للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رزق: الرازقُ والرّزَّاقُ: فِي صِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى لأَنه يَرزُق الْخَلْقَ أَجمعين، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ الأَرْزاق وأَعطى الْخَلَائِقَ أَرزاقها وأَوصَلها إِلَيْهِمْ، وفَعّال مِنْ أَبنية المُبالغة. والرِّزْقُ: مَعْرُوفٌ. والأَرزاقُ نوعانِ: ظَاهِرَةٌ للأَبدان كالأَقْوات، وَبَاطِنَةٌ لِلْقُلُوبِ والنُّفوس كالمَعارِف وَالْعُلُومِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها.

وأَرزاقُ بَنِي آدَمَ مَكْتُوبَةٌ مُقدَّرة لَهُمْ، وَهِيَ وَاصِلَةٌ إِليهم. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ

؛ يَقُولُ: بَلْ أَنا رَازِقُهُمْ مَا خَلَقْتُهُمْ إِلا ليَعبدون. وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.

يُقَالُ: رَزَقَ الخلقَ رَزْقاً ورِزْقاً، فالرَّزق بِفَتْحِ الرَّاءِ، هُوَ الْمَصْدَرُ الْحَقِيقِيُّ، والرِّزْقُ الِاسْمُ؛ وَيَجُوزُ أَن يُوضَعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. ورزَقه اللَّهُ يرزُقه رِزقاً حَسَنًا: نعَشَه. والرَّزْقُ، عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ: مَا رَزقه إِيّاه، وَالْجَمْعُ أَرزاق. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً

؛ قِيلَ: رِزْقًا هَاهُنَا مَصْدَرٌ فَقَوْلُهُ شَيْئًا على هذا منصوب برزقاً، وَقِيلَ: بَلْ هُوَ اسْمٌ فَشَيْئًا عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ رِزْقًا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَن اللَّهَ تَعَالَى يَبعث المَلَك إِلى كُلِّ مَن اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ رَحِم أُمه فَيَقُولُ لَهُ: اكْتُبْ رِزْقَه وأَجلَه وعملَه وَشَقِيٌّ أَو سَعِيدٌ، فيُختم لَهُ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً

؛ قِيلَ: هُوَ عِنَبٌ فِي غَيْرِ حِينِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: رُوِيَ

أَنه رِزق الْجَنَّةِ

؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: وأَرى كَرَامَتَهُ بَقاءه وسَلامته مِمَّا يَلحَق أَرزاقَ الدُّنْيَا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى؛ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ

؛ انْتِصَابُ رِزْقاً

عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما عَلَى مَعْنَى رَزقْناهم رِزْقًا لأَن إِنْباتَه هَذِهِ الأَشياء رِزق، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَفْعُولًا لَهُ؛ الْمَعْنَى فأَنبتنا هَذِهِ الأَشياء للرِّزْق. وارْتَزقَه واسْتَرْزقَه: طَلَبَ مِنْهُ الرِّزق. وَرَجُلٌ مَرْزُوق أَي مجْدود؛ وَقَوْلُ لَبِيدٍ:

رُزِقَتْ مَرابِيعَ النُّجومِ وصابَها ... وَدْقُ الرّواعِدِ: جَوْدُها فَرِهامُها

جَعَلَ الرِّزْق مَطَرًا لأَن الرِّزْق عَنْهُ يَكُونُ. والرِّزْقُ: مَا يُنْتَفعُ بِهِ، وَالْجَمْعُ الأَرْزاق. والرَّزق: العَطاء وَهُوَ مَصْدَرُ قَوْلِكَ رَزَقه اللَّهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ عُوَيْفِ القَوافي فِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ:

سُمِّيتَ بالفارُوقِ، فافْرُقْ فَرْقَه، ... وارْزُقْ عِيالَ المسلمِينَ رَزْقَه

وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ تَقْدِيرُهُ سُمِّيتَ بَاسِمِ الفارُوق، وَالِاسْمُ هُوَ عُمر، والفارُوقُ هُوَ الْمُسَمَّى، وَقَدْ يُسَمَّى الْمَطَرُ رِزْقًا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها

. وَقَالَ تَعَالَى: وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ

؛ قَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ الْمَطَرُ وَهَذَا اتِّسَاعٌ فِي اللُّغَةِ كَمَا يُقَالُ التَّمْرُ فِي قَعْر القَلِيب يَعْنِي بِهِ سَقْيَ النَّخْلِ. وأَرزاقُ الْجُنْدِ: أَطماعُهم، وَقَدِ ارْتَزقُوا. والرَّزقة، بِالْفَتْحِ: الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَالْجَمْعُ الرَّزَقاتُ، وَهِيَ أَطماع الْجُنْدِ. وارْتزقَ الجُندُ: أَخذوا أَرْزاقَهم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ

، أَي شُكْرَ رِزْقِكُمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ: مُطِرنا بنَوْءِ الثُّريا، وهو كقوله: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ، يَعْنِي أَهلها. ورَزَقَ الأَميرُ جُنْدَهُ فارْتَزقُوا ارْتِزاقاً، وَيُقَالُ: رُزِق الجندُ رَزْقة وَاحِدَةً لَا غَيْرَ، ورُزِقوا رَزْقتين أَي مَرَّتَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>