وأُدْخِلوا فِيهَا وَهُمْ لَهَا كَارِهُونَ. الأَزهري: قومٌ هَلْكَى وهالِكُون. الْجَوْهَرِيُّ: وَقَدْ يُجْمَعُ هالِك عَلَى هَلْكَى وهُلَّاك؛ قَالَ زيادُ بْنُ مُنْقِذ:
تَرَى الأَرامِلَ والهُلَّاكَ تَتْبَعُه، ... يَسْتَنُّ مِنْهُ عَلَيْهِمْ وابِلٌ رَزِمُ
يَعْنِي بِهِ الْفُقَرَاءُ؛ وهَلَكَ الشيءَ وهَلَّكه وأَهْلَكَه؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
ومَهْمَهٍ هالِكِ مَنْ تَعَرَّجا، ... هائلةٍ أَهْوالُه مَنْ أَدْلَجا
يَعْنِي مُهْلِك، لُغَةُ تَمِيمٍ، كَمَا يُقَالُ لَيْلٌ غاضٍ أَي مُغْضٍ. وَقَالَ الأَصمعي فِي قَوْلِهِ هالِكِ مَنْ تَعَرَّجا أَي هالكِ المُتَعَرِّجين إِن لَمْ يُهَذَّبوا فِي السَّيْرِ أَي مَنْ تعرَّض فِيهِ هَلَكَ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
قَالَتْ سُلَيْمى هَلِّكوا يَسارا
الْجَوْهَرِيُّ: هَلَكَ الشيءُ يَهْلِكُ هَلاكاً وهُلوكاً ومَهْلَكاً ومَهْلِكاً ومَهْلُكاً وتَهْلُكَةً، وَالِاسْمُ الهُلْكُ، بِالضَّمِّ؛ قَالَ الْيَزِيدِيُّ: التَّهْلُكة مِنْ نَوَادِرِ الْمَصَادِرِ لَيْسَتْ مِمَّا يَجْرِي عَلَى الْقِيَاسُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَكَذَلِكَ التُّهْلوك الهَلاكُ؛ قَالَ: وأَنشد أَبو نُخَيْلة لشَبِيبِ بْنِ شَبَّةَ:
شَبيبُ، عَادَى اللهُ مِنْ يَجْفُوكا ... وسَبَّبَ اللهُ لَهُ تُهْلوكا
وأَهْلكه غَيْرُهُ واسْتَهْلَكه. وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ
أَبي هُرَيْرَةَ: إِذا قَالَ الرجلُ هَلَكَ الناسُ فَهُوَ أَهْلَكهم
؛ يُرْوَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا، فَمَنْ فَتَحَهَا كَانَتْ فِعْلًا مَاضِيًا وَمَعْنَاهُ أَن الغالِين الَّذِينَ يُؤيِسُون الناسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى يَقُولُونَ هَلَك الناسُ أَي اسْتَوْجَبُوا النَّارَ وَالْخُلُودَ فِيهَا بِسُوءِ أَعمالهم، فإِذا قَالَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي أَوجبه لَهُمْ لَا اللَّهُ تَعَالَى، أَو هُوَ الَّذِي لَمَّا قَالَ لَهُمْ ذَلِكَ وأَيأَسهم حَمَلَهُمْ عَلَى تَرْكِ الطَّاعَةِ وَالِانْهِمَاكِ فِي الْمَعَاصِي، فَهُوَ الَّذِي أَوقعهم فِي الْهَلَاكِ، وأَما الضَّمُّ فَمَعْنَاهُ أَنه إِذا قَالَ ذَلِكَ لَهُمْ فَهُوَ أَهْلَكهم أَي أَكثرهم هَلاكاً، وَهُوَ الرجلُ يُولَعُ بِعَيْبِ النَّاسِ ويَذْهبُ بِنَفْسِهِ عُجْباً، وَيَرَى لَهُ عَلَيْهِمْ فَضْلًا. وَقَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِهِ أَهلكهم أَي أَبْسَلُهم. وَفِي الْحَدِيثِ:
مَا خالَطتِ الصدقةُ مَالًا إِلَّا أَهْلَكَتْه
؛ قِيلَ: هُوَ حضٌّ عَلَى تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ مِنْ قَبْلِ أَن تَخْتَلِطَ بِالْمَالِ بَعْدَ وُجُوبِهَا فِيهِ فَتَذْهَبُ بِهِ، وَقِيلَ: أَراد تَحْذِيرَ العُمَّال عَنِ اخْتِزال شَيْءٍ مِنْهَا وَخَلْطِهِمْ إِياه بِهَا، وَقِيلَ: أَن يأْخذ الزَّكَاةَ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهَا. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَتاه سَائِلٌ فَقَالَ لَهُ: هَلَكْتُ وأَهْلَكْتُ
أَي أَهلكت عِيَالِي. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا
. وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَخبرني رُؤْبة أَنه يَقُولُ هَلَكْتَني بِمَعْنَى أَهْلَكتني، قَالَ: وَلَيْسَتْ بِلُغَتِي. أَبو عُبَيْدَةَ: تَمِيمٌ تَقُولُ هَلَكَه يَهْلِكُه هَلْكاً بِمَعْنَى أَهْلَكه. وَفِي الْمَثَلِ: فُلَانٌ هالِكٌ فِي الْهَوَالِكِ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو لِابْنِ جذْلِ الطِّعانِ:
تَجاوَزْتُ هِنْداً رَغْبَةً عَنْ قِتالِه، ... إِلى مالِكٍ أَعْشُو إِلى ذكْرِ مالكِ
فأَيْقَنْتُ أَني ثائِرُ ابن مُكَدَّمٍ، ... غَداةَ إِذٍ، أَو هالِكٌ فِي الهَوالِكِ
قَالَ: وَهَذَا شَاذٌّ عَلَى مَا فُسِّرَ فِي فَوَارِسَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَجُوزُ أَن يُرِيدَ هَالِكٌ فِي الأُمم الهَوالِك فَيَكُونُ جَمْعُ هَالِكَةٍ، عَلَى الْقِيَاسِ، وإِنما جَازَ فَوَارِسُ لأَنه مَخْصُوصٌ بِالرِّجَالِ فَلَا لَبْسَ فِيهِ، قَالَ: وَصَوَابُ إِنْشَادِ الْبَيْتِ:
فأَيقنت أَني عِنْدَ ذَلِكَ ثَائِرُ
والهَلَكَة: الهَلاكُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: هِيَ الهَلَكَة الهَلْكاءُ، وَهُوَ تَوْكِيدٌ لَهَا، كَمَا يُقَالُ هَمَجٌ هامجٌ.