للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدَّاهِيَةُ وَالْخَيْبَةُ؛ قَالَ:

أَمِنْ تَرْجِيعِ قارِيَةٍ تَرَكْتُمْ ... سَبَاياكُمْ، وأُبْتُمْ بالعَنَاقِ؟

القاريةُ: طَيْرٌ أَخضر تُحِبُّهُ الأَعراب، يُشَبِّهُونَ الرَّجُلَ السَّخِيَّ بِهَا، وَذَلِكَ لأَنه يُنْذِرُ بِالْمَطَرِ؛ وَصَفَهُمْ بالجُبْن فَهُوَ يَقُولُ: فَزِعتُمْ لمَّا سَمِعْتُمْ تَرْجِيعَ هَذَا الطَّائِرِ فَتَرَكْتُمْ سَبَايَاكُمْ وأُبْتُمْ بِالْخَيْبَةِ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: العَنَاقُ فِي الْبَيْتِ المُنْكَرُ أَي وأُبْتُم بأَمر مُنْكَر. وأُذُنا عَناقٍ، وَجَاءَ بأُذنَيْ عَناق الأَرض أَي بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ أَو بِالْخَيْبَةِ؛ وَقَالَ:

إِذَا تَمَطَّيْنَ عَلَى القَيَاقي، ... لاقَيْنَ مِنْهُ أُذُنَيْ عَنَاقِ

يَعْنِي الشدَّة أَي مِنَ الْحَادِي أَو مِنَ الْجَمَلِ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ مِنْهُ لقيتُ أُذُنَيْ عَناقٍ أَي دَاهِيَةً وَأَمْرًا شَدِيدًا. وَجَاءَ فُلَانٌ بأُذني عنَاق إِذَا جَاءَ بِالْكَذِبِ الْفَاحِشِ. وَيُقَالُ: رَجَعَ فُلَانٌ بالعَناق إِذَا رَجَعَ خَائِبًا، يُوضَعُ العَناق مَوْضِعَ الْخَيْبَةِ. والعنَاق: النَّجْمُ الأَوسط مِنْ بَنَاتِ نَعْش الكُبْرى: والعَنْقاءُ: الدَّاهِيَةُ؛ قَالَ:

يَحْمِلْنَ عَنْقاء وعَنْقَفِيرا، ... وأُمَّ خَشّافٍ وخَنْشَفِيرا،

والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفِيرَا

وَكُلُّهُنَّ دَواهٍ، ونكَّر عَنْقاء وعَنْقَفِيراً، وَإِنَّمَا هِيَ العَنْقاء والعَنْقَفِير، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُحْذَفَ مِنْهُمَا اللَّامُ وَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى تَعْرِيفِهِمَا. والعَنْقاء: طَائِرٌ ضَخْمٌ لَيْسَ بالعُقاب، وَقِيلَ: العَنْقاءُ المُغْرِبُ كَلِمَةٌ لَا أَصل لَهَا، يُقَالُ: إِنَّهَا طَائِرٌ عَظِيمٌ لَا تُرَى إِلَّا فِي الدُّهُورِ ثُمَّ كَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى سُمُّوا الدَّاهِيَةَ عَنْقاء مُغْرِباً ومُغْرِبةً؛ قَالَ:

وَلَوْلَا سليمانُ الخليفةُ، حَلَّقَتْ ... بِهِ، مِنْ يَدِ الحَجّاج، عَنْقاءُ مُغْرِب

وَقِيلَ: سمِّيت عَنْقاء لأَنه كَانَ فِي عُنُقها بَيَاضٌ كَالطَّوْقِ، وَقَالَ كُرَاعٌ: العَنْقاء فِيمَا يَزْعُمُونَ طَائِرٌ يَكُونُ عِنْدَ مَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العَنْقاءُ المُغْرِبُ طَائِرٌ لَمْ يَرَهُ أَحد، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى؛ طَيْراً أَبابِيلَ؛ هِيَ عَنْقاءُ مُغْرِبَة. أَبو عُبَيْدٍ؛ مِنْ أَمثال الْعَرَبِ طَارَتْ بِهِمُ العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ. قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَ لأَهل الرَّسِّ نبيٌّ يُقَالُ لَهُ حَنْظَلَةُ بْنُ صَفْوان، وَكَانَ بأَرضهم جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ دَمْخ، مِصْعَدُهُ فِي السَّمَاءِ مِيلٌ، فَكَانَ يَنْتابُهُ طَائِرَةٌ كأَعظم مَا يَكُونُ، لَهَا عُنُقٌ طَوِيلٌ مِنْ أَحسن الطَّيْرِ، فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، وَكَانَتْ تَقَعُ مُنْقَضَّةً فَكَانَتْ تنقضُّ عَلَى الطَّيْرِ فتأْكلها، فَجَاعَتْ وانْقَضَّت عَلَى صبيٍّ فَذَهَبَتْ بِهِ، فَسُمِّيَتْ عَنْقاءَ مُغْرباً، لأَنها تَغْرُب بِكُلِّ مَا أَخذته، ثُمَّ انْقَضَّت عَلَى جَارِيَةٍ تَرعْرَعَت وَضَمَّتْهَا إِلَى جَنَاحَيْنِ لَهَا صَغِيرَيْنِ سِوَى جَنَاحَيْهَا الْكَبِيرَيْنِ، ثُمَّ طَارَتْ بِهَا، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى نَبِيِّهِمْ، فَدَعَا عَلَيْهَا فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهَا آفَةً فَهَلَكَتْ، فَضَرَبَتْهَا الْعَرَبُ مَثَلًا فِي أَشْعارها، وَيُقَالُ: أَلْوَتْ بِهِ العَنْقاءُ المُغْرِبُ، وَطَارَتْ بِهِ العَنْقاء. والعَنْقاء: العُقاب، وَقِيلَ: طَائِرٌ لَمْ يَبْقَ فِي أَيدي النَّاسِ مِنْ صِفَتِهَا غَيْرُ اسْمِهَا. والعَنْقاءُ: لَقَبُ رَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ، وَاسْمُهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَمْرٍو. والعَنْقاءُ: اسْمُ مَلِكٍ، وَالتَّأْنِيثُ عِنْدَ اللَّيْثِ لِلَفْظِ العَنْقاءِ. والتَّعانِيقُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

صَحَا القلبُ عَنْ سَلْمَى، وَقَدْ كَادَ لَا يَسْلُو، ... وأَقْفَرَ، مِنْ سَلْمَى، التَّعانِيقُ فالثِّقْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>