للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَزهري: وَقَدْ رأَيت بالخَلْصاء وَنَوَاحِي الدَّهْناء دُحْلاناً كَثِيرَةً، وَقَدْ دَخَلْت غَيْرَ دَحْلٍ مِنْهَا، وَهِيَ خَلَائِقُ خَلَقها اللَّهُ تَعَالَى تَحْتَ الأَرض، يَذْهَبُ الدَّحْل مِنْهَا سَكًّا فِي الأَرض قَامَةً أَو قَامَّتَيْنِ أَو أَكثر مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَتَلَجَّف يَمِينًا أَو شِمَالًا فمَرَّة يَضِيقُ وَمَرَّةً يَتَّسِعُ فِي صَفَاةٍ مَلْساء لَا تَحِيك فِيهَا المَعاوِلُ المحدَّدة لِصَلَابَتِهَا، وَقَدْ دَخلت مِنْهَا دَحْلًا فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلى الْمَاءِ إِذا جَوٌّ مِنَ الْمَاءِ الرَّاكِدِ فِيهِ لَمْ أَقف عَلَى سَعته وعُمْقه وَكَثْرَتِهِ لإِظلام الدَّحْل تَحْتَ الأَرض، فَاسْتَقَيْتُ أَنا مَعَ أَصحابي مِنْ مَائِهِ فإِذا هُوَ عَذْب زُلال لأَنه مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ يَسِيلُ إِليه مِنْ فَوْقُ وَيَجْتَمِعُ فِيهِ؛ قَالَ: وأَخبرني جَمَاعَةٌ مِنَ الأَعراب أَن دُحْلانَ الخَلْصاء لَا تَخْلُو مِنَ الْمَاءِ، وَلَا يُسْتَقَى مِنْهَا إِلّا للشِّفاء والخَبْل لِتَعَذُّرِ الِاسْتِقَاءِ مِنْهَا وبُعْدِ الْمَاءِ فِيهَا مِنْ فَوْهَة الدَّحْل، قَالَ: وَسَمِعْتُهُمْ يَقُولُونَ دَحَلَ فلانٌ الدَّحْلَ، بِالْحَاءِ، إِذا دَخَله؛ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَا يَعْتَادُهُ الشُّعَرَاءُ مِنْ ذِكْرِهِمُ الدَّحْلَ مَعَ أَسماء الْمَوَاضِعِ كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ:

إِذا شئتُ أَبكاني لجَرْعاء مالكٍ، ... إِلى الدَّحْل، مسْتَبْدًى لِمَيٍّ ومَحْضَرُ

فَقَدْ يَكُونُ سُمِّيَ الْمَوْضِعُ بِاسْمِ الْجِنْسِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ غَلَبَ عَلَيْهِ اسْمُ الْجِنْسِ كَمَا قَالُوا الزُّرْق فِي بِرَك مَعْرُوفَةٍ، وإِنما سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبَيَاضِ مَائِهَا وَصَفَائِهَا. والدَّحْلة: الْبِئْرُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

نَهَيْتُ عَمْراً ويَزِيدَ والطَّمَع، ... والحِرْص يَضْطَرُّ الْكَرِيمَ فيَقَع،

فِي دَحْلةٍ فَلَا يَكاد يُنْتَزَع

وَقَوْلُهُ: والطَّمَع، أَي نَهَيْتُهُمَا فَقَلَتْ لَهُمَا إِيّاكما والطَّمَع، فَحُذِفَ لأَن قَوْلَهُ نَهَيْتُ عَمْراً ويَزِيدَ فِي قُوَّةِ قَوْلِكَ قُلْت لَهُمَا إِيّاكما. والدَّحُول: الرَّكِيَّة الَّتِي تُحْفَر فَيُوجَدُ ماؤُها تَحْتَ أَجْوَالها فَتُحْفَرُ حَتَّى يُسْتَنْبَط مَاؤُهَا مِنْ تَحْتِ جَالِهَا. وبئرٌ دَحُولٌ: ذَاتُ تَلَجُّف فِي نَوَاحِيهَا، وَقِيلَ: بِئْرٌ دَحُول وَاسِعَةُ الْجَوَانِبِ. وَبِئْرٌ دَحُول أَي ذَاتُ تَلَجُّف إِذا أَكل الْمَاءُ جَوانبها. ودَحَلْت الْبِئْرَ أَدْحَلها إِذا حَفَرت فِي جَوَانِبِهَا. وَنَاقَةٌ دَحُولٌ: تُعارِض الإِبل مُتَنَحِّيةً عَنْهَا. والدَّحِل مِنَ الرِّجَالِ: الْمُسْتَرْخِي، وَقِيلَ الْعَظِيمُ الْبَطْنِ. أَبو عَمْرٍو: الدَّحِل والدَّحِن البَطِين الْعَرِيضُ البَطن. وَرَجُلٌ دَحِلٌ بَيِّن الدَّحَل أَي سَمِينٌ قَصِير مُنْدَلِق الْبَطْنِ. والدَّحِل: الدَّاهِيَةُ الخَدَّاع لِلنَّاسِ الْخَبِيثُ. الأَزهري: الدَّحِل والدَّحِن الخَبُّ الْخَبِيثُ، وَقَدْ دَحِلَ دَحَلًا، وَقِيلَ: الدَّحَل الدَّهاء فِي كَيْسٍ وحِذْق. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: وسأَلت الأَصمعي عَنْ قَوْلِ النَّاسِ فلانٌ دَحْلانِيٌّ، نَسَبُوهُ إِلى قَرْيَةٍ بِالْمَوْصِلِ أَهلُها أَكراد لُصُوص. والدَّوَاحِيل: خَشَبات عَلَى رؤُوسها خِرَقٌ كأَنها طَرَّادات قِصَارٌ تُرْكَز فِي الأَرض لصَيْد الحُمُر والظِّباء، وَاحِدُهَا دَاحُول، وَقِيلَ: الدَّاحُول مَا يَنْصِبُهُ صَائِدُ الظِّبَاءِ مِنَ الخَشَب، وَيُقَالُ لِلَّذِي يَصِيدُ الظِّباء بالدَّوَاحِيل دَحَّال، وَرُبَّمَا نَصَب الدَّحَّال حِبالَه بِاللَّيْلِ للظبِّاء ورَكَز دَوَاحِيلَه وأَوقد لَهَا السُّرُج؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَذْكُرُ ذَلِكَ:

ويَشْرَبْن أَجْناً، والنُّجومُ كأَنها ... مَصَابِيحُ دَحَّالٍ يُذَكِّي ذُبَالَها

وَيُقَالُ لِلصَّائِدِ دَحَّال، وَلَمْ يخصَّ صَائِدُ الظِّباء دُونَ غَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>