حَتَّى غَلَبْنا، وَلَوْلَا نَحْنُ قدْ عَلِموا، ... حَلَّتْ شَلِيلًا عَذاراهُم وجَمّالا «١».
شمل: الشِّمالُ: نقيضُ اليَمِين، وَالْجَمْعُ أَشْمُلٌ وشَمائِل وشُمُلٌ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
يَأْتي لَهَا مِن أَيْمُنٍ وأَشْمُل
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ
، وَفِيهِ: وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي لأُغْوِيَنَّهم فِيمَا نُهُوا عَنْهُ، وَقِيلَ أُغْوِيهم حَتَّى يُكَذِّبوا بأُمور الأُمم السَّالِفَةِ وبالبَعْث، وَقِيلَ: مَعْنَى وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ
أَي لأُضِلَّنَّهُم فِيمَا يَعْمَلُونَ لأَن الكَسْب يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ بِمَا كَسَبَتْ يَداك، وإِن كَانَتِ اليَدان لَمْ تَجْنِيا شَيْئًا؛ وَقَالَ الأَزْرَق العَنْبري:
طِرْنَ انْقِطاعَةَ أَوتارٍ مُحَظْرَبَةٍ، ... فِي أَقْوُسٍ نازَعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ عَنْ أَبي الْخَطَّابِ فِي جَمْعِهِ شِمَال، عَلَى لَفْظِ الْوَاحِدِ، لَيْسَ مِنْ بَابِ جُنُب لأَنهم قَدْ قَالُوا شِمالان، ولكِنَّه عَلَى حَدِّ دِلاصٍ وهِجانٍ. والشِّيمَالُ: لُغَةٌ فِي الشِّمَال؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كأَني، بفَتْخاء الجَناحَيْن لَقْوَةٍ ... صَيُودٍ مِنَ العِقْبان، طَأْطَأْتُ شِيمَالي
وَكَذَلِكَ الشِّمْلال، وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ: شِمْلالي، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَلَمْ يَعْرِفِ الْكِسَائِيُّ وَلَا الأَصمعي شِمْلال، قَالَ: وَعِنْدِي أَن شِيمَالًا إِنما هُوَ فِي الشِّعْر خاصَّةً أَشْبَع الْكَسْرَةَ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا يَكُونُ شِيمَالٌ فِيعالًا لأَن فِيعالًا إِنما هُوَ مِنْ أَبنية الْمَصَادِرِ، والشِّيمَالُ لَيْسَ بِمَصْدَرٍ إِنما هُوَ اسْمٌ. الْجَوْهَرِيُّ: واليَدُ الشِّمَال خِلَافُ اليَمِين، وَالْجَمْعُ أَشْمُلٌ مِثْلُ أَعْنُق وأَذْرُع لأَنها مُؤَنَّثَةٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْكُمَيْتِ:
أَقُولُ لَهُمْ، يَوْمَ أَيْمانُهُم ... تُخايِلُها، فِي النَّدى، الأَشْمُلُ
وَيُقَالُ شُمُلٌ أَيضاً؛ قَالَ الأَزرق العَنْبَري:
فِي أَقْوُسٍ نازعَتْها أَيْمُنٌ شُمُلا
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَكَرَ الْقُرْآنَ فَقَالَ: يُعْطى صاحِبُه يومَ الْقِيَامَةِ المُلْكَ بِيَمِينِهِ والخُلْدَ بِشَمَالِهِ
؛ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَن شَيْئًا يُوضَع فِي يَمِينِهِ وَلَا فِي شِماله، وإِنما أَراد أَن المُلْك والخُلْد يُجْعَلان لَهُ؛ وكلُّ مَنْ يُجْعَل لَهُ شَيْءٌ فمَلَكَه فَقَدْ جُعِل فِي يَدِه وَفِي قَبْضته، وَلَمَّا كَانَتِ اليَدُ عَلَى الشَّيْءِ سَبَبَ المِلْك لَهُ وَالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ اسْتُعِير لِذَلِكَ؛ وَمِنْهُ قِيلَ: الأَمْرُ فِي يَدِك أَي هُوَ فِي قَبْضَتِكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: بِيَدِكَ الْخَيْرُ؛ أَي هُوَ لَهُ وإِلَيْه. وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ؛ يُرَادُ بِهِ الوَليُّ الَّذِي إِليه عَقْدُه أَو أَراد الزَّوْجَ الْمَالِكَ لِنِكَاحِ المرأَة. وشَمَلَ بِهِ: أَخَذَ بِهِ ذاتَ الشِّمال؛ حَكَاهُ ابْنِ الأَعرابي؛ وَبِهِ فَسَّرَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
جَرَتْ سُنُحاً، فَقُلْتُ لَهَا: أَجِيزِي ... نَوًى مَشْمُولةً، فمَتى اللِّقاءُ؟
قَالَ: مَشْمُولةً أَي مأْخُوذاً بِهَا ذاتَ الشِّمال؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: مَشْمُولة سَرِيعَةُ الِانْكِشَافِ، أَخَذَه مِنْ أَن الريحَ الشَّمال إِذا هَبَّت بِالسَّحَابِ لَمْ يَلْبَثْ أَن يَنْحَسِر ويَذْهب؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الهُذَلي:
حارَ وعَقَّتْ مُزْنَهُ الرِّيحُ، وانْقارَ ... بِهِ العَرْضُ، وَلَمْ يشْمَلِ
(١). قوله [حتى غلبنا] تقدم في ترجمة جمل: علمنا