وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي التَّشَهُّدِ:
السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ
، لأَن مَنْ أَسْعَدَهُ اللَّهُ بِمَا أَسْعَدَ بِهِ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَدْ نَالَ السَّعَادَةَ الْمُبَارَكَةَ الدَّائِمَةَ. وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ:
وبارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ
أَيْ أَثْبِتْ لَهُ وَأَدِمْ مَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ التَّشْرِيفِ وَالْكَرَامَةِ، وَهُوَ مِنْ بَرَكَ الْبَعِيرُ إِذَا أَنَاخَ فِي مَوْضِعٍ فَلَزِمَهُ؛ وَتُطْلَقُ البَرَكَةُ أَيْضًا عَلَى الزِّيَادَةِ، والأَصلُ الأَولُ. وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ سُلَيْمٍ: فحنَّكه وبَرَّك عَلَيْهِ
أَيْ دَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ. وَيُقَالُ: باركَ اللَّهُ لَكَ وَفِيكَ وَعَلَيْكَ وتَبَارك اللَّهُ أَيْ بَارَكَ اللَّهُ مِثْلَ قاتَلَ وتَقاتَلَ، إِلَّا أَنَّ فاعلَ يتعدى وتفاعلَ لَا يَتَعَدَّى. وتَبَرّكْتُ بِهِ أَيْ تَيَمَّنْتُ بِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها
؛ التَّهْذِيبُ: النَّارُ نُورُ الرَّحْمَنِ، وَالنُّورُ هُوَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى، ومَنْ حَوْلَهَا مُوسَى وَالْمَلَائِكَةُ. وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ
، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ حَوْلَها الْمَلَائِكَةُ
، الْفَرَّاءُ: إِنَّهُ فِي حَرْفِ
أُبَيٍّ أَنْ بُورِكَت النارُ ومنْ حَوْلَهَا
، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ باركَكَ اللَّهُ وبارَكَ فِيكَ، قَالَ الأَزهري: مَعْنَى بَرَكة اللَّهِ عُلُوُّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ وَقَالَ
أَبُو طَالِبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
بُورِكَ المَيِّتُ الغريبُ، كَمَا بُورك ... نَضْحُ الرُّمَّان وَالزَّيْتُونِ
وَقَالَ:
بارَك فِيكَ اللهُ مِنْ ذِي ألِ
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَبارَكْنا عَلَيْهِ
. وَقَوْلُهُ: بارَكَ اللَّهُ لَنَا فِي الْمَوْتِ؛ مَعْنَاهُ بَارَكَ اللَّهُ لَنَا فِيمَا يُؤَدِّينَا إِلَيْهِ الْمَوْتُ؛ وَقَوْلُ أَبِي فِرْعَوْنَ:
رُبَّ عجوزٍ عِرْمس زَبُون، ... سَرِيعة الرَّدِّ عَلَى الْمِسْكِينِ
تَحْسَبُ أنَّ بُورِكاً يَكْفِينِي، ... إِذَا غَدَوتُ باسِطاً يَميني
جَعَلَ بُورِك اسَمًا وَأَعْرَبَهُ، ونحوٌ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: مِنْ شُبٍّ إِلَى دُبٍّ؛ جَعَلَهُ اسْمًا كدُرٍّ وبُرٍّ وَأَعْرَبَهُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى يَعْنِي الْقُرْآنَ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ
، يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ نَزَلَ فِيهَا جُملةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ نَزَلَ عَلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. وَطَعَامٌ بَرِيكٌ: مُبَارَكٌ فِيهِ. وَمَا أبْرَكَهُ: جَاءَ فعلُ التَّعَجُّبِ عَلَى نِيَّةِ الْمَفْعُولِ. وتباركَ اللَّهُ: تقدَّس وَتَنَزَّهَ وَتَعَالَى وَتَعَاظَمَ، لَا تَكُونُ هَذِهِ الصِّفَةُ لِغَيْرِهِ، أَيْ تطَهَّرَ. والقُدْس: الطُّهْرُ. وَسُئِلَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَنْ تَفْسِيرِ تبارَكَ اللهُ فَقَالَ: ارْتَفَعَ. والمُتبارِكُ: الْمُرْتَفِعُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: تبارَكَ تفاعَلَ مِنَ البَرَكة، كَذَلِكَ يَقُولُ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَرَوَى
ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَعْنَى البَرَكة الْكَثْرَةُ فِي كُلِّ خَيْرٍ
، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ:
تَبارَكَ تَعَالَى وَتَعَاظَمَ
، وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: تبارَكَ اللَّهُ أَيْ يُتَبَرَّكُ بِاسْمِهِ فِي كُلِّ أَمْرٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ فِي تَفْسِيرِ تبارَكَ اللَّهُ: تَمْجِيدٌ وَتَعْظِيمٌ. وتبارَكَ بِالشَّيْءِ: تَفاءَل بِهِ. الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ*
، قَالَ: الْمُبَارَكُ مَا يَأْتِي مِنْ قِبَله الْخَيْرُ الْكَثِيرُ وَهُوَ مِنْ نَعْتِ كِتَابٍ، وَمَنْ قَالَ
أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكًا
جَازَ فِي غَيْرِ الْقِرَاءَةِ. اللِّحْيَانِيُّ: بارَكْتُ عَلَى التِّجَارَةِ وَغَيْرِهَا أَيْ وَاظَبْتُ عَلَيْهَا، وَحَكَى بَعْضُهُمْ تباركتُ بِالثَّعْلَبِ الَّذِي تباركتَ بِهِ. وبَرَكَ الْبَعِيرُ يَبْرُكُ بُروكاً أَيِ اسْتَنَاخَ، وأبرَكته أَنَا فبَرَكَ، وَهُوَ قَلِيلٌ، والأَكثر أنَخْتُه فَاسْتَنَاخَ. وبَرَكَ: أَلْقَى بَرْكَهُ بالأَرض وَهُوَ صَدْرُهُ، وبَرَكَتِ الإِبل تَبْرُكُ بُروكاً وبَرَّكَتْ: قَالَ الرَّاعِي: