وتَمَسَّكتُ بِهِ واسْتَمْسَكت بِهِ وامْتَسَكْتُ كُلُّه بِمَعْنَى اعْتَصَمْتُ، وَكَذَلِكَ مَسَّكت بِهِ تَمْسِيكاً، وقرئَ
وَلَا تُمَسِّكوا بعِصَمِ الكَوافرِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى *
؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
بأَيِّ حَبْلِ جِوارٍ كُنْتُ أَمْتَسِكُ
وَلِي فِيهِ مُسْكة أَيْ مَا أَتَمَسَّكُ بِهِ. والتَّمَسُّك: اسْتِمْساكك بِالشَّيْءِ، وَتَقُولُ أَيضاً: امْتَسَكْت بِهِ؛ قَالَ الْعَبَّاسُ:
صَبَحْتُ بِهَا القومَ حَتَّى امْتَسكْتُ ... بالأَرْضِ، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا
وَرُوِيَ عَنِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بشيءِ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا أُحرِّم إِلَّا مَا حَرَّم اللَّهُ
؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَعْنَاهُ إِنْ صحَّ أنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَحل لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَشياء حَظَرَها عَلَى غَيْرِهِ مِنْ عَدَدِ النِّسَاءِ وَالْمَوْهُوبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَفَرَضَ عَلَيْهِ أَشياء خَفَّفَهَا عَنْ غَيْرِهِ فَقَالَ: لَا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ بِشَيْءٍ، يَعْنِي بِمَا خصِّصْتُ بِهِ دُونَهُمْ فَإِنَّ نِكَاحِي أَكثر مِنْ أَربع لَا يَحِلُّ لَهُمْ أَن يَبْلُغُوهُ لأَنه انْتَهَى بِهِمْ إِلَى أَربع، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مَا وَجَبَ عليَّ مِنْ تَخْيِيرِ نِسَائِهِمْ لأَنه لَيْسَ بِفَرْضٍ عَلَيْهِمْ. وأَمْسَكْتُ عَنِ الْكَلَامِ أَيْ سَكَتُّ. وَمَا تَماسَكَ أَنْ قَالَ ذَلِكَ أَيْ مَا تَمَالَكَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَنْ مَسَّك مِنْ هَذَا الفَيْءِ بشيءٍ
أَيْ أَمسَك. والمُسْكُ والمُسْكةُ: مَا يُمْسِكُ الأَبدانَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَقِيلَ: مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنْهُمَا، وَتَقُولُ: أَمْسَك يُمْسِكُ إمْساكاً. وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ أَبي هالَة فِي صِفَةِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بادنٌ مُتَماسك
؛ أَرَادَ أَنه مَعَ بَدَانَتِهِ مُتَماسك اللَّحْمِ لَيْسَ بِمُسْتَرْخِيهِ وَلَا مُنْفَضِجه أَيْ أَنَّهُ مُعْتَدِلُ الْخَلْقِ كأَن أعضاءَه يُمْسِك بَعْضُهَا بَعْضًا. وَرَجُلٌ ذُو مُسْكةٍ ومُسْكٍ أَيْ رأْي وَعَقْلٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَفُلَانٌ لَا مُسْكة لَهُ أَيْ لَا عَقْلَ لَهُ. وَيُقَالُ: مَا بِفُلَانٍ مُسْكة أَيْ مَا بِهِ قوَّة وَلَا عَقْلٌ. وَيُقَالُ: فِيهِ مُسْكَةٌ مِنْ خَيْرٍ، بِالضَّمِّ، أَيْ بَقِيَّةٌ. وأَمْسَكَ الشيءَ: حَبَسَهُ. والمَسَكُ والمَسَاكُ: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُمْسِك الماءَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. وَرَجُلٌ مَسِيكٌ ومُسَكَةٌ أَيْ بَخِيلٌ. والمِسِّيك: الْبَخِيلُ، وَكَذَلِكَ المُسُك، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالسِّينِ، وَفِي حَدِيثِ
هِنْدِ بِنْتِ عُتْبة: أَنَّ أَبا سُفْيَانَ رَجُلٌ مَسِيكٌ
أَيْ بَخِيلٌ يُمْسِكُ مَا فِي يَدَيْهِ لَا يُعْطِيهِ أَحداً وَهُوَ مِثْلُ الْبَخِيلِ وَزْنًا وَمَعْنًى. وَقَالَ أَبو مُوسَى: إِنَّهُ مِسِّيكٌ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ، بِوَزْنِ الخِمِّير والسِّكِّير أَيْ شَدِيدُ الإِمْساك لِمَالِهِ، وَهُوَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ، قَالَ: وَقِيلَ المِسِّيك الْبَخِيلُ إلَّا أَنَّ الْمَحْفُوظَ الأَول؛ وَرَجُلٌ مُسَكَةٌ، مِثْلُ هُمَزَة، أَيْ بَخِيلٌ؛ وَيُقَالُ: هُوَ الَّذِي لَا يَعْلَقُ بِشَيْءٍ فَيَتَخَلَّصَ مِنْهُ وَلَا يُنازِله مُنازِلٌ فيُفْلِتَ، وَالْجَمْعُ مُسَكٌ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ فِيهِمَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: التَّفْسِيرُ الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، وَهَذَا الْبِنَاءُ أَعْنِي مُسَكة يَخْتَصُّ بِمَنْ يَكْثُرُ مِنْهُ الشَّيْءُ مِثْلُ الضُّحكة والهُمَزَة. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ قَالَ لَهُ ابْنُ عُرَانَةَ: أَما هَذَا الحَيُّ مِنْ بَلْحرث بْنِ كَعْبٍ فَحَسَكٌ أَمْراسٌ، ومُسَكٌ أَحْماس، تَتَلَظَّى المَنايا فِي رِماحِهِم
؛ فَوَصَفَهُمْ بالقوَّة والمَنَعةِ وأَنهم لِمَنْ رَامَهُمْ كَالشَّوْكِ الحادِّ الصُّلْب وَهُوَ الحَسَك، وَإِذَا نازَلوا أَحداً لَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ وَلَمْ يَتَخَلَّصْ؛ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حِلِّزة:
وَلَمَّا أَن رأَيتُ سَراةَ قَوْمِي ... مَسَاكَى، لَا يَثُوبُ لَهُمْ زَعِيمُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ مَسَاكَى فِي بَيْتِهِ