لعَمْري لَئِنْ كُنْتْم عَلَى النَّأْيِ والنَّوى ... بِكُم مِثْلُ مَا بِي، إِنّكم لَصَدِيقُ
وَقِيلَ صَدِيقةٌ؛ وأَنشد أَبو زَيْدٍ والأَصمعي لَقَعْنَب بْنِ أُمّ صَاحِبٍ:
مَا بالُ قَوْمٍ صَدِيقٍ ثمَّ لَيْسَ لَهُمْ ... دِينٌ، وَلَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ إِذا ائْتُمِنوا؟
وَيُقَالُ: فُلَانٌ صُدَيِّقِي أَي أَخَصُّ أَصْدِقائي وإِنما يُصَغَّرُ عَلَى جِهَةِ الْمَدْحِ كَقَوْلٍ حُبَابِ بْنُ الْمُنْذِرِ: أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّك وعُذَيْقُها المُرَجَّب؛ وَقَدْ يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ والمؤنث صَدِيقٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
نَصَبْنَ الهَوى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلوبَنا ... بأَعْيُنِ أَعْداءٍ، وهُنَّ صَدِيقُ
أَوانِس، أَمّا مَنْ أَرَدْنَ عناءَه ... فعانٍ، ومَنْ أَطْلَقْنه فطَلِيقُ
وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْحَكَمِ فِي مِثْلِهِ:
ويَهْجُرْنَ أَقْواماً، وهُنَّ صَدِيقُ
والصَّدْقُ: الثَّبْتُ اللِّقَاءِ، وَالْجَمْعُ صُدْق، وَقَدْ صَدَقَ اللقاءَ صَدْقاً؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
صلَّى الإِلهُ عَلَى ابنِ عَمْروٍ إِنِّه ... صَدَقَ اللِّقاءَ، وصَدْقُ ذَلِكَ أَوفقُ
وَرَجُلٌ صَدْقُ اللِّقَاءِ وصَدْقُ النَّظَرِ وَقَوْمٌ صُدْقٌ، بِالضَّمِّ: مِثْلَ فَرَسٌ وَرْدٌ وأَفراس وُرْدٌ وجَوْن وجُون. وصَدَقُوهم القِتالَ: أَقدموا عَلَيْهِمْ، عادَلُوا بِهَا ضِدَّها حِينَ قَالُوا كَذَبَ عَنْهُ إِذا أَحجم، وحَمْلةٌ صادِقةٌ كَمَا قَالُوا لَيْسَتْ لَهَا مَكْذُوبَةٌ؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَزِيد زادَ اللَّهُ فِي حَيَاتِهِ، ... حامِي نزارٍ عِنْدَ مَزْدُوقاتِه
فإِنه أَراد مَصْدُوقاتِهِ فَقَلْبُ الصَّادِ زَايًا لِضَرْبٍ مِنَ الْمُضَارَعَةِ. وصَدَقَ الوَحْشِي إِذا حَمَلْتَ عَلَيْهِ فَعَدَا وَلَمْ يَلْتَفِتْ. وَهَذَا مِصْداقُ هَذَا أَي مَا يُصَدِّقُه. وَرَجُلٌ ذُو مَصْدَقٍ، بِالْفَتْحِ، أَي صادقُ الحَمْلةِ، يُقَالُ ذلك للشجاع والفرسِ الجَوادِ، وصادِقُ الجَرْي: كأَنه ذُو صِدْقٍ فِيمَا يَعِدُكَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ خُفَافُ بْنُ نُدْبَةَ:
إِذا مَا استْحَمَّتْ أَرْضُه مِنْ سَمائِهِ ... جَرى، وَهُوَ مَوْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَقِ
يَقُولُ: إِذا ابتلَّت حَوَافِرُهُ مِنْ عَرق أَعاليه جَرَى وَهُوَ مَتْرُوكٌ لَا يُضرب وَلَا يُزْجَرُ وَيُصَدِّقُكَ فِيمَا يَعِدُكَ الْبُلُوغَ إِلَى الْغَايَةِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
نَماه مِنَ الحَيَّيْنِ قرْدٌ ومازنٌ ... لُيوثٌ، غداةَ البَأْس، بيضٌ مَصادِقُ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ صَدْق عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كمَلامح ومَشابِه، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي ذو مَصادِق فَحُذِفَ، وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ، وَقَدْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي الرأْي. والمَصْدَق أَيضاً: الجِدُّ، وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ دُرَيْدٍ:
وتُخْرِجُ مِنْهُ ضَرَّةُ القومِ مَصْدَقاً، ... وطُولُ السُّرى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
وَيُرْوَى ذَرِّيّ. والمَصْدَق: الصَّلَابَةُ؛ عَنْ ثَعْلَبٍ. ومِصْداق الأَمر: حقيقتُه. والصَّدْق، بِالْفَتْحِ: الصُّلْبُ مِنَ الرِّمَاحِ وَغَيْرِهَا.