وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ وَذَكَرَ أُتُناً ورَدْنَ وحَسَسْنَ بِالصَّائِدِ فنفَرْن عَلَى تَتَابُعٍ وَاسْتِقَامَةٍ فَقَالَ:
فَلَمَّا رأَينَ الماءَ قَدْ حالَ دونَه ... ذُعافٌ، عَلَى جَنْبِ الشَّرِيعةِ، كارِزُ
شَكَكْنَ، بأَحْساءَ، الذِّنابَ عَلَى هُدًى، ... كَمَا شَكَّ فِي ثِنْي العِنانِ الخَوارزُ
وأَنشد أَبو عَلِيٍّ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَعْنَى:
وشِعْب كَشَكِّ الثوبِ شكْسٍ طَريقُهُ، ... مَدارجُ صُوحَيْهِ عِذاب مَخاصِرُ
عَنَى فَماً حَسَنَ نِبْتَة الأَضراس متناسقَها كَتَنَاسُقِ الْخِيَاطَةِ فِي الثَّوْبِ، لأَن الْخَائِطَ يَضَعُ إِبرة إِلى أُخرى شَكَّة فِي إِثْرِ شَكَّةٍ، وَقَوْلُهُ شَكْسٍ طريقُه عَنَى صِغَرَهُ، وَقِيلَ: لِصُعُوبَةِ مَرَامِهِ، وَلَمَّا جَعَلَهُ شِعْباً لِصِغَرِهِ جَعَلَ لَهُ صُوحَيْن وَهُمَا جَانِبَا الْوَادِي كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه عَنَى فَماً قَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا:
تَعَسَّفْتُه باللَّيْل لَمْ يَهْدِني لَهُ ... دليلٌ، وَلَمْ يَشْهَدْ لَهُ النَّعْتَ جابرُ
أَبو عَمْرٍو: العِراقُ تُقَارُبُ الخَرْز؛ يُضْرَبُ مَثَلًا للأَمر، يُقَالُ: لأَمره عِراق إِذا اسْتَوَى، وَلَيْسَ لَهُ عِراقٌ، وعِراقُ السُّفْرة: خَرْزُها الْمُحِيطُ بِهَا. وعَرَقْت الْمَزَادَةَ وَالسُّفْرَةَ، فَهِيَ مَعْروقة: عَمِلْتُ لَهَا عِراقاً. وعِراقُ الظُّفْرِ: مَا أَحاط بِهِ مِنَ اللَّحْمِ. وعِراقُ الأُذن: كفافُها وعِراقُ الرَّكِيبِ: حَاشِيَتُهُ مِنْ أَدناه إِلى مُنْتَهَاهُ، والرَّكيبُ: النَّهْرُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ الْمَاءُ الْحَائِطَ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ أَعْرِقَةٌ وعُرُق. والعِراقُ: شَاطِئُ الْمَاءِ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ شَاطِئَ الْبَحْرِ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. والعِراقُ: مِنْ بِلَادِ فَارِسَ، مُذَكَّرٌ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ، وَقِيلَ: سُمِّيَ عِراقاً لِقُرْبِهِ مِنَ الْبَحْرِ، وأَهل الْحِجَازِ يُسَمُّونَ مَا كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْبَحْرِ عِراقاً، وَقِيلَ: سُمِّيَ عِراقاً لأَنه اسْتَكَفّ أَرض الْعَرَبِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِهِ لتَواشُج عُروق الشَّجَرِ وَالنَّخْلِ بِهِ كأَنه أَراد عِرْقاً ثُمَّ جُمِعَ عَلَى عِراقٍ، وَقِيلَ: سَمَّى بِهِ العجمُ، سَمَّتْه إِيرانْ شَهْر، مَعْنَاهُ: كَثِيرَةُ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ، فعربَ فَقِيلَ عِراق؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ زَعَمَ الأَصمعي أَن تَسْمِيَتَهُمُ العِراقَ اسْمٌ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ إِنما هُوَ إِيرانْ شَهْر، فأَعربته الْعَرَبُ فَقَالَتْ عِراق، وإِيران شَهْر مَوْضِعُ الْمُلُوكِ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
مانِعِي بابَة العِراقِ من الناسِ ... بِجُرْدٍ، تَغْدُو بِمِثْلِ الأُسُود
وَيُرْوَى: باحَة العِراقِ، وَمَعْنَى بَابَةِ العِراقِ نَاحِيَتُهُ، وَالْبَاحَةُ السَّاحَةُ، وَمِنْهُ أَباح دَارِهِمْ. الْجَوْهَرِيُّ: العِراقُ بِلَادٌ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ العِراقُ اسْمًا لِفناء الدَّارِ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَهَلْ بِلحاظ الدارِ والصَّحْنِ مَعْلَمٌ، ... وَمِنْ آيِهَا بِينُ العِراقِ تَلُوح؟
واللِّحاظُ هنا: فِناء الدَّارِ أَيضاً، وَقِيلَ: سُمِّيَ بعِراقِ المَزادة وَهِيَ الْجِلْدَةُ الَّتِي تُجْعَلُ عَلَى مُلْتَقَى طَرَفَيِ الْجِلْدِ إِذا خُرِزَ فِي أَسفلها لأَن العِراقَ بَيْنَ الرِّيف والبَرّ، وَقِيلَ: العِراقُ شَاطِئُ النَّهْرِ أَو الْبَحْرِ عَلَى طُولِهِ، وَقِيلَ لِبَلَدِ العِراقِ عِراقٌ لأَنه عَلَى شَاطِئِ دِجْلَة والفُراتِ عِداءً «٣». حَتَّى يَتَّصِلَ بالبحر، وقيل:
(٣). قوله [عداء] أي تتابعاً، يقال: عاديته إذا تابعته؛ كتبه محمد مرتضى كذا بهامش الأَصل