وصُهَيْبُ بْنُ سِنانٍ: رَجُلٌ، وَهُوَ الَّذِي أَراده الْمُشْرِكُونَ مَعَ نَفَرٍ مَعَهُ عَلَى تَرْكِ الإِسلام، وَقَتَلُوا بَعْضَ النَّفَرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ، فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: أَنا شَيْخٌ كَبِيرٌ، إِنْ كنتُ عَلَيْكُمْ لَمْ أَضُرَّكُم، وإِن كنتُ مَعَكُمْ لَمْ أَنفعكم، فخَلُّوني وَمَا أَنا عَلَيْهِ، وخُذُوا مَالِي. فقَبلوا مِنْهُ، وأَتى المدينةَ فَلَقِيَهُ أَبو بَكْرٍ الصديقُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ: رَبِحَ الْبَيْعُ يَا صُهَيْبُ. فَقَالَ لَهُ: وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يَا أَبا بَكْرٍ. وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ. وَفِي حاشيةٍ: والمُصَهَّبُ: صَفِيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ المُخْتَلِطُ.
صوب: الصَّوْبُ: نُزولُ المَطَر. صَابَ المَطَرُ صَوْباً، وانْصابَ: كِلَاهُمَا انْصَبَّ. ومَطَرٌ صَوْبٌ وصَيِّبٌ وصَيُّوبٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ
؛ قَالَ أَبو إِسحاق: الصَّيِّبُ هُنَا الْمَطَرُ، وَهَذَا مَثَلٌ ضَرَبه اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُنَافِقِينَ، كأَنّ الْمَعْنَى: أَو كأَصْحابِ صَيِّبٍ؛ فَجَعَلَ دينَ الإِسلام لَهُمْ مَثَلًا فِيمَا ينالُهم فِيهِ مِنَ الخَوْفِ وَالشَّدَائِدِ، وجَعَلَ مَا يَسْتَضِيئُون بِهِ مِنَ الْبَرْقِ مَثَلًا لِمَا يستضيئُون بِهِ مِنَ الإِسلام، وَمَا يَنَالُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ فِي الْبَرْقِ بِمَنْزِلَةِ مَا يَخَافُونَهُ مِنَ الْقَتْلِ. قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ. وكُلُّ نازِلٍ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ، فَقَدْ صابَ يَصُوبُ؛ وأَنشد:
كأَنَّهمُ صابتْ عَلَيْهِمْ سَحابَةٌ، ... صَواعِقُها لطَيرهنَّ دَبيبُ «١»
وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّوْبُ الْمَطَرُ. وصابَ الغيثُ بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ: جادَتْها. وصابَ الماءَ وصوَّبه: صبَّه وأَراقَه؛ أَنشد ثَعْلَبٌ فِي صِفَةِ ساقيتين:
وحَبَشِيَّينِ، إِذا تَحَلَّبا، ... قَالَا نَعَمْ، قَالَا نَعَمْ، وصَوَّبا
والتَّصَوُّبُ: حَدَبٌ فِي حُدُورٍ، والتَّصَوُّبُ: الِانْحِدَارُ. والتَّصْويبُ: خِلَافُ التَّصْعِيدِ. وصَوَّبَ رأْسَه: خَفَضَه. التَّهْذِيبُ: صَوَّبتُ الإِناءَ ورأْسَ الْخَشَبَةِ تَصْويباً إِذا خَفَضْته؛ وكُرِه تَصْويبُ الرأْسِ فِي الصَّلَاةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
مِنْ قَطَع سِدْرةً صَوَّبَ اللَّهُ رأْسَه فِي النَّارِ
؛ سُئِلَ أَبو دَاوُدَ السِّجسْتانيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ مُخْتَصَر، وَمَعْنَاهُ: مَنْ قَطَعَ سِدْرةً فِي فَلَاةٍ، يَسْتَظِلُّ بِهَا ابنُ السَّبِيلِ، بِغَيْرِ حَقٍّ يَكُونُ لَهُ فِيهَا، صَوَّبَ اللَّهُ رأْسَه أَي نكَّسَه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وصَوَّبَ يَده
أَي خَفَضَها. والإِصابةُ: خلافُ الإِصْعادِ، وَقَدْ أَصابَ الرجلُ؛ قَالَ كُثَيِّر عَزَّةَ:
ويَصْدُرُ شتَّى مِنْ مُصِيبٍ ومُصْعِدٍ، ... إِذا مَا خَلَتْ، مِمَّنْ يَحِلُّ، المنازِلُ
والصَّيِّبُ: السحابُ ذُو الصَّوْبِ. وصابَ أَي نَزَلَ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ وَلَكِنْ لمْلأَكٍ، ... تَنَزَّلَ، مِنْ جَوِّ السماءِ، يَصوبُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: البيتُ لرجلٍ مِنْ عبدِ الْقَيْسِ يمدَحُ النُّعْمانَ؛ وَقِيلَ: هُوَ لأَبي وجزَة يَمْدَحُ عبدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبير؛ وَقِيلَ: هُوَ لعَلْقَمَة بْنِ عَبْدَة. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي هَذَا البيتِ شاهدٌ عَلَى أَن قولَهم مَلَك حُذِفت مِنْهُ هَمْزَتُهُ وخُفِّفَت بِنَقْلِ حركتِها عَلَى مَا
(١). عجز هذا البيت غامض.