للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُعْلَم أَن الْمُشْتَرِيَ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَبُولُ الْبَيْعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ، وَكَذَلِكَ الْبَائِعُ خيارُه ثابتٌ فِي مِلْكِهِ قَبْلَ عَقْدِ الْبَيْعِ. والتَّفَرّقُ والافْتِراقُ سَوَاءٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْعَلُ التَّفَرّق للأَبدان والافْتِراقَ فِي الْكَلَامِ؛ يُقَالُ فَرَقْت بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فافْترقَا، وفَرَّقْتُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَتَفَرّقا. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَرِّقُوا عَنِ المَنِيَّة وَاجْعَلُوا الرأْس رأْسين

؛ يَقُولُ: إِذا اشْتَرَيْتُمُ الرَّقِيقَ أَو غَيْرَهُ مِنَ الْحَيَوَانِ فَلَا تُغَالوا فِي الثَّمَنِ وَاشْتَرُوا بِثَمَنِ الرأْس الْوَاحِدِ رأْسين، فإِن مَاتَ الْوَاحِدُ بَقِيَ الْآخَرُ فكأَنكم قَدْ فَرَّقتم مَالَكُمْ عَنِ الْمَنِيَّةِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: كَانَ يُفَرِّق بِالشَّكِّ وَيَجْمَعُ بِالْيَقِينِ

، يَعْنِي فِي الطَّلَاقِ وَهُوَ أَن يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى أَمر قَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ وَلَا يُعْلَم مَنِ المُصيبُ مِنْهُمْ فَكَانَ يُفَرِّق بَيْنَ الرَّجُلِ والمرأَة احْتِيَاطًا فِيهِ وَفِي أَمثاله مِنْ صُوَرِ الشَّكِّ، فإِن تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الشَّكِّ اليقينُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ فارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمِيتَتُه جَاهِلِيَّةٌ

؛ يَعْنِي أَن كُلَّ جَمَاعَةٍ عَقَدت عَقْداً يُوَافِقُ الْكِتَابَ والسنَّة فَلَا يَجُوزُ لأَحد أَن يُفَارِقَهُمْ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ، فإِن خَالَفَهُمْ فِيهِ اسْتَحَقَّ الْوَعِيدَ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ

فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ

أَي يَمُوتُ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الضَّلَالِ وَالْجَهْلِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ

؛ مَعْنَاهُ شَقَقْنَاهُ. والفِرْقُ: القِسْم، وَالْجَمْعُ أَفْراق. ابْنُ جِنِّي: وَقِرَاءَةُ مَنْ قرأَ

فَرَّقنا بِكُمُ الْبَحْرَ

، بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، شَاذَّةٌ، مِنْ ذَلِكَ، أَي جَعَلْنَاهُ فِرَقاً وأَقساماً؛ وأَخذتُ حَقِّيَ مِنْهُ بالتَّفَارِيق. والفِرْقُ: الفِلْق مِنَ الشَّيْءِ إِذا انْفَلَقَ مِنْهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ

. التَّهْذِيبُ: جاءَ تَفْسِيرُ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فِي آيَةٍ أُخرى وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ

؛ أَراد فانْفَرَق البحرُ فَصَارَ كَالْجِبَالِ العِظام وَصَارُوا فِي قَرَاره. وفَرَق بَيْنَ الْقَوْمِ يَفْرُق ويَفْرِق. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ

؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَرُوِيَ

عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ أَنه قرأَ فافْرِقْ بَيْنَنَا

، بِكَسْرِ الرَّاءِ. وفَرَّقَ بَيْنَهُمْ: كفَرَقَ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وتَفَرَّق الْقَوْمُ تَفَرُّقاً وتَفْرِيقاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. الْجَوْهَرِيُّ: فَرَقْتُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ أَفْرُق فَرْقاً وفُرْقاناً وفَرَّقْتُ الشيءَ تَفْريقاً وتَفْرِقةً فانْفَرقَ وافْتَرَقَ وتَفَرَّق، قَالَ: وفَرَقْتُ أَفْرُق بَيْنَ الْكَلَامِ وفَرَّقْتُ بَيْنَ الأَجسام، قَالَ: وَقَوْلُ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: البَيِّعان بِالْخِيَارِ مَا لَم يَتَفَرقا

بالأَبدان، لأَنه يُقَالُ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فَتَفَرَّقا. والفُرْقة: مَصْدَرُ الافْتِرَاقِ. قَالَ الأَزهري: الفُرْقة اسْمٌ يُوضَعُ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ الْحَقِيقِيِّ مِنَ الافْتِرَاقِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ مَسْعُودٍ: صلَّيت مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمِنًى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ ثُمَّ تَفَرَّقَتْ بِكُمُ الطُرُق

، أَي ذَهَبَ كُلٌّ مِنْكُمْ إِلى مَذْهَبٍ ومَالَ إِلى قَوْلٍ وَتَرَكْتُمُ السُّنة. وفارَقَ الشيءَ مُفَارقةً وفِرَاقاً: بايَنَهُ، وَالِاسْمُ الفُرْقة. وتَفَارق القومُ: فَارَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وفَارَقَ فُلَانٌ امرأَته مُفَارقةً وفِراقاً: بايَنَها. والفِرْقُ والفِرْقةُ والفَرِيقُ: الطَّائِفَةُ مِنَ الشَّيْءِ المُتَفَرِّق. والفِرْقةُ: طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، والفَرِيقُ أَكثر مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَفارِيق الْعَرَبِ

، وَهُوَ جَمْعُ أَفْراقٍ، وأَفراقٌ جَمْعُ فِرْقةٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الفَرِيقُ مِنَ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ فِرْقة مِنْهُ، والفَرِيقُ المُفارِقُ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

أَتَجْمعُ قَوْلًا بالعِراقِ فَرِيقُهُ، ... وَمِنْهُ بأَطْلالِ الأَرَاكِ فَرِيقُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>