للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَبَّاسِ أَحمد بْنُ يَحْيَى: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْآلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: آلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَنِ اتَّبَعَهُ قَرَابَةً كَانَتْ أَو غَيْرَ قَرَابَةٍ، وَآلُهُ ذُو قَرَابَتِهِ مُتَّبعاً أَو غَيْرَ مُتَّبع؛ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْآلُ والأَهل وَاحِدٌ، وَاحْتَجُّوا بأَن الْآلَ إِذا صُغِّرَ قِيلَ أُهَيْل، فكأَن الْهَمْزَةَ هَاءٌ كَقَوْلِهِمْ هَنَرْتُ الثَّوْبَ وأَنَرْته إِذا جَعَلْتَ لَهُ عَلَماً؛ قَالَ: وَرَوَى الْفَرَّاءُ عَنِ الْكِسَائِيِّ فِي تَصْغِيرِ آلٍ أُوَيْل؛ قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: فَقَدْ زَالَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ وَصَارَ الْآلُ والأَهل أَصلين لِمَعْنَيَيْنِ فَيَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ كُلُّ مَنِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ، قُرَابَةً كَانَ أَو غَيْرَ قُرَابَةٍ؛ وَرُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ أَنه سُئِلَ عَنْ

قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ

: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: قَالَ قَائِلٌ آلُهُ أَهله وأَزواجه كأَنه ذَهَبَ إِلى أَن الرَّجُلَ تَقُولُ لَهُ أَلَكَ أَهْلٌ؟ فَيَقُولُ: لَا وإِنما يَعْنِي أَنه لَيْسَ لَهُ زَوْجَةٌ، قَالَ: وَهَذَا مَعْنَى يَحْتَمِلُهُ اللِّسَانُ وَلَكِنَّهُ مَعْنَى كَلَامٍ لَا يُعْرَف إِلَّا أَن يَكُونَ لَهُ سَبَبُ كَلَامٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَن يُقَالَ لِلرَّجُلِ: تزوَّجتَ؟ فَيَقُولُ: مَا تأَهَّلت، فَيُعْرَف بأَول الْكَلَامِ أَنه أَراد مَا تَزَوَّجْتُ، أَو يَقُولُ الرَّجُلُ أَجنبت مِنْ أَهلي فَيُعْرَفُ أَن الْجَنَابَةَ إِنما تَكُونُ مِنَ الزَّوْجَةِ، فأَما أَن يَبْدَأَ الرَّجُلُ فَيَقُولُ أَهلي بِبَلَدِ كَذَا فأَنا أَزور أَهلي وأَنا كَرِيمُ الأَهْل، فإِنما يَذْهَبُ النَّاسُ فِي هَذَا إِلى أَهل الْبَيْتِ، قَالَ: وَقَالَ قَائِلٌ آلُ مُحَمَّدٍ أَهل دِينِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: وَمَنْ ذَهَبَ إِلى هَذَا أَشبه أَن يَقُولَ قَالَ اللَّهُ لِنُوحٍ: احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ، وَقَالَ نُوحٌ: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ، أَي لَيْسَ مِنْ أَهل دِينِكَ؛ قَالَ: وَالَّذِي يُذْهَب إِليه فِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ أَن مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ من أَهلك الذين أَمرناك بِحَمْلِهِمْ مَعَكَ، فإِن قَالَ قَائِلٌ: وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ*، فأَعلمه أَنه أَمره بأَن يَحْمِل مِنْ أَهله مَنْ لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْ أَهل الْمَعَاصِي، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ، قَالَ: وَذَهَبَ نَاسٌ إِلى أَن آلَ مُحَمَّدٍ قَرَابَتُهُ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ قَرَابَتِهِ، وإِذا عُدَّ آلُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الَّذِينَ إِليه نَسَبُهم، ومن يُؤْويه بَيْتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَو مَمْلُوكٍ أَو مَوْلى أَو أَحد ضَمَّه عِيَالُهُ وَكَانَ هَذَا فِي بَعْضِ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَل أَبيه دُونَ قَرَابَتِهِ مِنْ قِبَل أُمه، لَمْ يَجُزْ أَن يَسْتَدِلَّ عَلَى مَا أَراد اللَّهُ مِنْ هَذَا ثُمَّ رَسُولَهُ إِلا بسنَّة رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَالَ: إِن الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ دَلَّ عَلَى أَن آلَ مُحَمَّدٍ هُمُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ وعُوِّضوا مِنْهَا الخُمس، وَهِيَ صَلِيبة بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ، وَهُمُ الَّذِينَ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ بَعْدَ نَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجمعين. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِمُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَاخْتُلِفَ فِي آلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الَّذِينَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لَهُمْ، فالأَكثر عَلَى أَنهم أَهل بَيْتِهِ؛ قَالَ الشَّافِعِيُّ: دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ أَن آلَ مُحَمَّدٍ هُمُ الَّذِينَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ وَعُوِّضُوا مِنْهَا الخُمس، وَقِيلَ: آلُهُ أَصحابه وَمَنْ آمَنَ بِهِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

لَقَدْ أُعْطِي مِزْماراً مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ

، أَراد مِنْ مَزَامِيرِ دَاوُدَ نَفْسِهِ. وَالْآلُ: صِلَةٌ زَائِدَةٌ. وَآلُ الرَّجُلِ أَيضاً: أَتباعه؛ قَالَ الأَعشى:

فكذَّبوها بِمَا قَالَتْ، فَصَبَّحَهم ... ذُو آلِ حَسَّانَ يُزْجي السَّمَّ والسَّلَعا

يَعْنِي جَيْشَ تُبَّعٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ

. التَّهْذِيبُ: شَمِرٌ قَالَ أَبو عَدْنَانَ قَالَ لِي مَنْ لَا أُحْصِي

<<  <  ج: ص:  >  >>