للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونَطَّق الماءُ الأَكَمَةَ وَالشَّجَرَةَ: نَصَفَها، وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ النِّطاق عَلَى التَّشْبِيهِ بالنِّطاق الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ، وَاسْتَعَارَهُ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، للإِسلام، وَذَلِكَ أَنه

قِيلَ لَهُ: لِمَ لَا تَخْضِبُ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ خَضَب؟ فَقَالَ: كَانَ ذَلِكَ والإِسلامُ قُلٌّ، فأَما الْآنَ فَقَدِ اتَّسَعَ نِطاقُ الإِسلام فامْرَأً وَمَا اخْتَارَ.

التَّهْذِيبُ: إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ النِّصْف مِنَ الشَّجَرَةِ والأَكَمَة يُقَالُ قَدْ نَطَّقَها؛ وَفِي حَدِيثِ

الْعَبَّاسِ يَمْدَحُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

حَتَّى احْتَوى بَيْتُكَ المُهَيْمِنُ مِنْ ... خِنْدِفَ عَلْياءَ، تَحْتَهَا النُّطُقُ

النُّطُق: جَمْعُ نِطاقٍ وَهِيَ أَعراضٌ مِنْ جِبال بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ أَي نواحٍ وأَوساط مِنْهَا شُبِّهَتْ بالنُّطُق الَّتِي يُشَدُّ بِهَا أَوْسَاطُ النَّاسِ، ضَرَبَهُ مَثَلًا لَهُ فِي ارْتِفَاعِهِ وَتَوَسُّطِهِ فِي عَشِيرَتِهِ، وَجَعَلَهُمْ تَحْتَهُ بِمَنْزِلَةِ أَوْسَاطِ الْجِبَالِ، وأَراد بِبَيْتِهِ شَرَفَهُ، والمُهَيْمِنُ نَعْتُهُ أَي حَتَّى احْتَوَى شَرَفُكَ الشَّاهِدُ عَلَى فَضْلِكَ أَعْلَى مَكَانٍ مِنْ نسبِ خِنْدِفَ. وَذَاتُ النِّطاقِ أَيضاً: اسْمُ أَكَمةٍ لَهُمْ. ابْنُ سيدة: ونُطُق الماء طرائقه، أَراه عَلَى التَّشْبِيهِ بِذَلِكَ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

يُحِيلُ فِي جَدْوَل تَحْبُو ضفادعُهُ، ... حَبْوَ الجَواري تَرى فِي مَائِهِ نُطُقا

والنَّاطِقةُ: الخاصرة.

نعق: النَّعِيقُ: دُعَاءُ الرَّاعِي الشَّاءَ. يُقَالُ: انْعِقْ بضأْنك أَي ادْعُها؛ قَالَ الأَخطل:

انْعِقْ بضَأْنك، يَا جَريرُ، فإنَّما ... مَنَّتْكَ نفسُك فِي الخَلاء ضَلَالَا

ونَعَق الرَّاعِي بِالْغَنَمِ يَنْعِقُ، بِالْكَسْرِ، نَعْقاً ونُعاقاً ونَعِيقاً ونَعَقاناً: صَاحَ بِهَا وَزَجَرَهَا، يَكُونُ ذَلِكَ فِي الضأْن وَالْمَعِزِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِبِشْرِ:

وَلَمْ يَنْعِقْ بناحيةِ الرِّقاقِ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه قَالَ لِنِسَاءِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ لِمَا مَاتَ: ابْكِين وإيّاكنَّ ونَعيقَ الشَّيْطَانِ

، يَعْنِي الصِّيَاحَ والنَّوْح، وَأَضَافَهُ إِلَى الشَّيْطَانِ لأَنه الْحَامِلُ عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ الْمَدِينَةِ:

آخرُ مَنْ يُحْشر رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ يُرِيدَانِ الْمَدِينَةَ يَنْعِقانِ بِغَنَمِهِمَا

أَيْ يَصِيحَانِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَضَافَ المَثَل إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ شَبَّهَهُمْ بِالرَّاعِي وَلَمْ يَقُلْ كَالْغَنَمِ، وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، مَثَل الَّذِينَ كَفَرُوا كَالْبَهَائِمِ الَّتِي لَا تَفْقَهُ مَا يَقُولُ الرَّاعِي أَكْثَرَ مِنَ الصَّوْتِ، فَأَضَافَ التَّشْبِيهَ إِلَى الرَّاعِي وَالْمَعْنَى فِي المَرْعِيّ، قَالَ: وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ فُلَانٌ يَخَافُكَ كَخَوْفِ الأَسد، الْمَعْنَى كخوفِهِ الأَسدَ لأَن الأَسد مَعْرُوفٌ أَنه المَخُوف، وَقَالَ أَبو إسحق: ضَرَبَ اللَّهُ لَهُمْ هَذَا الْمَثَلَ وَشَبَّهَهُمْ بِالْغَنَمِ المَنْعُوق بِمَا لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا الصَّوْتُ، فَالْمَعْنَى مَثَلُك يَا مُحَمَّدُ ومَثَلُهم كمَثَل الناعِقِ والمَنْعُوق بِهَا بِمَا لَا يَسْمَعُ، لأَن سَمْعَهُمْ لَمْ يَكُنْ يَنْفَعُهُمْ فَكَانُوا فِي تَرْكِهِمْ قبولَ مَا يَسْمَعُونَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ. ونَعَقَ الغرابُ نَعِيقاً ونُعاقاً؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانَيِّ، وَالْغَيْنُ فِي الْغُرَابِ أَحسن، قَالَ الأَزهري: نَعَق الغرابُ ونَغَقَ، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ جَمِيعًا. ونَعِيقُ الْغُرَابِ ونُعاقه ونَغِيقُه ونُغاقُه: مِثْلُ نَهِيق الْحِمَارِ ونُهاقِه، وشَحِيجِ الْبَغْلِ وشُحاجِه، وصَهِيلِ وصُهال الْخَيْلِ وزَحير وزُحار، قَالَ: وَالثِّقَاتُ مِنَ الأَئمة يَقُولُونَ كَلَامُ الْعَرَبِ نَغَق الْغُرَابُ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، ونَعَق الرَّاعِي بِالشَّاءِ، بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>