلِعَشِيرَتِي، قَالَ لَا؛ ثُمَّ تَمَثَّلَ:
طَلبَ الأَبلقَ العَقوقَ، فَلَمَّا ... لَمْ يَجِدْهُ، أَراد بَيضَ الأَنوق
العَقُوقُ: الْحَامِلُ مِنَ النُّوق، والأَبلق: مِنْ صِفَاتِ الذُّكُورِ، وَالذَّكَرُ لَا يَحْمِلُ فكأَنه قَالَ طَلَب الذَّكَرَ الْحَامِلَ. وبَيضُ الأَنوق مثَل لِلَّذِي يطلبُ المُحال الممتنِع، وَمِنْهُ الْمَثَلُ: أَعَزُّ مِنْ بَيْضِ الأَنُوق والأَبلقِ الْعَقُوقِ، وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ فِي الرَّجُلِ يُسأَل مَا لَا يَكُونُ وَمَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ: كلَّفْتَني الأَبْلَقَ العَقُوق؛ وَمِثْلُهُ: كلَّفتني بَيْضَ الأَنوق. وَفِي التَّهْذِيبِ: قَالَ مُعَاوِيَةُ لِرَجُلٍ أَرَادَهُ عَلَى حَاجَةٍ لَا يُسأَل مِثْلَهَا وَهُوَ يَفْتِل لَهُ فِي الذِّرْوة والغاربِ: أَنا أَجَلُّ مِنَ الحَرْشِ ثُمَّ الخَديعةِ، ثُمَّ سَأَلَهُ أُخْرَى أَصْعبَ مِنْهَا فأَنشد الْبَيْتَ المَثَلَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وبيضُ الأَنوق عَزِيزٌ لَا يُوجَدُ، وَهَذَا مَثَلٌ يُضرب لِلرَّجُلِ يَسأَل الهَيِّنَ فَلَا يُعْطَى، فيَسأَل مَا هُوَ أَعز مِنْهُ. وَقَالَ عُمارةُ: الأَنوقُ عِنْدِي العُقاب وَالنَّاسُ يَقُولُونَ الرخَمة، والرخمةُ تُوجَدُ فِي الخَرابات وَفِي السهْل. وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الأَنوق طَائِرٌ أَسود لَهُ كالعُرْف يُبعِد لِبَيْضِهِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِيهِ مُوقُ الأَنُوق لأَنها تُحمَّق؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْكُمَيْتُ فَقَالَ:
وذاتِ اسْمَينِ، والأَلوانُ شَتَّى، ... تُحَمَّقُ، وَهْيَ كَيِّسةُ الحَوِيلِ
يَعْنِي الرَّخَمَةَ. وَإِنَّمَا قِيلَ لَهَا ذَاتُ اسْمَيْنِ لأَنها تسمَّى الرَّخَمَةَ والأَنُوقَ، وَإِنَّمَا كَيِسَ حَوِيلُها لأَنها أَوَّل الطَّيْرِ قِطاعاً، وَإِنَّمَا تَبِيضُ حَيْثُ لَا يَلْحَق شَيْءٌ بَيْضَهَا، وَقِيلَ: الأَنوق طَائِرٌ يُشْبِهُ الرَّخَمَةَ فِي القَدِّ والصَّلَعِ وصُفْرة المِنقار، وَيُخَالِفُهَا أَنها سَوْدَاءُ طَوِيلَةُ المِنْقار؛ قَالَ العُدَيْلُ بْنُ الفَرْخ:
بَيْضُ الأَنُوقِ كسِرِّهِنَّ، ومَن يُرِدْ ... بَيْضَ الأَنوقِ، فإنه بمَعاقِل
أهق: الأَيْهُقانُ: الجَرْجِيرُ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْجَرْجِيرُ الْبَرِّيُّ، وَهُوَ فَيْعُلان. وَفِي حَدِيثِ
قُسِّ بْنِ ساعِدَة: ورَضِيع أَيْهُقان
؛ هُوَ الْجَرْجِيرُ الْبَرِّيُّ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَعَلا فُروع الأَيْهُقانِ، وأَطفَلَت ... بالجَلْهَتَينِ ظِباؤُها ونَعامُها
إِنْ نَصَبْتَ فروعَ جَعَلْتَ الأَلف الَّتِي فِي فَعلا لِلتَّثْنِيَةِ أَي الجَوْدُ والرِّهامُ هُمَا فَعَلَا فُروعَ الأَيهقان وأَنْبتاها، وَإِنْ رَفَعْتَهُ جَعَلْتَهَا أَصْلِيَّةً مِنْ عَلا يَعْلُو، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْجَرْجِيرُ وَلَيْسَ بِهِ؛ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مِنَ الْعُشْبِ الأَيهقان وَإِنَّمَا اسْمُهُ النَّهَقُ، قَالَ: وَإِنَّمَا سَمَّاهُ لَبِيدٌ الأَيْهُقان حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ فِي الشِّعْرِ إِلَّا الأَيهقان، قَالَ: وَهِيَ عُشبة تَطُولُ فِي السَّمَاءِ طُولًا شَدِيدًا، وَلَهَا وَرْدَةٌ حَمْرَاءُ وَوَرَقَةٌ عَرِيضَةٌ، وَالنَّاسُ يأْكلونه، قَالَ: وسأَلت عَنْهُ بَعْضَ الأَعراب فَقَالَ: هُوَ عُشْبَةٌ تَسْتَقِلُّ مِقْدَارَ السَّاعِدِ، وَلَهَا وَرَقَةٌ أَعظم مِنْ وَرَقَةِ الحُوَّاءة وَزَهْرَةٌ بَيْضَاءُ، وَهِيَ تُؤْكَلُ وَفِيهَا مَرَارَةٌ، وَاحِدَتُهُ أَيْهُقانة، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي زِيَادٍ مِنْ أَن الأَيْهُقان مُغَيَّرٌ عَنِ النهَق مَقْلُوبٌ مِنْهُ خطأٌ، لأَن سِيبَوَيْهِ قَدْ حَكَى الأَيْهُقان فِي الأَمثلة الصَّحِيحَةِ الْوَضْعِيَّةِ الَّتِي لم يُعْنَ بها غيرها، فَقَالَ: وَيَكُونُ عَلَى فَيْعُلان فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ نَحْوِ الأَيْهُقانِ والصَّيْمُرانِ والزَّيْبُدان