للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَي لَمَنَعُونِي بِقِتَالٍ، وَهِيَ النَّجْدة، أَو بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَهِيَ الرِّسْل. والتَّرَسُّل كالرِّسْل. والتَّرسُّلُ فِي الْقِرَاءَةِ والتَّرْسِيل وَاحِدٌ؛ قَالَ: وَهُوَ التَّحْقِيقُ بِلَا عَجَلة، وَقِيلَ: بعضُه عَلَى أَثر بَعْضٍ. وتَرَسَّلَ فِي قِرَاءَتِهِ: اتَّأَد فِيهَا. وَفِي الْحَدِيثِ

: كَانَ فِي كَلَامِهِ تَرْسِيلٌ

أَي تَرْتِيلٌ؛ يُقَالُ: تَرَسَّلَ الرجلُ فِي كَلَامِهِ وَمَشْيِهِ إِذا لَمْ يَعْجَل، وَهُوَ والتَّرَسُّل سَوَاءٌ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذا أَذَّنْتَ فتَرَسَّلْ

أَي تَأَنَّ وَلَا تَعْجَل. وَفِي الْحَدِيثِ

: أَن رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِن الأَرض إِذا دُفِن «٣» فِيهَا الإِنسان قَالَتْ لَهُ رُبَّما مَشَيت عليَّ فَدَّاداً ذَا مالٍ وَذَا خُيَلاء.

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:

أَيُّما رجلٍ كَانَتْ لَهُ إِبل لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا بُطِحَ لَهَا بِقاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤه بأَخفافها إِلَّا مَنْ أَعْطَى فِي نَجْدتها ورِسْلها

؛ يُرِيدُ الشِّدَّة وَالرَّخَاءَ، يَقُولُ: يُعْطي وَهِيَ سِمانٌ حِسانٌ يشتدُّ عَلَى مَالِكِهَا إِخراجُها، فَتِلْكَ نَجْدَتها، ويُعْطِي فِي رِسْلِها وَهِيَ مَهازِيلُ مُقارِبة، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ إِلَّا مَنْ أَعْطى فِي إِبله مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ إِعطاؤه فَيَكُونُ نَجْدة عَلَيْهِ أَي شدَّة، أَو يُعْطي مَا يَهُون عَلَيْهِ إِعطاؤُه مِنْهَا فَيُعْطِي مَا يُعْطِي مُسْتَهِينًا بِهِ عَلَى رِسْله؛ وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: إِلا مَنْ أَعْطى فِي رِسْلها؛ أَي بطِيب نِفْسٍ مِنْهُ. والرِّسْلُ فِي غَيْرِ هَذَا: اللَّبَنُ؛ يُقَالُ: كَثُرَ الرِّسْل العامَ أَي كثر اللبن، وقد تقدم تَفْسِيرُهُ أَيضاً فِي نَجَدَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ لَيْسَ للهُزال فِيهِ مَعْنًى لأَنه ذَكَرَ الرِّسْل بَعْدَ النَّجْدة عَلَى جِهَةِ التَّفْخِيمِ للإِبل، فَجَرَى مَجْرَى قَوْلِهِمْ إِلا مَنْ أَعْطى فِي سِمَنها وَحُسْنِهَا وَوُفُورِ لَبَنِهَا، قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلى مَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا مَعْنَى للهُزال، لأَن مَنْ بَذَل حَقَّ اللَّهِ مِنَ الْمَضْنُونِ بِهِ كَانَ إِلى إِخراجه مِمَّا يَهُونُ عَلَيْهِ أَسهل، فَلَيْسَ لِذِكْرِ الهُزال بَعْدَ السِّمَن مَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَحسن، وَاللَّهُ أَعلم، أَن يَكُونَ الْمُرَادُ بالنَّجْدة الشِّدَّةَ والجَدْب، وبالرِّسْل الرَّخاء والخِصْب، لأَن الرِّسْل اللَّبَنُ، وإِنما يَكْثُرُ فِي حَالِ الرَّخَاءِ والخِصْب، فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنه يُخْرج حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فِي حَالِ الضِّيقِ وَالسَّعَةِ والجَدْب والخِصْب، لأَنه إِذا أَخرج حَقَّهَا فِي سَنَةِ الضِّيقِ وَالْجَدْبِ كَانَ ذَلِكَ شَاقًّا عَلَيْهِ فإِنه إِجحاف بِهِ، وإِذا أَخرج حَقَّهَا فِي حَالِ الرَّخَاءِ كَانَ ذَلِكَ سَهْلًا عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الْحَدِيثِ

: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا نَجْدتها ورِسْلها؟ قَالَ: عُسْرها وَيُسْرُهَا

، فَسَمَّى النَّجْدة عُسْرًا والرِّسْل يُسْرًا، لأَن الجَدب عُسْرٌ، والخِصْب يُسْرٌ، فَهَذَا الرَّجُلُ يُعْطِي حَقَّهَا فِي حَالِ الْجَدْبِ وَالضِّيقِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنَّجْدَةِ، وَفِي حَالِ الخِصب وَالسَّعَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بالرِّسْل. وَقَوْلُهُمُ: افعلْ كَذَا وَكَذَا عَلَى رِسْلك، بِالْكَسْرِ، أَي اتَّئدْ فِيهِ كَمَا يُقَالُ عَلَى هِينتك. وَفِي حَدِيثِ

صَفِيَّة: فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: عَلَى رِسْلكما

أَي اتَّئِدا وَلَا تَعْجَلا؛ يُقَالُ لِمَنْ يتأَنى وَيَعْمَلُ الشَّيْءَ عَلَى هِينَتِهِ. اللَّيْثُ: الرَّسْل، بِفَتْحِ الرَّاءِ، الَّذِي فِيهِ لِينٌ وَاسْتِرْخَاءُ، يُقَالُ: نَاقَةٌ رَسْلة الْقَوَائِمِ أَي سَلِسة لَيِّنة الْمَفَاصِلِ؛ وأَنشد:

برَسْلة وُثّق مُلْتَقَاهَا، ... مَوْضِعَ جُلْب الكُور مِنْ مَطاها

وسَيْرٌ رَسْلٌ: سَهْل. واسْتَرْسَلَ الشيءُ: سَلِس. وَنَاقَةٌ رَسْلة: سَهْلَةُ السَّيْرِ، وجَمَل رَسْلٌ كَذَلِكَ، وَقَدْ رَسِلَ رَسَلًا ورَسَالة. وَشَعَرٌ رَسْل: مُسْترسِل. واسْتَرْسَلَ الشعرُ أَي صَارَ سَبْطاً. وناقة مِرْسَال:


(٣). قوله [إِنَّ الأَرض إِذَا دُفِنَ إلخ] هكذا في الأَصل وليس فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يناسب لفظ المادة، وقد ذَكَرَهُ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ فدد بغير هذا اللفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>