للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَن يَقْطَعَ الجَرْعَ. وَقِيلَ: العَبُّ الجَرعُ، وَقِيلَ: تَتابُعُ الجَرْعِ. عَبَّه يَعُبُّه عَبّاً، وعَبَّ فِي الماءِ أَو الإِناءِ عَبّاً: كرَع؛ قَالَ:

يَكْرَعُ فِيهَا فَيَعُبُّ عَبّا، ... مُحَبَّباً، فِي مَائِهَا، مُنْكَبَّا «١»

وَيُقَالُ فِي الطَّائِرِ: عَبَّ، وَلَا يُقَالُ شرِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مُصُّوا الماءَ مَصّاً، وَلَا تَعُبُّوه عَبّاً

؛ العَبُّ: الشُّرْبُ بِلَا تَنَفُّس، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

الكُبادُ مِنَ العبِّ.

الكُبادُ: داءٌ يَعْرِضُ للكَبِدِ. وَفِي حَدِيثِ الْحَوْضِ:

يَعُبُّ فِيهِ مِيزابانِ

أَي يَصُبّانِ فَلَا يَنْقَطِعُ انْصِبابُهما؛ هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ؛ وَالْمَعْرُوفُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَهَا. والحمامُ يَشْرَبُ الْمَاءَ عَبًّا، كَمَا تَعُبُّ الدَّوابُّ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: الحمامُ مِنَ الطَّيْرِ مَا عَبَّ وهَدَر؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْحَمَامَ يَعُبُّ الْمَاءَ عَبّاً وَلَا يَشرب كَمَا يَشْرَبُ الطَّير شَيْئًا فَشَيْئًا. وعَبَّتِ الدَّلْوُ: صَوَّتَتْ عِنْدَ غَرْفِ الْمَاءِ. وتَعَبَّبَ النبيذَ: أَلَحَّ فِي شُرْبه، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وَيُقَالُ: هُوَ يَتَعَبَّبُ النَّبِيذَ أَي يَتَجَرَّعُه. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَن الْعَرَبَ تَقُولُ: إِذا أَصابت الظِّباءُ الماءَ، فَلَا عَبابَ، وإِن لَمْ تُصِبْهُ فَلَا أَباب أَي إِن وَجَدَتْه لَمْ تَعُبَّ، وإِن لَمْ تَجِدْهُ لَمْ تَأْتَبَّ لَهُ، يَعْنِي لَمْ تَتَهَيَّأْ لِطَلَبِهِ وَلَا تَشْرَبْهُ؛ مِنْ قَوْلِكَ: أَبَّ للأَمر وائْتَبَّ لَهُ: تَهَيَّأَ. وَقَوْلُهُمْ: لَا عَبابَ أَي لَا تَعُبّ فِي الْمَاءِ، وعُبَابُ كُلِّ شَيْءٍ: أَوَّلُه. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّا حَيٌّ مِنْ مَذحِجٍ، عُبَابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها.

عُبابُ الماءِ: أَوَّلهُ ومُعْظَمُه. وَيُقَالُ: جاؤوا بعُبابهِم أَي جاؤوا بأَجمعهم. وأَراد بسَلَفِهم مَنْ سَلَفَ مِنْ آبَائِهِمْ، أَو مَا سَلَفَ مِنْ عِزِّهم ومَجْدِهم. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: طِرْتَ بعُبابها وفُزْتَ بِحَبَابِهَا

أَي سبَقْتَ إِلى جُمَّة الإِسلام، وأَدْرَكْتَ أَوائلَه، وشَرِبتَ صَفْوَه، وحَوَيْتَ فَضائِلَه. قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرج الْحَدِيثَ الهَرَوي والخَطَّابيُّ وغيرُهما مِنْ أَصحاب الْغَرِيبِ. وَقَالَ بعضُ فُضلاء المتأَخرين: هَذَا تَفْسِيرُ الْكَلِمَةِ عَلَى الصَّوَابِ، لَوْ ساعدَ النقلُ. وَهَذَا هُوَ حَدِيثُ

أُسَيْدِ بنِ صَفْوانَ، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبو بَكْرٍ، جاءَ عليٌّ فَمَدَحَهُ، فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: طِرْتَ بِغَنائها، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ، وفُزْتَ بحِيائها

، بالحاءِ الْمَكْسُورَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتِهَا؛ هَكَذَا ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طُرُق فِي كِتَابِ: مَا قَالَتِ الْقَرَابَةُ فِي الصَّحَابَةِ، وَفِي كِتَابِهِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابنُ بَطَّة فِي الإِبانةِ. والعُبابُ: الخُوصَةُ؛ قَالَ المَرّارُ:

رَوافِعَ للحِمَى مُتَصَفِّفاتٍ، ... إِذا أَمْسى، لصَيِّفه، عُبابُ

والعُبابُ: كَثْرَةُ الماءِ. والعُبابُ: المَطَرُ الْكَثِيرُ. وعَبَّ النَّبْتُ أَي طَالَ. وعُبابُ السَّيْل: مُعْظمُه وارتفاعُه وَكَثْرَتُهُ؛ وَقِيلَ: عُبابُه مَوجُه. وَفِي التَّهْذِيبِ: العُبابُ مُعْظَمُ السَّيْلِ. ابْنُ الأَعرابي: العُبُبُ المياهُ الْمُتَدَفِّقَةُ. والعُنْبَبُ «٢»: كَثْرَةُ الْمَاءِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:

فَصَبَّحَتْ، والشمسُ لَمْ تُقَضِّبِ، ... عَيْناً، بغَضْيانَ، ثَجُوجَ العُنْبَبِ


(١). قوله [محبباً في مائها إلخ] كذا في التهذيب محبباً، بالحاء المهملة بعدها موحدتان. ووقع في نسخ شارح القاموس مجبأ، بالجيم وهمز آخره ولا معنى له هنا وهو تحريف فاحش وكان يجب مراجعة الأصول.
(٢). قوله [والعَنْبَب] وعُنْبَب كذا بضبط المحكم بشكل القلم بفتح العين في الأَول محلى بأل وبضمها في الثاني بدون أل والموحدة مفتوحة فيهما انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>