للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والغِسْلِينُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ: مَا يَسِيل مِنْ جُلُودِ أَهل النَّارِ كَالْقَيْحِ وَغَيْرِهِ كأَنه يُغْسل عَنْهُمْ؛ التَّمْثِيلُ لِسِيبَوَيْهِ وَالتَّفْسِيرُ لِلسِّيرَافِيِّ، وَقِيلَ: الغِسْلِينُ مَا انْغَسل مِنْ لُحُومِ أَهل النَّارِ وَدِمَائِهِمْ، زِيدَ فِيهِ الْيَاءُ وَالنُّونُ كَمَا زِيدَ فِي عِفِرِّين؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: عِنْدَ ابْنِ قُتَيْبَةَ أَن عِفِرِّين مِثْلُ قِنَّسْرِين، والأَصمعي يَرَى أَن عِفِرِّين مُعْرَبٌ بِالْحَرَكَاتِ فَيَقُولُ عفرينٌ بِمَنْزِلَةِ سِنينٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ

؛ قَالَ اللَّيْثُ: غِسْلِينٌ شَدِيدُ الْحَرِّ، قَالَ مُجَاهِدٌ: طَعَامٌ مِنْ طَعَامِ أَهل النَّارِ، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ مَا أَنْضَجَت النَّارُ مِنْ لُحُومِهِمْ وسَقَط أَكَلوه، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الغِسْلِينُ والضَّرِيعُ شَجَرٌ فِي النَّارِ، وَكُلُّ جُرْح غَسَلْتَه فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينٌ، فِعْلِينٌ مِنَ الغَسْل مِنَ الْجَرْحِ والدبَر؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: إِنه مَا يَسِيل مِنْ صَدِيدِ أَهل النَّارِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: اشْتِقَاقُهُ مِمَّا يَنْغَسِل مِنْ أَبدانهم. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: شَرابُه الحميمُ والغِسْلِينُ

، قَالَ: هُوَ مَا يُغْسَل مِنْ لُحُومِ أَهل النَّارِ وصَدِيدهم. وغَسِيلُ الْمَلَائِكَةِ: حَنْظَلَةُ بْنُ أَبي عَامِرٍ الأَنصاري، وَيُقَالُ لَهُ: حَنْظَلَةُ بْنُ الرَّاهِبِ، اسْتُشْهِدَ يَوْمَ أُحُد وغَسَّلَتْه الْمَلَائِكَةُ؛

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رأَيت الْمَلَائِكَةَ يُغَسِّلونه وَآخَرِينَ يَسْتُرونه

، فسُمِّي غَسِيل الْمَلَائِكَةِ، وأَولاده يُنْسَبون إِليه: الغَسيلِيِّين، وَذَلِكَ أَنه كَانَ أَلمَّ بأَهله فأَعجلَه النَّدْبُ عَنِ الاغتِسال، فَلَمَّا استُشْهِد رأَى النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الملائكةَ يُغَسِّلونه، فأَخبر بِهِ أَهله فذَكَرَتْ أَنه كَانَ أَلمَّ بِهَا. وغَسَلَ اللهُ حَوْبَتَك أَي إِثْمَك يَعْنِي طهَّرك مِنْهُ، وَهُوَ عَلَى الْمَثَلِ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:

واغْسِلْني بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ

أَي طَهِّرْني مِنَ الذُّنُوبِ، وذِكْرُ هَذِهِ الأَشياء مُبَالَغَةٌ فِي التَّطْهِيرِ. وغَسَلَ الرجلُ المرأَة يَغْسِلُها غَسْلًا: أَكثر نِكَاحَهَا، وَقِيلَ: هُوَ نكاحُه إِيّاها أَكْثَرَ أَو أَقَلَّ، وَالْعَيْنُ الْمُهْمَلَةُ فِيهِ لُغَةٌ. وَرَجُلٌ غُسَلٌ: كَثِيرُ الضِّراب لامرأَته؛ قَالَ الْهُذَلِيُّ:

وَقْع الوَبِيل نَحاه الأَهْوَجُ الغُسَلُ

وَرُوِيَ

عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ واغْتَسَلَ وبَكَّرَ وابتكر فيها ونِعْمَت

؛ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَكثر النَّاسِ يَذْهَبُونَ إِلى أَن مَعْنَى غَسَّلَ أَي جَامَعَ أَهله قَبْلَ خُرُوجِهِ لِلصَّلَاةِ لأَن ذَلِكَ يَجْمَعُ غضَّ الطَّرْف فِي الطَّرِيقِ، لأَنه لَا يُؤْمَن عَلَيْهِ أَن يَرَى فِي طَرِيقِهِ مَا يَشْغل قلْبَه؛ قَالَ: وَيَذْهَبُ آخَرُونَ إِلى أَن مَعْنَى قَوْلِهِ غَسَّلَ توضأَ لِلصَّلَاةِ فغَسَلَ جَوَارِحَ الْوُضُوءِ، وثُقِّل لأَنه أَراد غَسْلًا بَعْدَ غَسْل، لأَنه إِذا أَسبغ الْوُضُوءَ غَسَلَ كُلَّ عُضْوٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ اغْتَسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ؛ قَالَ الأَزهري: وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ مُخَفَّفًا مِنْ غَسَلَ، بِالتَّخْفِيفِ، وكأَنه الصَّوَابُ مِنْ قَوْلِكَ غَسَلَ الرجلُ امرأَتَه وغَسَّلَها إِذا جَامَعَهَا؛ وَمِثْلُهُ: فَحْلٌ غُسَلَةٌ إِذا أَكثر طَرْقَها وَهِيَ لَا تَحْمِل؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُقَالُ غَسَلَ الرجلُ امرأَتَه، بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، إِذا جَامَعَهَا، وَقِيلَ: أَراد غَسَّلَ غيرَه واغْتَسَلَ هُوَ لأَنه إِذا جَامَعَ زَوْجَتَهُ أَحْوَجَها إِلى الغُسْل. وَفِي الْحَدِيثِ

: مَنْ غَسَلَ الميِّتَ فلْيَغْتَسِلْ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا أَعلم أَحداً مِنَ الْفُقَهَاءِ يُوجِبُ الِاغْتِسَالَ مِنْ غُسْل الْمَيِّتِ وَلَا الْوُضُوءَ مِنْ حَمْلِه، وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ الأَمر فِيهِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: الغُسْل مِنْ غسْل الْمَيِّتِ مَسْنُونٌ، وَبِهِ يَقُولُ الْفُقَهَاءُ؛ قَالَ الشَّافِعِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وأُحِبُّ الغُسْل من غسْلِ الميِّت، وَلَوْ صَحَّ الْحَدِيثُ قُلْتُ بِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه قَالَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>