وأَغْفَلْتُ الرَّجُلَ: أَصبْتُه غَافِلًا، وَعَلَى ذَلِكَ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا
؛ قَالَ: وَلَوْ كَانَ عَلَى الظَّاهِرِ لَوَجَبَ أَن يَكُونَ قَوْلُهُ وَاتَّبَعَ هَواهُ، بِالْفَاءِ دُونَ الْوَاوِ؛ وَسُئِلَ أَبو الْعَبَّاسِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: مَنْ جَعَلْناه غَافِلًا، وَكَلَامُ الْعَرَبِ أَكثرُه أَغْفَلْته سَمَّيْتُهُ غافِلًا، وأَحْلَمْتُه سَمَّيْتُهُ حَليماً، قَالَ: وفعلَ هُوَ وأَفْعَلته أَنا، أَكثرُ اللُّغَةِ ذهَب وأَذْهَبْته، هَذَا أَكثر الْكَلَامِ، وفَعَّلْت أَكْثَرْتُ ذَلِكَ فِيهِ مِثْلُ غَلَّقْت الأَبواب وأَغْلَقْتها، وأَفْعَلْتُ يَجيءُ مكانَ فَعَّلْت مِثْلُ مَهَّلْتُه وأَمْهَلْته ووَصَّيْتُ وأَوْصَيْتُ وسَقَّيْتُ وأَسْقَيْتُ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي مُوسَى: لعَلَّنا أَغْفَلْنا رسولَ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَمينَه
أَي جَعَلْناه غَافِلًا عَنْ يَمِينِهِ بِسَبَبِ سُؤَالِنا، وَقِيلَ: سأَلْناه وَقْتَ شُغْله وَلَمْ نَنْتَظِرْ فَرَاغَهُ. يُقَالُ: تغَفَّلْته واسْتَغْفَلْته أَي تحيَّنْتُ غَفْلَته. وَيُقَالُ: هُوَ فِي غَفَلٍ مِنْ عَيشِه أَي فِي سَعَةٍ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: الغَفَلُ الكثيرُ الرفيعُ. ونَعَمٌ أَغْفَالٌ: لَا لِقْحةَ فِيهَا وَلَا نَجِيب. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: لَنَا نَعَمٌ أَغْفَالٌ مَا تَبِضُّ؛ يصفُ سَنةً أَصابتهم فأَهلكت جيادَ مَالِهِمْ. وَقَالَ شَمِرٌ: إِبل أَغْفَالٌ لا سِماتِ عليها، وقِداحٌ أَغْفَالٌ. سِيبَوَيْهِ: غَفَلْتُ صِرْتُ غَافِلًا. وأَغْفَلْتُه وغَفَلْت عَنْهُ: وصَّلْت غَفَلي إِليه أَو تَرَكْتُهُ عَلَى ذُكْرٍ. قَالَ اللَّيْثُ: أَغْفَلْت الشَّيْءَ تَرَكْتَهُ غَفَلًا وأَنت لَهُ ذَاكِرٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ*
؛ يَصْلُحُ أَن يَكُونَ، وَاللَّهُ أَعلم، كَانُوا فِي تَرْكِهِمِ الإِيمانَ بِاللَّهِ والنظرَ فِيهِ والتدبُّرَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الغافِلين، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ وَكَانُوا عَمَّا يُرَادُ بِهِمْ مِنَ الإِثابة عَلَيْهِ غافِلين، وَالِاسْمُ الغَفْلة والغَفَل؛ قَالَ:
إِذْ نحْنُ فِي غَفَلٍ، وأَكْبَرُ هَمِّنا ... صِرْفُ النَّوَى، وفِراقُنا الجِيرانا
وَفِي الْحَدِيثِ
: مَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ
أَي يَشْتَغِلُ بِهِ قَلْبُهُ وَيَسْتَوْلِي عَلَيْهِ حَتَّى تَصِيرَ فِيهِ غَفْلة. والتَّغافُلُ: تَعمُّدُ الغَفْلة عَلَى حدِّ مَا يَجِيءُ عَلَيْهِ هَذَا النَّحْوُ. وتَغَافَلْت عَنْهُ وتَغَفَّلْتُه إِذا اهْتَبَلْتَ غَفْلَتَه. ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ قَدْ غَفَلْت فِيهِ وأَغْفَلْتُه. والتَّغْفِيل: أَن يَكْفِيَكَ صاحبُك وأَنت غافِلٌ لَا تَعْنَى بِشَيْءٍ. والتَّغَفُّل: خَتْلٌ فِي غَفْلة. والمُغَفَّلُ: الَّذِي لَا فِطْنة لَهُ. والغَفُول مِنَ الإِبل: البَلْهاء التي لا تمنع مِنْ فَصِيل يَرْضَعُهَا وَلَا تُبَالِي منْ حَلبها. والغُفْل: المُقيّد الَّذِي أُغْفِل فَلَا يُرْجَى خيرُه وَلَا يُخْشَى شَرُّهُ، وَالْجَمْعُ أَغْفال. والأَغْفَالُ: المَواتُ. والغُفْلُ: سَبْسَبٌ مَيّتة لَا علامةَ فِيهَا؛ وأَنشد:
يتْركْنَ بالمَهامِهِ الأَغْفَالِ
وكلُّ مَا لَا عَلَامَةَ فِيهِ وَلَا أَثر عِمَارَةٌ مِنَ الأَرضين والطُّرقِ وَنَحْوِهَا غُفْلٌ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ. وَفِي
كِتَابِهِ لأُكَيْدِرَ: إِنّ لَنَا الضاحيةَ والمَعامِيَ وأَغْفَالَ الأَرض
أَي الْمَجْهُولَةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا أَثر يُعْرَفُ، وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَرض أَغْفَالٌ كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا غُفْلًا. وبلادٌ أَغْفالٌ: لَا أَعلام فِيهَا يُهتدى بِهَا، وَكَذَلِكَ كَلُّ مَا لَا سِمَةَ عَلَيْهِ مِنَ الإِبل وَالدَّوَابِّ. وَدَابَّةٌ غُفْل: لَا سِمَةَ عَلَيْهَا. وَنَاقَةٌ غُفْل: لَا تُوسَم لِئَلَّا تَجِب عَلَيْهَا صَدَقَةٌ؛ وَبِهِ فَسَّرَ ثَعْلَبٌ قَوْلَ الرَّاجِزِ:
لَا عيشَ إِلَّا كلُّ صَهْباءَ غُفُلْ ... تَناوَلُ الحوضَ، إِذا الْحَوْضُ شُغِلْ