والعَتُوبُ: الَّذِي لَا يَعْمَلُ فِيهِ العِتابُ. وَيُقَالُ: فلانٌ يَسْتَعْتِبُ مِنْ نَفْسه، ويَسْتَقِيلُ مِنْ نَفْسِهِ، ويَسْتَدْرِك مِنْ نَفْسِهِ إِذا أَدْرَكَ بِنَفْسِهِ تَغْييراً عَلَيْهَا بحُسْن تَقْدِيرٍ وَتَدْبِيرٍ. والأُعْتُوبةُ: مَا تُعُوتِبَ بِهِ، وَبَيْنَهُمْ أُعْتُوبة يَتَعاتَبُون بِهَا. وَيُقَالُ إِذا تَعاتَبُوا أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُمُ العتابُ. والعُتْبَى: الرِّضا. وأَعْتَبَه: أَعْطاه العُتْبَى ورَجَع إِلى مَسَرَّته؛ قَالَ ساعدةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
شابَ الغُرابُ، وَلَا فُؤادُك تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ، وَلَا عِتابُك يُعْتَبُ
أَي لَا يُسْتَقْبَلُ بعُتْبَى. وَتَقُولُ: قَدْ أَعْتَبني فلانٌ أَي تَرَكَ مَا كنتُ أَجد عَلَيْهِ مِنْ أَجلِه، ورَجَع إِلى مَا أَرْضاني عَنْهُ، بَعْدَ إِسْخاطِه إِيَّايَ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ عَنْ
أَبي الدرداءِ أَنه قَالَ: مُعاتَبة الأَخِ خيرٌ مِنْ فَقْدِه. قَالَ: فإِن اسْتُعْتِبَ الأَخُ، فَلَمْ يُعْتِبْ، فإِنَّ مَثَلَهم فِيهِ، كَقَوْلِهِمْ: لَكَ العُتْبَى بأَنْ لَا رَضِيتَ
؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا إِذا لَمْ تُرِدِ الإِعْتابَ؛ قَالَ: وَهَذَا فِعْلٌ مُحَوَّلٌ عَنْ مَوْضِعِهِ، لأَن أَصْلَ العُتْبَى رجوعُ المُسْتَعتِبِ إِلى مَحبَّةِ صَاحِبِهِ، وَهَذَا عَلَى ضدِّه. تَقُولُ: أُعْتِبُكَ بِخِلَافِ رِضاكَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ بِشْر بْنُ أَبي خازمٍ.
غَضِبَتْ تَميمٌ أَنْ تَقَتَّلَ عامِرٌ، ... يومَ النِّسارِ، فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
أَي أَعْتَبْناهم بالسَّيْف، يَعْنِي أَرْضَيْناهم بالقَتْل؛ وَقَالَ شَاعِرٌ:
فَدَعِ العِتابَ، فَرُبَّ شَرٍّ ... هاجَ، أَوَّلهُ، العِتاب
والعُتْبَى: اسْمٌ عَلَى فُعْلى، يُوضَعُ مَوْضِعَ الإِعْتاب، وَهُوَ الرجوعُ عَنِ الإِساءَة إِلى مَا يُرْضِي العاتِبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يُعاتَبُونَ فِي أَنفسهم
، يَعْنِي لعِظَمِ ذُنُوبهم وإِصْرارِهم عَلَيْهَا، وإِنما يُعاتَبُ مَنْ تُرْجَى عِنْدَهُ العُتْبَى أَي الرُّجوعُ عَنِ الذَّنْبِ والإِساءَة. وَفِي الْمَثَلِ: مَا مُسِيءٌ مَنْ أَعْتَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
عاتِبُوا الخَيْلَ فإِنها تُعْتِبُ؛
أَي أَدِّبُوها ورَوِّضُوها للحَرْبِ والرُّكُوبِ، فإِنها تَتَأَدَّبُ وتَقْبَلُ العِتابَ. واسْتَعْتَبَه: كأَعْتَبه. واسْتَعْتَبه: طَلب إِليه العُتْبَى؛ تَقُولُ: اسْتَعْتَبْتُه فأَعْتَبَنِي أَي اسْتَرْضَيْته فأَرْضاني. واسْتَعْتَبْتُه فَمَا أَعْتَبَني، كَقَوْلِكَ: اسْتَقَلْته فَمَا أَقالَني. والاستِعتابُ: الاستِقالة. واسْتَعْتَب فلانٌ إِذا طَلب أَن يُعْتَبَ أَي يُرْضَى والمُعْتَبُ: المُرْضَى. وَفِي الْحَدِيثِ:
لَا يَتَمَنَّيَن أَحدُكم الموتَ، إِما مُحْسِناً فلَعَلَّه يَزْداد، وإِمّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ
؛ أَي يرْجِعُ عَنِ الإِساءَة ويَطْلُبُ الرِّضَا. وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
وَلَا بَعْدَ الموْتِ مِنْ مُسْتَعْتَبٍ
؛ أَي لَيْسَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنِ اسْتِرْضاءٍ، لأَن الأَعمال بَطَلَتْ، وانْقَضَى زَمانُها، وَمَا بَعْدَ الموْت دارُ جزاءٍ لَا دارُ عَمَلٍ؛ وَقَوْلُ أَبي الأَسْود:
فأَلْفَيْتُه غيرَ مُسْتَعْتِبٍ، ... وَلَا ذَاكِرَ اللهِ إِلا قَلِيلَا
يَكُونُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ قَالَ الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً؛ قَالَ: مَنْ فاتَهُ عَمَلُه مِنَ الذِّكْر والشُّكْر بِالنَّهَارِ كَانَ لَهُ