الْهَيْثَمِ: فِي حَرْفِ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الأَنف لُغَاتٌ خَمْسٌ: مُؤق ومَأْق، مَهْمُوزَانِ وَيُجْمَعَانِ أَمآقاً؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
فارَقْتُ لَيْلى ضَلَّةً، ... فنَدِمْتُ عِنْدَ فِرَاقها
فَالْعَيْنُ تُذْرِي دَمْعها، ... كالدُّرِّ مِنْ أَمْآقِها
وَقَدْ يُتْرَكُ هَمْزُهَا فَيُقَالُ مُوق ومَاق، وَيُجْمَعَانِ أَمْواقاً إِلَّا فِي لُغَةِ مَنْ قَلَبَ فَقَالَ آمَاقٌ؛ وَأَنْشَدَ ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْخَنْسَاءِ:
تَرَى آمَاقَهَا الدهرَ تَدْمع
وَيُقَالُ: مُؤقٍ عَلَى مُفْعل فِي وَزْنِ مُؤبٍ، وَيَجْمَعُ هَذَا مَآقِي؛ وأَنشد لِحَسَّانَ:
مَا بالُ عَيْنِك لَا تَنام، كأَنَّما ... كُحِلَت مَآقِيهَا بكُحل الإِثْمِدِ؟
وَقَالَ آخَرُ:
وَالْخَيْلُ تُطْعَنُ شَزْراً فِي مَآقِيهَا
وَقَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط:
كأَنما عَيْناهُ فِي وَقْبَيْ حَجَرْ، ... بَيْنَ مَآقٍ لَمْ تُخَرَّقْ بالإِبَرْ
وَقَالَ مُعَقِّرٌ فِي مُفْرَدِهِ:
ومَأْقي عَيْنها حَذِل نَطُوف
وَقَالَ مُزَاحِمٌ الْعُقَيْلِيُّ فِي تَثْنِيَتِهِ:
أَتَحْسِبُها تُصَوِّب مَأْقِيَيْها؟ ... غَلبتُك، وَالسَّمَاءِ وَمَا بَناها
وَيُرْوَى:
أَتَزْعُمها يُصَوَّب ماقِياها
وَيُقَالُ: هَذَا مَاقِي الْعَيْنِ عَلَى مِثَالِ قَاضِي الْبَلْدَةِ، وَيُهْمَزُ فَيُقَالُ مَأْقي، وَلَيْسَ لِهَذَا نَظِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فِيمَا قَالَ نُصَيْرٌ النَّحْوِيُّ، لأَن أَلف كُلِّ فَاعِلٍ مِنْ بَنَاتِ الأَربعة مِثْلَ داعٍ وقاضٍ ورامٍ وعالٍ لَا يُهْمَزُ، وَحُكِيَ الْهَمْزُ فِي مَأْقي خَاصَّةً. الْفَرَّاءُ فِي بَابِ مَفْعَل: مَا كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ مِنْ دَعَوْت وقَضَيْت فالمَفْعَل فِيهِ مَفْتُوحٌ، اسْمًا كَانَ أَو مَصْدَرًا، إِلَّا المَأْقي مِنَ الْعَيْنِ فَإِنَّ الْعَرَبَ كَسَرَتْ هَذَا الْحَرْفَ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنه قَالَ فِي مَأْوَى الإِبل مَأْوي، فَهَذَانِ نَادِرَانِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا. اللِّحْيَانِيُّ: الْقَلْبُ فِي مَأْق فيمَنْ لُغَتُهُ مَأْقٌ ومُؤق أَمْقُ الْعَيْنِ، وَالْجَمْعُ آمَاقٍ، وَهِيَ فِي الأَصل أَمْآق فَقُلِبَتْ، فَلَمَّا وَحَّدُوا قَالُوا أَمْق لأَنهم وَجَدُوهُ فِي الْجَمْعِ كَذَلِكَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ مَأْقي جَعَلَهُ مَواقي؛ وأَنشد:
كأَنَّ اصْطِفاق المَأْقِيَيْنِ بِطَرْفِهَا ... نَثِيرُ جُمانٍ، أخطأَ السِّلْك ناظِمُه
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه كَانَ يَمْسَحُ المَأْقِيَين
، وَهِيَ تَثْنِيَةُ المأْقي؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فظَلَّ خَلِيلِي مُسْتَكِيناً كأَنه ... قَذًى، فِي مَواقي مُقْلَتيْهِ يُقَلْقِلُ
جَمْعُ مَاقِي؛ وَقَالَتِ الْخَنْسَاءُ فِي مُفْرَدِهِ:
مَا إنْ يَجفّ لَهَا مِنْ عَبْرةٍ مَاقِي
وَقَالَ اللَّيْثُ: مُؤق الْعَيْنِ مُؤَخَّرُهُ ومَأْقُها مُقَدَّمُهَا، رَوَاهُ عَنْ أَبي الدُّقَيْشِ. قَالَ: وَرُوِيَ
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه كَانَ يَكْتَحِلُ مِنْ قِبَلِ مُؤقه مَرَّةً وَمِنْ قبَلِ مأْقِهِ مَرَّةً
، يَعْنِي مُقَدَّمَ الْعَيْنِ وَمُؤَخَّرَهَا. قَالَ الزُّهْرِيُّ: وأَهل اللُّغَةِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَن المُؤق والمَأْق حَرْفُ الْعَيْنِ الَّذِي يَلِي الأَنف وأَن الَّذِي يَلِي