أَراد التَّوْرَاةَ فسَمّى جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فُرْقاناً وَسَمَّى الْكِتَابَ الْمُنَزَّلَ على مُوسَى، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فُرْقاناً، وَالْمَعْنَى أَنه تَعَالَى فَرَقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَآتَيْنَا مُحَمَّدًا الفُرْقانَ، قَالَ: وَالْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ وَاحْتَجَجْنَا لَهُ مِنَ الْكِتَابِ بِمَا احْتَجَجْنَا هُوَ الْقَوْلُ. والفَارُوقُ: مَا فَرَّقَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ. وَرَجُلٌ فارُوقٌ: يُفَرِّقُ مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ. والفارُوقُ: عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، رَضِيَ الله عنه، سماه الله بِهِ لتَفْريقه بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لأَنه ضَرَبَ بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِهِ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ، وَقِيلَ: إِنه أَظهر الإِسلام بِمَكَّةَ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْكُفْرِ والإِيمان؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ:
أَشْبَهْتَ مِنْ عُمَرَ الفارُوقِ سِيرَتَهُ، ... فاقَ البَرِيَّةَ وأْتَمَّتْ بِهِ الأُمَمُ
وَقَالَ عُتْبَةُ بْنُ شِمَاسٍ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَيضاً:
إِن أَوْلى بِالْحَقِّ فِي كُلِّ حَقٍّ، ... ثُمَّ أَحْرَى بأَن يَكُونَ حَقِيقا،
مَنْ أَبوهُ عبدُ العَزِيزِ بنُ مَرْوانَ، ... ومَنْ كَانَ جَدُّه الفارُوقا
والفَرَقُ: مَا انْفَلَقَ مِنْ عَمُودِ الصُّبْحِ لأَنه فارَقَ سَوَادَ اللَّيْلِ، وَقَدِ انْفَرَقَ، وَعَلَى هَذَا أَضافوا فَقَالُوا أَبْين مِنْ فَرَق الصُّبْحِ، لُغَةٌ فِي فَلَق الصُّبْحِ، وَقِيلَ: الفَرَقُ الصُّبْحُ نَفْسُهُ. وانْفَرَقَ الفجرُ وانْفَلَق، قَالَ: وَهُوَ الفَرَق والفَلَقُ لِلصُّبْحِ؛ وأَنشد:
حَتَّى إِذا انْشَقَّ عَنْ إِنسانه فَرَقٌ، ... هادِيهِ فِي أُخْرَياتِ الليلِ مُنْتَصِبُ
والفارِقُ مِنَ الإِبل: الَّتِي تُفارق إِلْفَها فَتَنْتَتِجُ وَحْدَهَا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي أَخذها المَخاض فَذَهَبَتْ نادَّةً فِي الأَرض، وَجَمْعُهَا فُرَّق وفَوارِق، وَقَدْ فَرَقَتْ تَفْرُق فُروقاً، وَكَذَلِكَ الأَتان؛ وأَنشد الأَصمعي لعُمارة بْنِ طَارِقٍ:
اعْجَلْ بغَرْبٍ مِثْلَ غَرْبِ طارقِ، ... ومَنْجَنُون كالأَتان الْفَارِقِ،
مِنْ أَثْلِ ذاتِ العَرْض والمَضايقِ
قَالَ: وَكَذَلِكَ السَّحَابَةُ الْمُنْفَرِدَةُ لَا تَخَلُّفَ وَرُبَّمَا كَانَ قَبْلَهَا رَعْدٌ وَبَرْقٌ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَو مُزْنَة فارِق يَجْلُو غوارِبَها ... تَبوُّجُ البرقِ والظلماءُ عُلْجُومُ
الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا شَبَّهُوا السَّحَابَةَ الَّتِي تَنْفَرِدُ مِنَ السَّحَابِ بِهَذِهِ النَّاقَةِ فَيُقَالُ فَارِقٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: سَحَابَةٌ فارِقٌ مُنْقَطِعَةٌ مِنْ مُعْظَمِ السَّحَابِ تُشَبَّهُ بالفارِقِ مِنَ الإِبل؛ قَالَ عَبْدُ بَنِي الحَسْحاسِ يَصِفُ سَحَابًا:
لَهُ فُرَّقٌ مِنْهُ يُنَتَّجْنَ حَوْلَهُ، ... يفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِّماثِ السَّوابيا
فَجَعَلَ لَهُ سَوَابِيَ كَسَوَابِي الإِبل اتِّسَاعًا فِي الْكَلَامِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُجْمَعُ أَيضاً عَلَى فُرَّاق؛ قَالَ الأَعشى:
أَخرجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلةُ الوَدْقِ ... رَجُوسٌ، قدَّامَها فُرّاقُ
ابْنُ الأَعرابي: الفارقُ مِنَ الإِبل الَّتِي تَشْتَدُّ ثُمَّ تُلْقي وَلَدَهَا مِنْ شِدَّةِ مَا يَمُرُّ بِهَا مِنَ الْوَجَعِ. وأَفْرَقَتِ النَّاقَةُ: أَخرجت وَلَدَهَا فكأَنها فارَقَتْه. وَنَاقَةٌ مُفْرق: فَارَقَهَا وَلَدُهَا، وَقِيلَ: فَارَقَهَا بِمَوْتٍ، وَالْجَمْعُ مَفارِيق. وَنَاقَةُ مُفْرِق: تَمْكُثُ سَنَتَيْنِ أَو ثَلَاثَا لَا تَلْقَح. ابْنُ