الْبَخِيلِ إِذا قَصَّرَ عَنِ العطاءِ بكفِّ الضَّبِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
مَناتِينُ، أَبْرامٌ، كأَنَّ أَكُفَّهُم ... أَكُفُّ ضِبابٍ أُنْشِقَتْ فِي الحَبائِلِ
وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَن الضَّبَّ لَيَموتُ هُزالًا فِي جُحْرِه بذَنْبِ ابْنِ آدَمَ
أَي يُحْبَسُ الْمَطَرُ عَنْهُ بشُؤْم ذُنُوبِهِمْ. وإِنما خَصَّ الضَّبَّ، لأَنَّه أَطْوَلُ الْحَيَوَانِ نَفَساً وأَصْبَرُها عَلَى الجُوع. وَيُرْوَى: أَن الحُبارَى بَدَل الضَّب لأَنها أَبعدُ الطَّيْرِ نَجْعَةً. وَرَجُلٌ خَبٌّ ضَبٌّ: مُنْكَرٌ مُراوِغٌ حَرِبٌ. والضَّبُّ والضِّبُّ: الغَيْظُ والحِقْدُ؛ وَقِيلَ: هُوَ الضِّغْن والعَداوة، وجَمْعه ضِباب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَمَا زالتْ رُقاكَ تَسُلُّ ضِغْني، ... وتُخْرِجُ، مِنْ مَكامِنها، ضِبابي
وَتَقُولُ: أَضَبَّ فلانٌ عَلَى غِلٍّ فِي قَلْبِهِ أَي أَضْمره. وأَضَبَّ الرجلُ عَلَى حِقْدٍ فِي الْقَلْبِ، وَهُوَ يُضِبُّ إِضْباباً. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ خَبّاً مَنُوعاً: إِنه لَخَبٌّ ضَبٌّ. قَالَ: والضَّبُّ الحِقْد فِي الصَّدْر. أَبو عَمْرٍو: ضَبَّ إِذا حَقَد. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كلٌّ مِنْهُمَا حاملُ ضَبٍّ لِصَاحِبِهِ.
وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عَنْهَا: فغَضِبَ القاسمُ وأَضَبَّ عَلَيْهَا.
وضَبَّ ضَبّاً، وأَضَبَّ بِهِ: سَكَتَ مثلُ أَضْبَأَ، وأَضَبَّ عَلَى الشيءِ، وضَبَّ: سَكَتَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَضَبَّ إِذا تَكَلَّمَ، وضَبَّ عَلَى الشيءِ وأَضَبَّ وضَبَّبَ: احْتواه. وأَضَبَّ الشيءَ: أَخفاه. وأَضَبَّ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ: أَمسكه. وأَضَبَّ القومُ: صَاحُوا وجَلَّبُوا؛ وَقِيلَ: تَكَلَّمُوا أَو كَلَّم بعضُهم بَعْضًا. وأَضَبُّوا فِي الْغَارَةِ: نَهَدوا واسْتَغارُوا. وأَضَبُّوا عَلَيْهِ إِذا أَكثروا عَلَيْهِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
فَلَمَّا أَضَبُّوا عَلَيْهِ
أَي أَكثروا. وَيُقَالُ: أَضَبُّوا إِذا تَكَلَّمُوا مُتَتَابِعًا، وإِذا نَهَضُوا فِي الأَمر جَمِيعًا. وأَضَبَّ فُلانٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ أَي سَكَتَ. الأَصمعي: أَضَبَّ فلانٌ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ أَي أَخرجه. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: أَضَبَّ القومُ إِذا سَكَتُوا وأَمسكوا عَنِ الْحَدِيثِ، وأَضَبُّوا إِذا تَكَلَّموا وأَفاضُوا فِي الْحَدِيثِ؛ وَزَعَمُوا أَنه مِنَ الأَضداد. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَضَبَّ الرَّجلُ إِذا تَكَلَّمَ، وَمِنْهُ يُقَالُ: ضَبَّتْ لِثَتُه دَمًا إِذا سالتْ، وأَضْبَبْتُها أَنا إِذا أَسَلْتُ مِنْهَا الدَّمَ، فكأَنه أَضَبَّ الْكَلَامَ أَي أَخرجه كَمَا يُخْرجُ الدَّمَ. وأَضَبَّ النَّعَمُ: أَقبلَ وَفِيهِ تَفَرُّقٌ. والضَّبُّ والتَّضْبيبُ: تَغْطِيَةُ الشَّيْءِ وَدُخُولُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ. والضَّبابُ: نَدًى كَالْغَيْمِ. وَقِيلَ: الضَّبابةُ سَحَابَةٌ تُغَشِّي الأَرضَ كَالدُّخَانِ، وَالْجَمْعُ: الضَّبابُ. وَقِيلَ: الضَّبابُ والضَّبابةُ نَدًى كالغُبار يُغشِّي الأَرضَ بالغَدَواتِ. وَيُقَالُ: أَضَبَّ يَومُنا، وسماءٌ مُضِبَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كنتُ مَعَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، فأَصابَتْنا ضَبابة فَرَّقت بَيْنَ النَّاسِ
؛ هِيَ البُخار المُتَصاعِدُ مِنَ الأَرض فِي يَوْمِ الدَّجْنِ، يَصِيرُ كالظُّلَّة تَحْجُبُ الأَبْصارَ لِظُلْمَتِهَا. وَقِيلَ: الضَّبابُ هُوَ السَّحَابُ الرَّقِيقُ؛ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَغطيته الأُفُق، واحدتُه ضَبابة. وَقَدْ أَضَبَّتِ السَّماءُ إِذا كَانَ لَهَا ضَبَابٌ. وأَضَبَّ الغيمُ: أَطْبَقَ. وأَضَبَّ يومُنا: صَارَ ذَا ضَبابٍ. وأَضَبَّتِ الأَرضُ: كَثُرَ نباتُها. ابْنُ بُزُرْج: