للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِليه مُقامَه؛ وَلَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ العِجْلُ هُوَ المُشْرَبَ، لأَنَّ العِجْلَ لَا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وَقَدْ أُشْرِبَ فِي قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ

؛ قَالَ: مَعْنَاهُ سُقُوا حُبَّ العِجْلِ، فَحُذِفَ حُبَّ، وأُقِيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كَمَا قَالَ الشَّاعِرِ:

وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟

أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ. والثَّوْبُ يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فِيهِ: سَرَى. واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت من الشِّرْبانِ؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. قَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: مِنَ المُشْرَبةِ حُروف يَخْرُجُ مَعَهَا عِنْدَ الوُقوفِ عَلَيْهَا نَحْوَ النَّفْخِ، إِلَّا أَنها لَمْ تُضْغَطْ ضَغْطَ المَحْقُورَةِ، وَهِيَ الزَّايُ والظاءُ وَالذَّالُ وَالضَّادُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وبعضُ الْعَرَبِ أَشَدُّ تَصْوِيبًا مِنْ بَعْضٍ. وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فِيهِ الدَّقيقُ؛ وَكَذَلِكَ أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حَنِيفَةَ سَمَاعًا مِنَ الْعَرَبِ أَو الرُّواة. وَيُقَالُ لِلزَّرْعِ إِذا خَرَجَ قَصَبُه: قَدْ شَرِبَ الزرعُ فِي القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فِيهِ. ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى مِنَ النَّبَاتِ. وَفِي حَدِيثِ أُحد:

إنَّ الْمُشْرِكِينَ نَزَلُوا عَلَى زَرْعِ أَهلِ المدينةِ، وخَلَّوا فِيهِ ظَهْرهم، وَقَدْ شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ

؛ وَفِي رِوَايَةٍ:

شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ

، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه. يُقَالُ: شَرَّبَ قَصَبُ الزَّرْعِ إِذا صارَ الماءُ فِيهِ؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ الدَّقيقَ إِذا صارَ فِيهِ طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فِيهِ مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِيقَ كَانَ مَاءً، فَشَرِبَه. وَفِي حَدِيثِ الإِفك:

لَقَدْ سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم

، أَي سُقِيَتْهُ كَمَا يُسْقَى العَطْشانُ الْمَاءَ؛ يُقَالُ: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِيتَه. وأُشْرِبَ قَلْبُه كَذَا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ بِهِ، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بِالثَّوْبِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.

أَبو عُبَيْدٍ: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، إِذا كَانَتْ جَدِيدَةً، فَجَعَلَ فِيهَا طِيبًا وَمَاءً، لِيَطِيبَ طَعْمُها؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ يَصِفُ الإِبل بِكَثْرَةِ أَلبانها:

ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الحَفْلِ، بالضُّحَى، ... سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّب

هَذَا قَوْلُ أَبي عُبَيْدٍ وَتَفْسِيرُهُ، وَقَوْلُهُ: كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّبِ؛ إِنما هُوَ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ؛ قَالَ: وَرِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ خَطَأٌ. وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه. وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِي الْفَحْلَ، قَالَ: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ. وشَرِبَ بِالرَّجُلِ، وأَشْرَبَ بِهِ: كَذَبَ عَلَيْهِ؛ وَتَقُولُ: أَشْرَبْتَني مَا لَمْ أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ مَا لَمْ أَفْعَلْ. والشَّرْبةُ: النَّخْلة الَّتِي تَنبُتُ مِنَ النَّوى، وَالْجَمْعُ الشَّرَبَّاتُ، والشَّرائِبُ، والشَّرابِيبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>