للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صُبَّةٌ، كَالْيَمَامِ، تَهْوِي سِراعاً، ... وعَدِيٌّ كمِثْلِ شِبْهِ المَضِيق

والأَسْيَق صُبَبٌ كَالْيَمَامِ، إِلّا أَنه آثَرَ إِتْمَامَ الْجُزْءِ عَلَى الْخَبْنِ، لأَن الشُّعَرَاءَ يَخْتَارُونَ مِثْلَ هَذَا؛ وإِلّا فَمُقَابَلَةُ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ أَشكل. وَالْيَمَامُ: طَائِرٌ. والصُّبَّة مِنَ الإِبل وَالْغَنَمِ: مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الثَّلَاثِينَ والأَربعين؛ وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين. وَفِي الصِّحَاحِ عَنْ أَبي زَيْدٍ: الصُّبَّة مِنَ الْمَعَزِ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين؛ وَقِيلَ: هِيَ مِنَ الإِبل مَا دُونَ الْمِائَةِ، كالفِرْق مِنَ الْغَنَمِ، فِي قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الفِرْقَ مَا دُونَ الْمِائَةِ. والفِزْرُ مِنَ الضأْنِ: مِثلُ الصُّبَّة مَنِ المِعْزَى؛ والصِّدْعَةُ نَحْوُهَا، وَقَدْ يُقَالُ فِي الإِبل. والصُّبَّة: الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ

شَقِيقٍ، قَالَ لِإِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ: أَلم أُنَبَّأْ أَنكم صُبَّتان؟

صُبَّتان أَي جَمَاعَتَانِ جَمَاعَتَانِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَلا هلْ عَسَى أَحد مِنْكُمْ أَن يَتَّخِذ الصُّبَّة مِنَ الْغَنَمِ؟

أَي جَمَاعَةً مِنْهَا، تَشْبِيهًا بِجَمَاعَةِ النَّاسِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ اختُلِف فِي عَدِّهَا فَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْعِشْرِينَ إِلى الأَربعين مِنَ الضأْن وَالْمَعَزِ، وَقِيلَ: مِنَ الْمَعَزِ خَاصَّةً، وَقِيلَ: نَحْوَ الْخَمْسِينَ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلى السَّبْعِينَ. قَالَ: والصُّبَّة مِنَ الإِبل نَحْوَ خَمْسٍ أَو سِتٍّ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: اشْتَرَيْتُ صُبَّة مِنْ غَنَمٍ.

وَعَلَيْهِ صُبَّة مِنْ مَالٍ أَي قَلِيلٌ. والصُّبَّة والصُّبَابة، بِالضَّمِّ: بَقِيَّةُ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِهِمَا تَبْقَى فِي الإِناء وَالسِّقَاءِ؛ قَالَ الأَخطل فِي الصَّبَابَةِ:

جَادَ القِلالُ لَهُ بذاتِ صُبابةٍ، ... حمراءَ، مِثلِ شَخِيبَةِ الأَوداجِ

الْفَرَّاءُ: الصُّبَّة والشَّول وَالْغَرَضُ «٢»: الْمَاءُ الْقَلِيلُ. وتصابَبْت الْمَاءَ إِذا شَرِبْتَ صُبابته. وَقَدِ اصطَبَّها وتَصَبَّبَها وتَصابَّها. قَالَ الأَخطلُ، وَنَسَبَهُ الأَزهريّ لِلشَّمَّاخِ:

لَقَوْمٌ، تَصابَبْتُ المعِيشَةَ بعدَهم، ... أَعزُّ عَلَيْنَا مِنْ عِفاءٍ تَغَيَّرا

جَعَلَهُ لِلْمَعِيشَةِ «٣» صُباباً، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ؛ أَي فَقْدُ مَنْ كُنْتُ مَعَهُ أَشدُّ عليَّ مِنِ ابْيِضَاضِ شَعَرِي. قَالَ الأَزهري: شَبَّهَ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَيْشِ بِبَقِيَّةِ الشراب يَتَمَزَّزُه ويَتَصابُّه. وَفِي حَدِيثُ

عُتْبَةَ بْنِ غَزوان أَنه خَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصَرْم وولَّتْ حَذَّاء، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلا صُبابَةٌ كصُبابَة الإِناءِ

؛ حَذَّاء أَي مُسرِعة. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصَّبَابَةُ البَقِيَّة الْيَسِيرَةُ تَبْقَى فِي الإِناءِ مِنَ الشَّرَابِ، فإِذا شَرِبَهَا الرَّجُلُ قَالَ تَصابَبْتُها؛ فأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

ولَيْلٍ، هَدَيْتُ بِهِ فِتْيَةً، ... سُقُوا بِصُبابِ الكَرَى الأَغْيد

قَالَ: قَدْ يَجُوزُ أَنه أَراد بصُبابة الكَرَى فَحَذَفَ الْهَاءَ؛ كَمَا قَالَ الْهُذَلِيُّ:

أَلا ليتَ شِعْري هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ ... عِيادي عَلَى الهِجْرانِ، أَم هُوَ بائسُ؟

وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَجْعَلَهُ جَمْعَ صُبابة، فَيَكُونُ مِنَ الْجَمْعِ الَّذِي لَا يُفَارِقُ وَاحِدَهُ إِلا بالهاءِ كَشُعَيْرَةٍ وَشَعِيرٍ. وَلَمَّا اسْتَعَارَ السَّقْيَ لِلْكَرَى، اسْتَعَارَ الصُّبابة لَهُ أَيضاً، وَكُلُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَثَلِ. وَيُقَالُ: قد تَصابَّ فلان


(٢). قوله [والغرض] كذا بالنسخ التي بأيدينا وشرح القاموس ولعل الصواب البرض بموحدة مفتوحة فراء ساكنة.
(٣). وقوله [جعله للمعيشة إلخ] كذا بالنسخ وشرح القاموس ولعل الأَحسن جعل للمعيشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>