للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِيثِ

لَا يَدْخُل النارَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقالُ ذَرَّة مِنْ إِيمان

؛ المِثْقال فِي الأَصل: مِقْدَارٌ مِنَ الْوَزْنِ أَيَّ شيءٍ كَانَ مِنْ قَلِيلٍ أَو كَثِيرٍ، فَمَعْنَى مِثْقال ذرَّة وَزْنُ ذَرَّةٍ، وَالنَّاسُ يُطْلِقُونَهُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الدِّينَارِ خَاصَّةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: قَوْلُ ابْنِ الأَثير النَّاسُ يُطْلِقُونَهُ فِي الْعُرْفِ عَلَى الدِّينَارِ خَاصَّةً قَوْلٌ فِيهِ تجوُّز، فإِنه إِن كَانَ عَنَى شَخْصَ الدِّينَارِ فَالشَّخْصُ مِنْهُ قَدْ يَكُونُ مِثْقَالًا وأَكثر وأَقل، وإِن كَانَ عَنى المِثْقَالَ الوَزْنَ الْمَعْلُومَ، فَالنَّاسُ يُطْلِقُونَ ذَلِكَ عَلَى الذَّهَبِ وَعَلَى الْعَنْبَرِ وَعَلَى الْمِسْكِ وَعَلَى الْجَوْهَرِ وَعَلَى أَشياء كَثِيرَةٍ قَدْ صَارَ وَزْنُهَا بِالْمَثَاقِيلِ مَعْهُودًا كالتِّرياق والرَّاوَنْد وَغَيْرِ ذَلِكَ. وزِنة المِثْقَالِ هَذَا المُتعامَلِ بِهِ الْآنَ: دِرْهَمٌ وَاحِدٌ وَثَلَاثَةُ أَسباع دِرْهَمٍ عَلَى التَّحْرِيرِ، يُوزَن بِهِ مَا اخْتِيرَ وَزْنه بِهِ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلى رِطْل مِصْرَ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ عُشْرُ عُشْرِ رِطْلٍ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ

، قَالَ: الْمَعْنَى أَن فَعْلة الإِنسان، وإِن صَغُرت، فَهِيَ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى يأْتي بِهَا. والمِثْقال: وَاحِدُ مَثَاقِيل الذَّهَبِ. قَالَ الأَصمعي: دِينَارٌ ثَاقِل إِذا كَانَ لَا يَنْقُصُ، وَدَنَانِيرُ ثَوَاقِل؛ ومِثْقَال الشَّيْءِ: مِيزانُه مِنْ مِثْلِهِ. وَقَوْلُهُمْ: أَلْقى عَلَيْهِ مَثَاقِيله أَي مُؤْنَتَهُ وثِقْله؛ حَكَاهُ أَبو نَصْرٍ؛ قُلْتُ: وَكَذَلِكَ قَوْلُ أَبي نَصْرٍ وَاحِدُ مَثَاقِيل الذَّهَبِ كَانَ الأَولى أَن يَقُولَ وَاحِدُ مَثَاقِيلِ الذَّهَبِ وَغَيْرُهُ، وإِلا فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ. والمُثَقَّلة: رُخامة يُثَقَّل بِهَا الْبِسَاطُ. وامرأَة ثَقَال: مِكْفال، وثَقَال: رَزان ذَاتُ مآكِمَ وكَفَلٍ عَلَى التَّفْرِقَةِ، فَرَّقُوا بَيْنَ مَا يُحْمل وَبَيْنَ مَا ثَقُل فِي مَجْلِسِهِ فَلَمْ يَخِفَّ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ، وَيُقَالُ: فِيهِ ثِقَل، وَهُوَ ثَاقِل؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:

وَفِيكَ، ابْنَ لَيْلى، عِزَّةٌ وبَسالة، ... وغَرْبٌ ومَوْزونٌ مِنَ الحِلْمِ ثاقِل

وَقَدْ يَكُونُ هَذَا عَلَى النَّسَبِ أَي ذُو ثِقَل. وبَعِيرٌ ثَقَالٌ؛ بَطِيءٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ أَبو حَنِيفَةَ قَوْلَ لَبِيدٍ:

فَبَاتَ السَّيْلُ يَحْفِرُ جَانِبَيْهِ، ... مِنَ البَقَّار، كالعَمِد الثَّقَال «٣»

وثَقَلَ الشيءَ يَثْقُلُه بِيَدِهِ ثَقْلًا: رَازَ ثِقَلَه. وثَقَلْت الشاةَ أَيضاً أَثْقُلُها ثَقْلًا: رَزَنْتها، وَذَلِكَ إِذَا رَفَعْتها لِتَنْظُرَ مَا ثِقَلُها مِنْ خفَّتها. وتَثَاقَلَ عَنْهُ: ثَقُل. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ

؛ وعَدَّاه بإِلى لأَن فِيهِ مَعْنَى مِلْتُم. وَحَكَى النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: ثَقَلَ إِلى الأَرض أَخْلدَ إِليها واطْمَأَنَّ فِيهَا، فإِذا صَحَّ ذَلِكَ تَعَدَّى اثَّاقَلْتم فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ

بإِلى، بِغَيْرِ تأْويل يُخْرِجُهُ عَنْ بَابِهِ. وتَثَاقَلَ القومُ: اسْتُنْهِضوا لنَجْدة فَلَمْ يَنْهَضوا إِليها. والتَّثَاقُل: التَّباطُؤُ مِنَ التَّحامُل فِي الْوَطْءِ، يُقَالُ: لأَطَأَنَّه وَطْءَ المُتَثَاقِل. والثَّقَل، بِالتَّحْرِيكِ: المَتاع والحَشَمُ، وَالْجَمْعُ أَثْقَال؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: الثَّقَل متاعُ الْمُسَافِرِ وحَشَمُه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

لَا ضَفَفٌ يَشْغَلُه وَلَا ثَقَل

وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الثَّقَل مِنْ جَمْعٍ بِلَيْل.

وَفِي حَدِيثِ

السَّائِبِ بْنِ زَيْدٍ: حُجَّ بِهِ فِي ثَقَل رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وثَقِلَة الْقَوْمِ، بِكَسْرِ الْقَافِ: أَثقالُهم. وَارْتَحَلَ الْقَوْمُ بثَقَلَتهم وثَقْلَتهم وثِقْلَتهم وثِقَلَتهم أَي


(٣). قوله [يحفر] الذي في الصحاح: يركب بدل يحفر

<<  <  ج: ص:  >  >>