للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَتُحِبُّون أَن تَكُونُوا مِثْلَ الحَمِير الصَّالَّة؟

قَالَ أَبو أَحمد الْعَسْكَرِيُّ: هُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَرَوَوْه بِالْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ خطأٌ، يُقَالُ للحِمار الْوَحْشِيِّ الْحَادِّ الصَّوْتِ صالٌّ وصَلْصَالٌ، كأَنه يُرِيدُ الصَّحِيحَةَ الأَجساد الشَّدِيدَةَ الأَصوات لقُوَّتِها ونَشاطها. والصَّلْصَلَةُ: صَفاءُ صَوْت الرَّعْد، وقد صَلْصَلَ وتَصَلْصَلَ الحَلْيُ أَي صَوَّت، وَفِي صِفَةِ الْوَحْيِ: كأَنَّه صَلْصَلَةٌ عَلَى صَفْوانٍ؛ الصَّلْصَلَةُ: صَوْت الْحَدِيدِ إِذا حُرِّك، يُقَالُ: صَلَّ الحديدُ وصَلْصَلَ، والصَّلْصَلَة: أَشدُّ مِنَ الصَّلِيل. وَفِي حَدِيثِ حُنَين:

أَنَّهم سَمِعُوا صَلْصَلَةً بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض.

والصَّلْصَالُ مِنَ الطِّين: مَا لَمْ يُجْعَل خَزَفاً، سُمِّي بِهِ لتَصَلْصُله؛ وكلُّ مَا جَفَّ مِنْ طِينٍ أَو فَخَّار فَقَدْ صَلَّ صَلِيلًا. وطِينٌ صلَّال ومِصْلالٌ أَي يُصَوِّت كَمَا يصوِّت الخَزَفُ الْجَدِيدُ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:

فإِنَّ صَخْرَتَنا أَعْيَتْ أَباكَ، فَلَا ... يَأْلُوها مَا اسْتَطاعَ، الدَّهْرَ، إِخْبالا

«١» رَدَّتْ مَعَاوِلَهُ خُثْماً مُفَلَّلةً، ... وصادَفَتْ أَخْضَرَ الجالَيْن صَلَّالا

يَقُولُ: صادَفَتْ «٢» نَاقَتِي الحَوْضَ يَابِسًا، وَقِيلَ: أَراد صَخْرَةً فِي مَاءٍ قَدِ اخْضَرَّ جَانِبَاهَا مِنْهُ، وعَنى بالصَّخرة مَجْدَهم وشَرَفَهم فَضَرَبَ الصخرةَ مَثَلًا. وجاءَت الخيلُ تَصِلُّ عَطَشاً، وَذَلِكَ إِذا سَمِعْتَ لأَجوافها صَلِيلًا أَي صَوْتًا. أَبو إِسحاق: الصَلْصَالُ الطِّينُ الْيَابِسُ الَّذِي يَصِلُّ مِنْ يُبْسِه أَي يُصَوِّت. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ

؛ قَالَ: هُوَ صَلْصَالٌ مَا لَمْ تُصِبْه النارُ، فإِذا مَسَّته النارُ فَهُوَ حِينَئِذٍ فَخَّار، وَقَالَ الأَخفش نحوَه، وَقَالَ: كُلُّ شيءٍ لَهُ صَوْتٌ فَهُوَ صَلْصَالٌ مِنْ غَيْرِ الطِّينِ؛ وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ الصَّلْصَال: هُوَ الصَّالُّ الْمَاءُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الأَرض فَتَنْشَقُّ فيَجِفُّ فَيَصِيرُ لَهُ صَوْتٌ فَذَلِكَ الصَّلْصال

، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الصَّلْصالُ حَمَأٌ مَسْنون، قَالَ الأَزهري: جَعَله حَمأ مَسْنُونًا لأَنه جَعَله تَفْسِيرًا للصَّلْصَال ذَهَب إِلى صَلَّ أَي أَنْتَن؛ قَالَ:

وصَدَرَتْ مُخْلِقُها جَدِيدُ، ... وكُلُّ صَلّالٍ لَهَا رَثِيدُ

يَقُولُ: عَطِشَتْ فَصَارَتْ كالأَسْقِيَة الْبَالِيَةِ وصَدَرَتْ رِواءً جُدُداً، وَقَوْلُهُ وكُلُّ صَلَّالٍ لَهَا رَثِيد أَي صَدَقَت الأَكلَ بَعْدَ الرِّيِّ فَصَارَ كُلُّ صَلَّالٍ فِي كَرِشها رَثِيداً بِمَا أَصابت مِنَ النَّبَاتِ وأَكَلَت. الْجَوْهَرِيُّ: الصَّلْصالُ الطِّينُ الحُرُّ خُلِط بِالرَّمْلِ فَصَارَ يَتَصَلْصَل إِذا جَفَّ، فإِذا طُبِخ بِالنَّارِ فَهُوَ الفَخَّار. وصَلَّ البَيْضُ صَلِيلًا: سَمِعت لَهُ طَنِيناً عِنْدَ مُقَارَعة السُّيوف. الأَصمعي: سَمِعت صَلِيلَ الْحَدِيدِ يَعْنِي صوتَه. وصَلَّ المِسْمارُ يَصِلُّ صَلِيلًا إِذا ضُرِب فأُكْرِه أَن يَدْخل فِي شَيْءٍ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَن يَدْخُلَ فِي القَتِير فأَنت تَسْمع لَهُ صَوْتًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:

أَحْكَمَ الجُنْثِيّ مِنْ عَوْرَاتِها ... كُلَّ حِرْباءٍ، إِذا أُكْرِهَ صَلّ «٣»

. الجُنْثِيّ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ، فَمَنْ قَالَ الجُنْثِيُّ بِالرَّفْعِ جَعَله الحَدَّاد أَو الزَّرَّاد أَي أَحْكَمَ صَنْعَة هذه


(١). قوله [فلا يألولها] في التكملة: فلن يألوها.
(٢). قوله [يقول صادفت إلخ] قال الصاغاني في التكملة: والضمير في صادفت للمعاول لا للناقة، وتفسير الجوهري خطأ
(٣). قوله [عوراتها] هي عبارة التهذيب، وفي المحكم: صنعتها

<<  <  ج: ص:  >  >>