للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ

قَالَ مُجَاهِدٌ: أَم تواطأَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ السُّدِّيِّ لأَن مَعْنَى تواطأَ تَحَقَّقَ وَاتَّفَقَ حِينَ لَا يَنْفَعُهُمْ، لَا عَلَى أَنه تواطأَ بالحَدْس كَمَا ظَنَّهُ الْفَرَّاءُ؛ قَالَ شَمِرٌ: وَرُوِيَ لَنَا حَرْفٌ عَنِ ابْنِ الْمُظَفَّرِ قَالَ وَلَمْ أَسمعه لِغَيْرِهِ ذَكَرَ أَنه قَالَ أَدْرَكَ الشيءُ إِذا فَنِيَ، فإِن صَحَّ فَهُوَ فِي التَّأْوِيلِ فَنِيَ علمُهم فِي مَعْرِفَةِ الْآخِرَةِ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، قَالَ: وَمَا عَلِمْتُ أَحداً قَالَ أَدْرك الشيءُ إِذا فَنِيَ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَلَكِنْ يُقَالُ أَدْرَكتِ الثِّمار إِذا بَلَغَتْ إِناهَا وَانْتَهَى نُضْجها؛ وأَما مَا رُوِيَ

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنه قرأَ بَلَى آأَدْرَكَ عِلْمهم فِي الْآخِرَةِ

، فَإِنَّهُ إِن صَحَّ اسْتِفْهَامٌ فِيهِ رَدٌّ وَتَهَكُّمٌ، وَمَعْنَاهُ لَمْ يُدْرِكْ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ أَبي حَمْزَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِهِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ؛ مَعْنَى أَم أَلف الِاسْتِفْهَامِ كأَنه قَالَ أَله الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ، اللَّفْظُ لَفْظُ الِاسْتِفْهَامِ وَمَعْنَاهُ الرَّدُّ وَالتَّكْذِيبُ لَهُمْ، وَقَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: لَا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى

؛ أَي لَا تَخَافُ أَن يُدْرِكَكَ فرعونُ وَلَا تَخْشَاهُ، وَمَنْ قرأَ

لَا تَخَفْ

فَمَعْنَاهُ لَا تَخَفْ أَن يُدْرِكَكَ وَلَا تخشَ الْغَرَقَ. والدَّرْكُ والدَّرَكُ: أَقصى قَعْر الشَّيْءِ، زَادَ التَّهْذِيبُ: كَالْبَحْرِ وَنَحْوِهِ. شَمِرٌ: الدَّرَكُ أَسفل كُلِّ شَيْءٍ ذِي عُمْق كالرَّكِيَّة وَنَحْوِهَا. وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: يُقَالُ أَدْرَكوا مَاءَ الرَّكيّة إِدراكاً، ودَرَك الرَّكِيَّة قَعْرُهَا الَّذِي أُدرِكَ فِيهِ الْمَاءُ، والدَّرَكُ الأَسفل فِي جَهَنَّمَ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا: أَقصى قَعْرِهَا، وَالْجَمْعُ أَدْرَاك. ودَرَكاتُ النارِ: مَنَازِلُ أَهلها، وَالنَّارُ دَرَكات وَالْجَنَّةُ دَرَجَاتٌ، وَالْقَعْرُ الْآخِرُ دَرْك ودَرَك، والدَّرَك إِلى أَسفل والدَّرَجُ إِلى فَوْقٍ، وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ الدَّرَك الأَسفل مِنَ النَّارِ، بِالتَّحْرِيكِ وَالتَّسْكِينِ، وَهُوَ وَاحِدُ الأَدْراك وَهِيَ مَنَازِلُ فِي النَّارِ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا. التَّهْذِيبُ: والدَّرَكُ وَاحِدٌ مِنْ أَدْرَاك جَهَنَّمَ مِنَ السَّبْعِ، والدَّرْكُ لُغَةٌ فِي الدَّرَك. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ

، يُقَالُ: أَسفل دَرَجِ النَّارِ. ابْنُ الأَعرابي: الدَّرْك الطَّبَقُ مِنْ أَطباق جَهَنَّمَ، وَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: الدَّرْكُ الأَسفل توابِيتُ مِنْ حَدِيدٍ تصَفَّدُ عَلَيْهِمْ فِي أَسفل النَّارِ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: جَهَنَّمُ دَرَكاتٌ أَي مَنَازِلُ وأَطباق، وَقَالَ غَيْرُهُ: الدَّرَكات بَعْضُهَا تَحْتَ بَعْضٍ قَالَ الأَزهري: والدَّرَجات مَنَازِلُ ومَرَاقٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فالدَّرَكات ضِدُّ الدَّرَجات. وَفِي حَدِيثِ

الْعَبَّاسِ: أَنه قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَما كَانَ يَنْفَعُ عَمَّك مَا كَانَ يَصْنَعُ بِكَ؟ كَانَ يَحْفَظُكَ ويَحْدَب عَلَيْكَ، فَقَالَ: لَقَدْ أُخْرِجَ بِسَبَبِي مِنْ أَسفل دَرَك مِنَ النَّارِ فَهُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، مَا يَظُنُّ أَن أَحداً أَشدُّ عَذَابًا مِنْهُ، وَمَا فِي النَّارِ أَهون عَذَابًا مِنْهُ

؛ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا دَلَّ عَلَى أَن أَسفل الدَّرَكِ أَشدُّ الْعَذَابِ لِجَعْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِياه ضِدًّا للضَّحضاح أَو كَالضِّدِّ لَهُ، والضَّحضاح أُريد بِهِ الْقَلِيلُ مِنَ الْعَذَابِ مِثْلُ الْمَاءِ الضَّحْضَاحِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الغَمْر؛ وَقِيلَ لأَعرابي: إِن فُلَانًا يَدَّعِي الْفَضْلَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: لَوْ كَانَ أَطول مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ مَا بَلَغَ فَضْلِي وَلَوْ وَقَعَ فِي ضَحْضاح لغَرِقَ أَي لَوْ وَقَعَ فِي الْقَلِيلِ مِنْ مِيَاهِ شَرَفي وَفَضْلِي لَغَرِقَ فِيهِ. قَالَ الأَزهري: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَقُولُ لِلْحَبْلِ الَّذِي يُعَلَّقُ فِي حَلْقةِ التَّصْديرِ فَيُشَدُّ بِهِ القَتَبُ الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ، وَيُقَالُ لِلْحَبَلِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ العَرَاقي ثُمَّ يُشَدّ الرِّشاءُ فِيهِ وَهُوَ مَثْنِيُّ الدَّرَكُ. الْجَوْهَرِيُّ: والدَّرَك، بِالتَّحْرِيكِ، قِطْعَةُ حَبْلٍ يُشَدُّ فِي طَرَفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>