للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والزُّهومةُ فِي اللَّحْمِ: كَرَاهِيَةُ رائحتِه مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ وَلَا نَتْنٍ. وزَهَقَ العظمُ زُهوقاً إِذَا اكْتَنَزَ مُخُّه. وزَهَقَ المُخُّ إِذَا اكْتَنَزَ، فَهُوَ زاهِق؛ عَنْ يَعْقُوبَ؛ وَأَمَّا قَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ طَارِقٍ «٤».

ومَسَدٍ أمِرَّ مِنْ أيانِقِ، ... لَسْنَ بأنْيابٍ وَلَا حَقائِقِ،

وَلَا ضِعافٍ مُخُّهُنَّ زاهِقُ

فإنَّ الْفَرَّاءَ يَقُولُ: هُوَ مرفوعٌ وَالشِّعْرُ مُكْفَأٌ، يَقُولُ: بَلْ مُخُّهنَّ مُكتَنِزٌ، رفَعَه عَلَى الِابْتِدَاءِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ وَلَا ضِعافٍ زاهقٍ مُخُّهنَّ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ مَرَرْتُ بِرَجُلٍ أَبُوهُ قائمٍ بالخفضِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَرْفَعَ مُخَّهن بزاهِق فتُقدم الْفَاعِلَ عَلَى فِعْلِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ ذَلِكَ عَنِ الْكُوفِيِّينَ، مِنْ ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ: وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ؛ وَقَوْلُ الزَّبَّاءِ:

مَا للجِمال مشيُها وَئِيدا؟

وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:

فَقِلْ فِي مَقِيلٍ نَحْسُه مُتَغَيِّبِ

وَقِيلَ: الزاهِق هَاهُنَا بِمَعْنَى الذَّاهِبِ كَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا ضِعافٍ مُخُّهنّ، ثُمَّ رَدَّ الزاهِق عَلَى الضِّعاف؛ وَالَّذِي وَقَعَ فِي شِعْرِ عُثْمَانَ:

عِيسٌ عِتاقٌ ذاتُ مُخٍّ زاهِقِ

وَالَّذِي أَنْشَدَهُ أَبُو زَيْدٍ:

لَقَدْ تَعَلَّلت عَلَى أيانِقِ ... صُهْبٍ، قليلاتِ القُرادِ اللّازِقِ،

وذاتِ ألْياطٍ ومُخٍّ زاهِقِ

وبئرٌ زهوقٌ وزاهِقٌ: بعيدةُ القَعْرِ، وَكَذَلِكَ فَجُّ الجبَل المُشْرِفُ؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْبٍ يَصِفُ مُشْتار الْعَسَلِ:

وأشْعَثَ مالُه فَضَلاتُ ثوْلٍ ... عَلَى أَرْكَانِ مَهْلكَةٍ زَهُوقِ

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ وَأَشْعَثَ مخفوضٌ بِوَاوِ رُبَّ، وَالْبَيْتُ أَوَّلَ الْقَصِيدَةِ، وجوابُ ربَّ فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ:

تأبَّطَ خافَةً فِيهَا مسابٌ، ... فأضْحى يقْتري مَسَداً بِشِيقِ

والثَّوْلُ: جَمَاعَةُ النَّحْلِ، وَكَذَلِكَ المَفازة النَّائِيَةُ المَهْواةِ. والزَّهْقُ والزَّهَقُ: الوَهْدةُ وَرُبَّمَا وَقَعَتْ فِيهَا الدَّوَابُّ فَهَلَكَتْ. يُقَالُ: أزْهَقَت أَيْدِيهَا فِي الحُفَر؛ وقال رُؤْبَةُ:

تَكادُ أَيْدِيهَا تَهاوى فِي الزَّهَقْ

وَأَنْشَدَ أَيْضًا:

كأنَّ أيديهنَّ تَهْوي فِي الزَّهَقْ، ... أيْدي جَوارٍ يتَعاطَيْنَ الوَرَقْ

وَقِيلَ: مَعْنَى الزَّهَق التقدمُ فِي هَذَا الْبَيْتِ. وانْزَهَقَتِ الدابةُ: تردَّتْ. وَرَجُلٌ مَزْهوقٌ: مضيَّق عَلَيْهِ. والقومُ زُهاقُ مِائَةٍ وزِهاق مِائَةٍ أَيْ هُمْ قريبٌ مِنْ ذَلِكَ فِي التَّقْدِيرِ، كَقَوْلِهِمْ زُهاءُ مِائَةٍ وزِهاءُ مِائَةٍ. وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: المُزْهِقُ القاتِل، والمُزْهَقُ الْمَقْتُولُ. وزَهَقَ السهمُ أَيْ جَاوَزَ الهَدَف؛ وأزْهَقَه صاحبُه. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ تَكَلَّمَ يَوْمَ الشُّورى فَقَالَ:


(٤). قوله [عثمان بن طارق] في هامش الأَصل هنا وفيما يأتي قريباً ما نصه صوابه: عمارة بن طارق انتهى. وكذلك نسبه في الصحاح لعمارة في مادة مسد

<<  <  ج: ص:  >  >>