للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ، وَهُوَ الاصْطِلابُ، وَكَذَلِكَ إِذا شَوَى اللَّحْمَ فأَسالَه، قَالَ الكُمَيْتُ الأَسَدِيّ:

واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَه، ... وَبَاتَ شَيْخُ العِيالِ يَصْطَلِبُ

احْتَلَّ: بِمَعْنَى حَلَّ. والبَرْكُ: الصَّدْرُ، واسْتَعارَهُ للشِّتاءِ أَي حَلَّ صَدْرُ الشِّتاء ومُعْظَمُه فِي مَنْزِلِهِ: يَصِفُ شِدَّةَ الزَّمَانِ وجَدْبَه، لأَن غالِبَ الجَدْبِ إِنما يَكُونُ فِي زَمَن الشِّتاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه لمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتاه أَصحابُ الصُّلُب

؛ قِيلَ: هُمُ الَّذِينَ يَجْمَعُون العِظام إِذا أُخِذَت عَنْهَا لُحومُها فيَطْبُخونها بالماءِ، فإِذا خَرَجَ الدَّسَمُ مِنْهَا جَمَعُوهُ وائْتَدَمُوا بِهِ. يُقَالُ: اصْطَلَبَ فلانٌ العِظام إِذا فَعَل بِهَا ذَلِكَ. والصُّلُبُ جَمْعُ صَليب، والصَّلِيبُ: الوَدَكُ. والصَّلِيبُ والصَّلَبُ: الصَّدِيدُ الَّذِي يَسيلُ مِنَ الْمَيِّتِ. والصَّلْبُ: مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبه، صَلْباً وأَصله مِنَ الصَّلِيب وَهُوَ الوَدَكُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: أَنه اسْتُفْتِيَ فِي اسْتِعْمَالِ صَلِيبِ المَوْتَى فِي الدِّلاءِ والسُّفُن، فَأَبى عَلَيْهِمْ

، وَبِهِ سُمِّي المَصْلُوب لِمَا يَسِيلُ مِنْ وَدَكه. والصَّلْبُ، هَذِهِ القِتْلة الْمَعْرُوفَةُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، لأَن وَدَكه وَصَدِيدَهُ يَسِيل. وَقَدْ صَلَبه يَصْلِبُه صَلْباً، وصَلَّبه، شُدِّدَ لِلتَّكْثِيرِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ

. وَفِيهِ: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ

؛ أَي عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ. والصَّلِيبُ: المَصْلُوبُ. والصَّليب الَّذِي يَتَّخِذُهُ النَّصَارَى عَلَى ذَلِكَ الشَّكْل. وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّلِيبُ مَا يَتَّخِذُهُ النَّصَارَى قِبْلَةً، والجَمْعُ صُلْبان وصُلُبٌ؛ قَالَ جَريرٌ:

لَقَدْ وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ، ... عَلَى بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ

وصَلَّب الراهبُ: اتَّخَذ فِي بِيعَته صَليباً؛ قَالَ الأَعشى:

وَمَا أَيْبُلِيٌّ عَلَى هَيْكَلٍ، ... بَناهُ وصَلَّبَ فِيهِ وَصَارَا

صارَ: صَوَّرَ. عَنْ أَبي عَلِيٍّ الْفَارِسِيِّ: وَثَوْبٌ مُصَلَّبٌ فِيهِ نَقْشٌ كالصَّلِيبِ. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذا رَأَى التَّصْلِيبَ فِي ثَوْب قَضَبه

؛ أَي قَطَع مَوْضِعَ التَّصْلِيبِ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ المُصَلَّبِ

؛ هو الَّذِي فِيهِ نَقشٌ أَمْثال الصُّلْبان. وَفِي حَدِيثِ

عَائِشَةَ أَيضاً: فَناوَلْتُها عِطافاً فرَأَتْ فِيهِ تَصْلِيباً، فَقَالَتْ: نَحِّيه عَني.

وَفِي حَدِيثِ

أُم سَلَمَةَ: أَنها كَانَتْ تَكرَه الثيابَ المُصَلَّبةَ.

وَفِي حَدِيثِ

جَرِيرٍ: رأَيتُ عَلَى الحسنِ ثَوْبًا مُصَلَّباً.

والصَّلِيبانِ: الخَشَبَتانِ اللَّتانِ تُعَرَّضانِ عَلَى الدَّلْوِ كالعَرْقُوَتَيْنِ؛ وَقَدْ صَلَبَ الدلْو وصَلَّبَها. وَفِي مَقْتَلِ

عُمَرَ: خَرَج ابنُه عُبيدُ اللَّهِ فَضَرَب جُفَيْنَةَ الأَعْجَمِيَّ، فَصَلَّب بَيْنَ عَيْنَيْه

، أَي ضَرْبَهُ عَلَى عُرْضِهِ، حَتَّى صَارَتِ الضَّرْبة كالصَّلِيب. وَفِي بَعْضِ الْحَدِيثِ:

صَلَّيْتُ إِلى جَنْبِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَوضَعْتُ يَدِي عَلَى خاصِرتي، فَلَمَّا صَلَّى، قَالَ: هَذَا الصَّلْبُ فِي الصَّلَاةِ. كَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَنْهَى عَنْهُ

أَي إِنه يُشْبِه الصَّلْبَ لأَنَّ الرَّجُلَ إِذا صُلِبَ مُدَّ يَدُه، وباعُهُ عَلَى الجِذْعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>