ومُحْتَبَل الفَرَس: أَرْساغه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
وَلَقَدْ أَغدو، وَمَا يَعْدِمُني ... صاحبٌ غَيْرُ طَوِيل المُحْتَبَل
أَي غَيْرُ طَوِيلِ الأَرساغ، وإِذا قَصُرت أَرساغه كَانَ أَشدّ. والمُحْتَبَل مِنَ الدَّابَّةِ: رُسْغُها لأَنه مَوْضِعُ الحَبْل الَّذِي يُشَدُّ فِيهِ. والأُحْبُول: الحِبالة. وَحَبَائِلُ الْمَوْتِ: أَسبابُه؛ وَقَدِ احْتَبَلَهم الموتُ. وشَعرٌ مُحَبَّل: مَضْفور. وَفِي حَدِيثِ
قَتَادَةَ فِي صِفَةِ الدَّجَّالِ، لَعَنَهُ اللَّهُ: إِنه مُحبَّل الشَّعْرِ
أَي كأَن كُلَّ قَرْن مِنْ قُرُونِ رأْسه حَبْل لأَنه جَعَلَهُ تَقاصيب لجُعُودة شَعْرِهِ وَطُولِهِ، وَيُرْوَى بِالْكَافِ
مُحَبَّك الشَّعر.
والحُبال: الشَّعر الْكَثِيرُ. والحَبْلانِ: الليلُ وَالنَّهَارُ؛ قَالَ مَعْرُوفُ بْنُ ظَالِمٍ:
أَلم تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، ... وأَنَّ الْفَتَى يُمْسِي بحَبْلَيْه عانِيا؟
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ فِي قِصَّةِ الْيَهُودِ وذُلِّهم إِلى آخِرِ الدُّنْيَا وَانْقِضَائِهَا: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ
؛ قَالَ الأَزهري: تَكَلَّمَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ وَاخْتَلَفَتْ مَذَاهِبُهُمْ فِيهَا لإِشكالها، فَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةَ إِلا أَن يَعْتَصِمُوا بحَبْل مِنَ اللَّهِ فأَضمر ذَلِكَ؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ:
رَأَتْني بحَبْلَيْها فَصَدَّت مَخافةً، ... وَفِي الحَبْل رَوْعاءُ الْفُؤَادِ فَرُوق
أَراد رأَتني أَقْبَلْتُ بحَبْلَيْها فأَضمر أَقْبَلْت كَمَا أَضمر الِاعْتِصَامَ فِي الْآيَةِ؛ وَرَوَى الأَزهري عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ أَحمد بْنِ يَحْيَى أَنه قَالَ: الَّذِي قَالَهُ الْفَرَّاءُ بَعِيدٌ أَن تُحْذف أَن وَتَبْقَى صِلَتُها، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى إِن شَاءَ اللَّهُ ضُرِبَت عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَينما ثُقِفوا بِكُلِّ مَكَانٍ إِلا بِمَوْضِعِ حَبْل مِنَ اللَّهِ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ كَمَا تَقُولُ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ فِي الأَمكنة إِلا فِي هَذَا الْمَكَانِ؛ قَالَ: وَقَوْلُ الشَّاعِرِ رأَتني بحَبْلَيْها فَاكْتَفَى بِالرُّؤْيَةِ مِنَ التَّمَسُّكِ، قَالَ: وَقَالَ الأَخفش إِلا بحَبْل مِنَ اللَّهِ إِنه اسْتِثْنَاءٌ خَارِجٌ مِنْ أَول الْكَلَامِ فِي مَعْنَى لَكِنْ، قَالَ الأَزهري: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ: أُوصيكم بِكِتَابِ اللَّهِ وعِتْرَتي أَحدهما أَعظم مِنَ الْآخَرِ وَهُوَ كِتَابُ اللَّهِ حَبْل مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلى الأَرض
أَي نُورٌ مَمْدُودٌ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ اتِّصَالُ كِتَابِ اللَّهِ «١» عَزَّ وَجَلَّ وإِن كَانَ يُتْلى فِي الأَرض ويُنسَخ ويُكتَب، وَمَعْنَى الحَبْل الْمَمْدُودِ نُورُ هُدَاه، وَالْعَرَبُ تُشَبِّه النُّورَ الْمُمْتَدَّ بالحَبْل والخَيْط؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ؛ يَعْنِي نُورَ الصُّبْحِ مِنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَالْخَيْطُ الأَبيض هُوَ نُورُ الصُّبْحِ إِذا تَبَيَّنَ للأَبصار وَانْفَلَقَ، وَالْخَيْطُ الأَسود دُونَهُ فِي الإِنارة لِغَلَبَةِ سَوَادِ اللَّيْلِ عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ نُعِتَ بالأَسود ونُعِت الْآخَرُ بالأَبيض، والخَيْطُ والحَبْل قَرِيبَانِ مِنَ السَّواء. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
وَهُوَ حَبْل اللَّهِ المَتِين
أَي نُورُ هُدَاهُ، وَقِيلَ عَهْدُه وأَمانُه الَّذِي يُؤمِن مِنَ الْعَذَابِ. والحَبْل: الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ. الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ للرَّمْل يَسْتَطِيلُ حَبْل، والحَبْل الرَّمْل الْمُسْتَطِيلُ شُبِّه بالحَبل. والحَبْل مِنَ الرَّمْلِ: المجتمِعُ الْكَثِيرُ الْعَالِي. والحَبْل: رَمْل يَسْتَطِيلُ وَيَمْتَدُّ. وَفِي حَدِيثِ
عُرْوَةَ بْنِ مُضَرِّس: أَتيتك من جَبَلَيْ طَيِء مَا تَرَكْتُ مِنْ حَبْل إِلا وَقَفْتُ عَلَيْهِ
؛ الحَبْل: الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الرَّمْل، وَقِيلَ الضَّخْمُ مِنْهُ، وَجَمْعُهُ حِبَال، وَقِيلَ: الحِبَال فِي الرَّمْلِ كالجِبال في
(١). قوله [اتصال كتاب الله] أي بالسماء