للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَرَكَةً شَدِيدَةً، وَالْقِرَاءَةُ زِلْزَالَها، بِكَسْرِ الزَّايِ، وَيَجُوزُ فِي الْكَلَامِ زَلْزَالَها، قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعْلال، بِفَتْحِ الْفَاءِ، إِلَّا فِي الْمُضَاعَفِ نحو الصَّلْصال والزَّلْزَال، قال: والزِّلْزَال، بالكسر، المصدر، والزَّلزَال، بِالْفَتْحِ، الِاسْمُ، وَكَذَلِكَ الوِسواس الْمَصْدَرُ، والوَسْواس الِاسْمُ. قَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِمْ: أَصابت القومَ زَلْزَلةٌ، قَالَ: الزَّلْزَلة التَّخْوِيفُ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ

؛ أَي خُوِّفوا وحُذِّروا. والزَّلازِل: الشَّدَائِدُ. والزَّلازِل: الأَهوال؛ قَالَ عِمْرانُ بْنُ حِطّان:

فَقَدْ أَظَلَّتك أَيام لَهَا خمسٌ، ... فِيهَا الزَّلازِلُ والأَهوالُ والوَهَلُ

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الزَّلْزَلَة مأْخوذة مِنَ الزَّلَل فِي الرأْي، فإِذا قِيلَ زُلْزِلَ القومُ فَمَعْنَاهُ صُرِفوا عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وأُوقِع فِي قُلُوبِهِمُ الخوفُ والحَذَر. وأُزِلَّ الرَّجُلُ فِي رأَيه حَتَّى زَلَّ، وأُزِيلَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى زَالَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

اللَّهُمَّ اهْزِم الأَحزاب وزَلْزِلْهم

؛ الزَّلْزَلَة فِي الأَصل: الْحَرَكَةُ الْعَظِيمَةُ والإِزعاج الشَّدِيدُ؛ وَمِنْهُ زَلْزَلَة الأَرض، وَهُوَ هَاهُنَا كِنَايَةٌ عَنِ التَّخْوِيفِ وَالتَّحْذِيرِ، أَي اجْعَلْ أَمرهم مُضْطَرِبًا مُتَقَلْقِلًا غَيْرَ ثَابِتٍ. وَفِي حَدِيثِ

عَطَاءٍ: لَا دَقَّ وَلَا زَلْزَلة فِي الكَيْل

أَي لَا يُحَرَّك مَا فِيهِ ويُهَزُّ لينضمَّ وَيَسَعَ أَكثر مِمَّا فِيهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: حَتَّى يَخْرج مِنْ حَلَمة ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ.

وإِزِلْزِلْ: كلمةٌ تُقَالُ عِنْدَ الزَّلْزَلة؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: يَنْبَغِي أَن تَكُونَ مِنْ مَعْنَاهَا وَقَرِيبًا مِنْ لَفْظِهَا فَلَا تَكُونُ مِنْ حُرُوفِ الزَّلْزَلة، قَالَ: وإِنما حَكَمْنَا بِذَلِكَ لأَنها لَوْ كَانَتْ مِنْهَا لَكَانَتْ. «٢» .... فَهُوَ أَنه مِثَالٌ فَائِتٌ فِيهِ بَلِيَّة مِنْ جِهَةٍ أُخرى، وَذَلِكَ أَن بَنَاتَ الأَربعة لَا تُدْرِكُهَا الزِّيَادَةُ مِنْ أَولها إِلَّا فِي الأَسماء الْجَارِيَةِ عَلَى أَسمائها نَحْوَ مُدَحْرج، وَلَيْسَ إِزِلْزِل مِنْ ذَلِكَ، فَيَجِبُ أَن يَكُونَ مِنْ لَفْظِ الأَزْل وَمَعْنَاهُ، ومثالُه فِعِلْعِل. وتَزَلْزَلت نفسُه: رَجَعَتْ عِنْدَ الْمَوْتِ فِي صَدْرِهِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وَقَالُوا: تَرَكْناهُ تَزَلْزَلُ نفسُه، ... وَقَدْ أَسْنَدوني، أَو كَذَا غيرَ سانِدِ

كَذَا مَنْصُوبَةُ الْمَوْضِعِ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ قَدْ أَسندوني أَو تَرَكُونِي كَذَا مُضْجَعاً، وأَكثر مَا تَحْذِفُ الْعَرَبُ أَحد الْفِعْلَيْنِ لِصَاحِبِهِ إِذا كَانَا مُتَّفِقَيْنِ نَحْوَ ضَرَبْتُ زَيْدًا وَعَمْرًا أَي وَضَرَبْتُ عَمْرًا، وَحُذِفَ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الأَول لَفْظًا وَمَعْنًى، فَقَدْ يَجُوزُ حَذْفُ أَحد الْفِعْلَيْنِ لِصَاحِبِهِ وإِن كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ، فَمِنْ ذَلِكَ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي نَحْنُ بصَدَده، وَهُوَ قَوْلُهُ أَسندوني أَو تَرَكُونِي، فَحَذَفَ تَرَكُونِي وإِن كَانَ مُخَالِفًا لأَسندوني، وَذَلِكَ أَن الشَّيْءَ يَجْرِي مَجْرَى نَقِيضِهِ، كَمَا يَجْرِي مَجْرَى نَظِيرِهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُمْ طَوِيل كَمَا قَالُوا قصِير، وَقَالُوا ظَمْآن كَمَا قَالُوا رَيّان، وَقَالُوا كَثُرَ مَا تقولنَّ كَمَا قَالُوا قَلَّما تقولنَّ، وَنَحْوُهُ كَثِيرٌ، وإِذا ثَبَتَ هَذَا فِي الْمُخْتَلَفِ كَانَ حُكْمًا يُرْجَع إِليه فِي الْمُتَّفَقِ. وَيُقَالُ: تَرَكْت القومَ فِي زُلْزُولٍ وعُلْعُولٍ أَي فِي قِتَالٍ؛ قَالَ شَمِر: وَلَمْ يَعْرِفْهُ أَبو سَعِيدٍ. والأَزَلُّ: الْخَفِيفُ الوَرِكَين. والأَزَلُّ الأَرْسَح، وَقِيلَ: هُوَ أَشد مِنْهُ لَا يَسْتَمْسِك إِزارُه، والأُنثى زَلّاء. وَقَدْ زَلَّ زَلَلًا. وامرأَة زَلّاء: لَا عَجِيزَة لَهَا أَي رَسْحاء بَيِّنة الزَّلل؛ وَقَالَ:

لَيْسَتْ بكَرْواءَ وَلَكِنْ خِدْلِمِ، ... وَلَا بِزَلّاءَ ولكنْ سُتْهُمِ،


(٢). هنا بياض بالأَصل

<<  <  ج: ص:  >  >>