هُوَ سَبَبُهُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالنَّخَعِيُّ: لَا يُحَرِّمُ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي حَرْفِ النُّونِ. الأَزهري: اسْتَفْحَلَ أَمر الْعَدُوِّ إِذا قوِي وَاشْتَدَّ، فَهُوَ مُسْتَفْحِل، وَالْعَرَبُ تُسَمِّي سُهَيْلًا الفَحْل تَشْبِيهًا لَهُ بفحْل الإِبل وَذَلِكَ لِاعْتِزَالِهِ عَنِ النُّجُومِ وعِظَمه، وَقَالَ غَيْرُهُ: وَذَلِكَ لأَن الْفَحْلَ إِذا قَرَع الإِبل اعْتَزَلَهَا؛ وَلِذَلِكَ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَقَدْ لاحَ للسارِي سُهَيْل، كأَنه ... قَرِيعُ هِجانٍ دُسّ مِنْهُ المَساعِر
اللَّيْثُ: يُقَالُ للنَّخل الذكَر الَّذِي يُلْقَح بِهِ حَوائل النَّخْلِ فُحَّال، الْوَاحِدَةُ فُحَّالَة؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الفَحْل والفُحَّال ذَكَرُ النَّخْلِ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ ذُكُورِهِ فَحْلًا لإِناثِه؛ وَقَالَ:
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ، كأَنَّ ضِبابَهُ ... بُطونُ المَوالي، يَوْمَ عيدٍ تَغَدَّت
قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِ الذَّكَرِ مِنَ النَّخْلِ فُحَّال؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ عَنْ أَبي عَمْرٍو: لَا يُقَالُ فَحْل إِلا فِي ذِي الرُّوح، وَكَذَلِكَ قَالَ أَبو نَصْرٍ، قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَالنَّاسُ عَلَى خِلَافِ هَذَا. واستَفْحَلَت النَّخْلُ: صَارَتْ فُحَّالًا. وَنَخْلَةٌ مُسْتَفْحِلة: لَا تحمِل؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: وَيُجْمَعُ فُحَّال النَّخْلِ فَحَاحِيل، وَيُقَالُ للفُحَّال فَحْل، وَجَمْعُهُ فُحُول؛ قَالَ أُحَيْحة بْنُ الجُلاح:
تَأَبَّرِي يَا خَيْرَةَ الفَسِيل، ... تَأَبَّرِي مِنْ حَنَذٍ فَشُول،
إِذ ضَنَّ أَهلُ النخْل بالفُحُول
الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ فُحَّال إِلا فِي النَّخْلِ. والفَحْل: حَصِير تُنسَج مِنْ فُحَّال النَّخْلِ، وَالْجَمْعُ فُحُول. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنصار وَفِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ فَحْل مِنْ تِلْكَ الفُحُول، فأَمر بناحية مِنْهُ فكُنِس وَرُشَّ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهِ
؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ شَمِرٌ قِيلَ لِلْحَصِيرِ فَحْل لأَنه يسوَّى مِنْ سَعَفِ الفَحْل مِنَ النَّخِيلِ، فَتَكَلَّمَ بِهِ عَلَى التَّجَوُّزِ كَمَا قَالُوا: فُلَانٌ يَلْبَسُ القُطْن وَالصُّوفَ، وإِنما هِيَ ثِيَابٌ تغزَل وتتَّخذ مِنْهُمَا؛ قَالَ الْمَرَّارُ:
والوَحْش سارِية، كأَنَّ مُتونَها ... قُطْن تُباع، شَدِيدَةُ الصَّقْلِ
أَراد كأَن مُتُونَهَا ثِيَابُ قُطْنٍ لشدَّة بَيَاضِهَا، وَسُمِّيَ الْحَصِيرُ فَحْلًا مَجَازًا. وَفِي حَدِيثِ
عُثْمَانَ: أَنه قَالَ لَا شُفْعة فِي بِئْرٍ وَلَا فَحْل والأُرَف تَقْطع كُلَّ شُفْعَةٍ
؛ فإِنه أَراد بالفَحْل فَحْل النَّخْلِ، وَذَلِكَ أَنه رُبَّمَا يَكُونُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ فَحْل نَخْلٍ يأْخذ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ، زمَن تَأْبِير النَّخْلِ، مَا يَحْتَاجُ إِليه مِنَ الحِرْقِ لتَأْبير النَّخْلِ، فإِذا بَاعَ وَاحِدٌ مِنَ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنَ الْفَحْلِ بعضَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْبَاقِينَ مِنَ الشُّرَكَاءِ شُفْعَةٌ فِي الْمَبِيعِ، وَالَّذِي اشْتَرَاهُ أَحق بِهِ لأَنه لَا يَنْقَسِمُ، والشُّفْعة إِنما تَجِبُ فِيمَا يَنْقَسِمُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهل الْمَدِينَةِ وإِليه يَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ
جَابِرٍ: إِنما جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الشُّفعة فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ، فإِذا حُدت الحُدود فَلَا شُفعة
لأَن قَوْلَهُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، فِيمَا لَمْ يُقَسَّمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنه جَعَلَ الشُّفعة فِيمَا يَنْقَسِمُ، فأَما مَا لَا يَنْقَسِمُ مِثْلَ الْبِئْرِ وفَحْل النَّخْلِ يُبَاعُ مِنْهُمَا الشِّقْص بأَصله مِنَ الأَرض فَلَا شُفعة فِيهِ، لأَنه لَا ينقسِم؛ قَالَ: وَكَانَ أَبو عُبَيْدٍ فَسَّرَ حَدِيثَ عُثْمَانَ تَفْسِيرًا لَمْ يَرْتَضِهِ أَهل الْمَعْرِفَةِ فَلِذَلِكَ تَرَكْتُهُ وَلَمْ أَحكه بِعَيْنِهِ، قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ عَلَى