للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنْ كاهَلَ

أَي مَنْ دَخَلَ حدَّ الكُهُولة وَقَدْ تزوَّج، وَقَدْ حَكَى أَبو زَيْدٍ: كاهَلَ الرجلُ تزوَّج. وَرُوِيَ عَنِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه سأَل رَجُلًا أَراد الجهادَ مَعَهُ فَقَالَ: هَلْ فِي أَهلِك مِنْ كاهِلٍ؟

يُرْوَى بِكَسْرِ الْهَاءِ عَلَى أَنه اسْمٌ، وَيُرْوَى

مَنْ كَاهَلَ

بِفَتْحِ الْهَاءِ عَلَى أَنه فِعْل، بِوَزْنِ ضارِبٍ وضارَبَ، وَهُمَا مِنَ الكُهُولة؛ يَقُولُ: هَلْ فِيهِمْ مَنْ أَسَنَّ وَصَارَ كَهْلًا؟ وَذُكِرَ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه ردَّ عَلَى أَبي عُبَيْدٍ هَذَا التَّفْسِيرَ وَزَعَمَ أَنه خطأٌ، قَدْ يخلُف الرجلُ الرجلَ فِي أَهله كَهْلًا وَغَيْرَ كَهْلٍ، قَالَ: وَالَّذِي سَمِعْنَاهُ مِنَ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ مسأَلة أَن الرَّجُلَ الَّذِي يخلُف الرجلَ فِي أَهله يُقَالُ لَهُ الكاهِن، وَقَدْ كَهَنَ يَكْهَن كُهُوناً، قَالَ: وَلَا يَخْلُو هَذَا الْحَرْفُ مِنْ شَيْئَيْنِ، أَحدهما أَن يَكُونَ المحدَّث ساءَ سمعُه فظَنَّ أَنه كاهِلٌ وإِنما هُوَ كاهِنٌ، أَو يَكُونَ الْحَرْفُ تَعَاقَبَ فِيهِ بَيْنَ اللَّامِ وَالنُّونِ كَمَا يُقَالُ هَتَنَتِ السماءُ وهَتَلَتْ، والغِرْيَنُ والغِرْيَلُ وَهُوَ مَا يَرْسُب أَسفل قَارُورَةِ الدُّهْن مِنْ ثُفْلِه، ويرسُب مِنَ الطِّينِ أَسفل الغَدير وَفِي أَسفل القِدْر مِنْ مَرَقه؛ عَنِ الأَصمعي، قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو سَعِيدٍ لَهُ وَجْهٌ غَيْرَ أَنه بَعِيدٌ، وَمَعْنَى قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

هل في أَهلِك من كَاهِلٍ

أَي فِي أَهلك مَنْ تعْتَمِده لِلْقِيَامِ بشأْن عِيَالِكَ الصِّغَارِ وَمَنْ تُخلِّفه مِمَّن يَلْزَمُكَ عَوْلُه،

فَلَمَّا قَالَ لَهُ: مَا هُمْ إِلَّا أُصَيْبِيَةٌ صِغار، أَجابه فَقَالَ: تَخَلَّف وجاهِد فِيهِمْ وَلَا تضيِّعهم.

وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مُضَر كاهِلُ الْعَرَبِ وسَعْد كاهِل تَمِيمٍ، وَفِي النِّهَايَةِ: وتَمِيم كاهِلُ مُضَر، وَهُوَ مأْخوذ مِنْ كَاهِل الْبَعِيرِ وَهُوَ مقدَّم ظَهْرِهِ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ المَحْمِل، قَالَ: وإِنما أَراد بِقَوْلِهِ هل في أَهلك من تَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي الْقِيَامِ بأَمر مَنْ تُخَلِّف مِنْ صِغار وَلَدِكَ لِئَلَّا يُضَيِّعُوا، أَلا تَرَاهُ قَالَ لَهُ:

مَا هُمْ إِلَّا أُصَيْبِية صِغَارٌ

، فأَجابه وَقَالَ:

فَفِيهِمْ فجاهِد

، قَالَ: وأَنكر أَبو سَعِيدٍ الكاهِل وَقَالَ: هُوَ كاهِن كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَقَوْلُ أَبي خِراش الْهُذَلِيِّ:

فَلَوْ كَانَ سَلْمى جارَهُ أَو أَجارَهُ ... رِماحُ ابنِ سَعْدٍ، رَدَّه طَائِرٌ كَهْلُ «٢»

قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَمْ يُفَسِّرْهُ أَحد، قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَكُونَ جَعَلَهُ كَهْلًا مُبَالَغَةً بِهِ فِي الشِّدَّةِ. الأَزهري: يُقَالُ طَارَ لِفُلَانٍ طَائِرٌ كَهْلٌ إِذا كَانَ لَهُ جَدّ وحَظّ فِي الدُّنْيَا. ونَبْت كَهْل: مُتناهٍ. واكْتَهَلَ النبتُ: طَالَ وَانْتَهَى مُنْتَهَاهُ، وَفِي الصِّحَاحِ: تَمَّ طولُه وَظَهَرَ نَوْرُه؛ قَالَ الأَعشى:

يُضاحِكُ الشمسَ مِنْهَا كَوْكَبٌ شَرِقٌ، ... مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْت مُكْتَهِل

وَلَيْسَ بَعْدَ اكْتِهال النَّبْت إِلَّا التَّوَلِّي؛ وَقَوْلُ الأَعشى يُضاحِك الشمسَ مَعْنَاهُ يدُور مَعَهَا، ومُضاحَكَتُه إِياها حُسْن لَهُ ونُضْرة، والكَوْكب: مُعْظَم النَّبَاتِ، والشَّرِقُ: الرَّيَّان المُمْتلئ مَاءً، والمُؤَزَّر: الَّذِي صَارَ النَّبْتُ كالإِزار لَهُ، والعَمِيمُ: النبتُ الْكَثِيفُ الحسَن، وَهُوَ أَكثر مِنَ الجَمِيم؛ يُقَالُ نَبْت عَمِيم ومُعْتَمٌّ وعَمَمٌ. واكْتَهَلَت الرَّوْضَةُ إِذا عَمَّها نبتُها، وَفِي التَّهْذِيبِ: نَوْرُها. وَنَعْجَةٌ مُكْتَهِلةٌ إِذا انْتَهَى سِنُّها. الْمُحْكَمُ: وَنَعْجَةٌ مُكْتَهِلةٌ مُخْتَمِرةُ الرأْس بِالْبَيَاضِ، وأَنكر بَعْضُهُمْ ذَلِكَ. والكاهِلُ: مقَدَّم أَعلى الظَّهْرِ مِمَّا يَلي العنُق وَهُوَ الثُلث الأَعلى فِيهِ سِتُّ فِقَر؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ


(٢). قوله [رماح ابن سعد] هكذا الأصل، وفي الأساس: رباح ابن سعد

<<  <  ج: ص:  >  >>