للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ يَصِفُ إِبلًا:

نَواهِكُ بَيُّوتِ الحِياض إِذا غَدَتْ ... عَلَيْهِ، وَقَدْ ضَمَّ الضَّرِيبُ الأَفاعِيَا

ونَهَكْت الناقةَ حَلْباً أَنْهَكُها إِذا نقَصْتها فَلَمْ يَبْقَ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: غَيْرُ مُضِرٍّ بنَسْلٍ وَلَا ناهِكٍ فِي حَلَبٍ

أَي غَيْرُ مُبَالَغٍ فِيهِ. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لِلْخَافِضَةِ: أَشِمِّي وَلَا تَنْهَكي

أَي لَا تُبالغي فِي اسْتِقْصَاءِ الْخِتَانِ وَلَا فِي إِسْحاتِ مَخفِضِ الْجَارِيَةِ، وَلَكِنِ اخْفِضِي طُرَيفَه. والمَنْهوك مِنَ الرَّجَزِ والمنْسرح: مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ كَقَوْلِهِ فِي الرَّجَزِ:

يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعْ

وَقَوْلُهُ فِي الْمُنْسَرِحِ:

وَيْلُ امِّ سَعْدٍ سعْدَا

وإِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنك حَذَفْتَ ثُلُثَيْهِ فَنَهَكْتَه بِالْحَذْفِ أَي بَالَغْتَ فِي إِمْرَاضِهِ والإِجحاف بِهِ. والنَّهْك: الْمُبَالَغَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ. والنّاهِك والنَّهِيكُ: الْمُبَالَغُ فِي جَمِيعِ الأَشياء. الأَصمعي: النَّهْك أَن تُبَالِغَ فِي الْعَمَلِ، فإِن شَتَمْتَ وبالغتَ فِي شَتْم العِرْض قِيلَ: انْتَهَكَ عِرْضَه. والنَّهِيكُ والنَّهُوكُ مِنَ الرِّجَالِ: الشجاعُ، وَذَلِكَ لِمُبَالَغَتِهِ وثَباته لأَنه يَنْهَك عَدُوَّه فيَبْلُغ مِنْهُ، وَهُوَ نَهِيكٌ بَيِّنُ النَّهاكة فِي الشَّجَاعَةِ، وَهُوَ مِنَ الإِبل الصَّؤُولُ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:

فَلَوْ نُبِزُوا بأَبي ماعِزٍ ... نَهِيكِ السلاحِ، حَدِيدِ البَصَرْ

أَراد أَن سِلَاحَهُ مبالِغٌ فِي نَهْك عَدُوِّهِ. وَقَدْ نَهُكَ، بِالضَّمِّ، يَنْهُكُ نَهاكَةً إِذا وُصِفَ بِالشَّجَاعَةِ وَصَارَ شُجَاعًا. وَفِي حَدِيثِ

مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ: كَانَ مِنْ أَنْهَكِ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

، أَي مِنْ أَشجعهم. وَرَجُلٌ نَهِيكٌ أَي شُجَاعٌ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:

وأَعْلم أَنَّ الموتَ لَا بُدّ مُدْرِكٌ، ... نَهِيكٌ عَلَى أَهلِ الرُّقَى والتَّمائمِ

فَسَّرَهُ فَقَالَ: نَهِيكٌ قَوِيٌّ مُقْدِم مُبَالِغٌ. وَرَجُلٌ مَنْهُوك إِذا رأَيته قَدْ بَلَغ مِنْهُ الْمَرَضُ. ومَنْهوكُ الْبَدَنِ: بَيِّنُ النَّهْكَة فِي الْمَرَضِ. ونَهَك فِي الطَّعَامِ: أَكل مِنْهُ أَكلًا شَدِيدًا فَبَالَغَ فِيهِ؛ يُقَالُ: مَا يَنْفَكُّ فُلَانٌ يَنْهَك الطَّعَامَ إِذا مَا أَكل يَشْتَدُّ أَكلُه. ونَهَكْتُ مِنَ الطَّعَامِ أَيضاً: بالَغْتُ فِي أَكله. وَيُقَالُ: انْهَك مِنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَكَذَلِكَ عِرْضَه، أَي بالِغْ فِي شَتْمِهِ. الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: يُقَالُ مَا يَنْهَكُ فُلَانٌ يَصْنَعُ كَذَا وَكَذَا أَي مَا يَنْفَكُّ؛ وأَنشد:

لَمْ يَنْهَكُوا صَقْعاً إِذا أَرَمُّوا

أَي ضَرْباً إِذا سَكَتُوا؛ قَالَ الأَزهري: مَا أَعرف مَا قَالَهُ اللَّيْثُ وَلَا أَدري مَا هُوَ وَلَمْ أَسمع لأَحد مَا يَنْهَكُ يَصْنَعُ كَذَا أَي مَا يَنْفَكُّ لِغَيْرِ اللَّيْثِ، وَلَا أَحقُّه. وَقَالَ اللَّيْثُ: مَرَرْتُ بِرَجُلٍ ناهيكَ مِنْ رَجُلٍ أَي كَافِيكَ وَهُوَ غَيْرُ مُشْكل. وَرَجُلٌ يَنْهَكُ فِي العدُوّ أَي يُبَالِغُ فِيهِمْ. ونَهَكه عُقوبةً. بَالَغَ فِيهَا يَنْهَكه نَهْكاً. وَيُقَالُ: انْهَكْهُ عُقُوبَةً أَي ابْلُغْ فِي عُقُوبَتِهِ. ونَهَكَ الشيءَ وانْتَهَكَه: جَهده. وَفِي الْحَدِيثِ:

لِيَنْهَكِ الرجلُ مَا بَيْنَ أَصابعه أَو لَتَنتَهِكَنَّها النارُ

أَي ليُقْبِل عَلَى غَسْلِهَا إِقبالًا شَدِيدًا وَيُبَالِغْ فِي غَسْلِ مَا بَيْنَ أَصَابِعِهِ فِي الْوُضُوءِ مُبَالَغَةً حَتَّى يُنْعِمَ تنظيفَها، أَو لَتُبالِغَنَّ النارُ فِي إِحراقه. وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً:

انْهَكُوا الأَعقابَ أَو لتَنْهَكَنَّها النارُ

أَي

<<  <  ج: ص:  >  >>