للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا جَاءَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ مُشَدَّدًا؛ وَقَالَ مَنْظُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:

كأَنَّ مَهْواها، عَلَى الكَلْكَلِّ، ... موضعُ كَفَّيْ راهِبٍ يُصَلِّي

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ موقِعُ كفَّيْ رَاهِبٍ، لأَن بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَى الكَلْكَلِّ:

ومَوْقِفاً مِنْ ثَفِناتٍ زُلِ

قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ الكَلْكَل، وإِنما جَاءَ الكَلْكَال فِي الشِّعْرِ ضَرُورَةً فِي قَوْلُ الرَّاجِزِ:

قلتُ، وَقَدْ خرَّت عَلَى الكَلْكَالِ: ... يَا ناقَتي، مَا جُلْتِ مِنْ مَجَالِ «١»

. والكَلْكَل مِنَ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ مَحْزِمه إِلى مَا مسَّ الأَرض مِنْهُ إِذا رَبَضَ؛ وَقَدْ يُسْتَعَارُ الكَلْكَل لِمَا لَيْسَ بِجِسْمٍ كَقَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ فِي صِفَةِ لَيْل:

فقلتُ لَهُ لمَّا تَمَطَّى بِجَوْزِه، ... وأَرْدَفَ أَعْجازاً وَنَاءَ بِكَلْكَل «٢»

. وَقَالَتْ أَعرابية تَرْثي ابْنَهَا:

أَلْقَى عَلَيْهِ الدهرُ كَلْكَلَهُ، ... مَنْ ذَا يقومُ بِكَلْكَلِ الدَّهْرِ؟

فَجَعَلَتْ لِلدَّهْرِ كَلْكَلًا؛ وَقَوْلُهُ:

مَشَقَ الهواجِرُ لَحْمَهُنَّ مَعَ السُّرَى، ... حَتَّى ذَهَبْنَ كَلاكلًا وصُدوراً

وَضَعَ الأَسماء مَوْضِعَ الظُّرُوفِ كَقَوْلِهِ ذَهَبْنَ قُدُماً وأُخُراً. وَرَجُلٌ كُلْكُلٌ: ضَرْبٌ، وَقِيلَ: الكُلْكُل والكُلاكِل، بِالضَّمِّ، الْقَصِيرُ الْغَلِيظُ الشَّدِيدُ، والأُنثى كُلْكُلَة وكُلاكِلة، والكَلاكِل الْجَمَاعَاتُ كالكَراكِر؛ وأَنشد قَوْلَ الْعَجَّاجِ:

حَتَّى يَحُلُّون الرُّبى الكَلاكِلا

الْفَرَّاءُ: الكُلَّة التأْخير، والكَلَّة الشَّفْرة الكالَّة، والكِلَّة الحالُ حالُ الرجُل. وَيُقَالُ: ذِئْبٌ مُكِلّ قَدْ وَضَعَ كَلَّهُ عَلَى النَّاسِ. وذِئب كَلِيل: لَا يَعْدُو عَلَى أَحد. وَفِي حَدِيثِ

عُثْمَانَ: أَنه دُخِل عَلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ أَبِأَمْرك هَذَا؟ فَقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ

أَي بَعْضُهُ عَنْ أَمري وَبَعْضُهُ بِغَيْرِ أَمري؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَوْضِعُ كُلّ الإِحاطة بِالْجَمِيعِ، وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَى الْبَعْضِ قَالَ: وَعَلَيْهِ حُمِل قولُ عُثْمَانَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:

قالتْ لَهُ، وقولُها مَرْعِيُّ: ... إِنَّ الشِّواءَ خَيْرُه الطَّرِيُّ،

وكُلُّ ذَاكَ يَفْعَل الوَصِيُ

أَي قَدْ يفعَل وَقَدْ لَا يفعَل. وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وكَلّا حَرْفُ رَدْع وزَجْر؛ وَقَدْ تأْتي بِمَعْنَى لَا كَقَوْلِ الْجَعْدِيِّ:

فقلْنا لَهُمْ: خَلُّوا النِّساءَ لأَهْلِها ... فَقَالُوا لَنَا: كَلَّا فقلْنا لَهُمْ: بَلى

فكَلَّا هُنَا بِمَعْنَى لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَقُلْنَا لَهُمْ بَلَى، وبَلى لَا تأْتي إِلا بَعْدَ نَفْيٍ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ أَيضاً:

قُرَيْش جِهازُ النَّاسِ حَيّاً ومَيِّتاً، ... فَمَنْ قَالَ كَلَّا، فالمُكذِّب أَكْذَبُ

وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ كَلَّا

. وَفِي الْحَدِيثِ:

تَقَع فَتِنٌ كأَنها الظُّلَل، فَقَالَ أَعرابي: كَلَّا يَا رَسُولَ اللَّهِ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَلَّا رَدْع فِي الْكَلَامِ


(١). في الصفحة السابقة: أقول إذ خَرَّت إلخ
(٢). في المعلقة: بصُلبِه بدل بجوزه

<<  <  ج: ص:  >  >>