للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُخْتَلِفَةٌ فِي البُلْدان وَهُمْ مُعاملون بِهَا ومُجْرَوْن عَلَيْهَا. والكَيُّولُ: آخِرُ الصُّفوفِ فِي الْحَرْبِ، وَقِيلَ: الكَيُّول مُؤَخَّرُ الصُّفُوفِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يقاتِلُ العدوَّ فسأَله سَيْفًا يقاتِل بِهِ فَقَالَ لَهُ: فلَعَلَّك إِن أَعطيتك أَن تَقُومَ فِي الكَيُّول، فَقَالَ: لَا، فأَعطاه سَيْفًا فَجَعَلَ يُقاتِل وَهُوَ يَقُولُ:

إِنِّي امْرُؤٌ عاهَدَني خَلِيلي ... أَن لَا أَقومَ الدَّهْرَ فِي الكَيُّولِ

أَضْرِبْ بسيفِ اللَّهِ والرسولِ، ... ضَرْبَ غُلامٍ ماجدٍ بُهْلولِ

فَلَمْ يَزَلْ يقاتِل به حَتَّى قُتِل.

الأَزهري: أَبو عُبَيْدٍ الكَيُّولُ هُوَ مُؤَخَّرُ الصُّفُوفِ، قَالَ: وَلَمْ أَسمع هَذَا الْحَرْفَ إِلا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَسَكَّنَ الباءَ فِي أَضْرِبْ لِكَثْرَةِ الْحَرَكَاتِ. وتَكَلَّى الرجلُ أَي قَامَ فِي الكَيُّول، والأَصل تَكَيَّل وَهُوَ مَقْلُوبٌ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الرجَز لأَبي دُجَانَةَ سِمَاك بْنِ خَرَشَةَ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الكَيُّول، فَيْعُول، مِنْ كَالَ الزندُ إِذا كَبَا وَلَمْ يُخْرِجْ نَارًا، فشبَّه مؤخَّر الصُّفُوفِ بِهِ لأَن مَنْ كَانَ فِيهِ لَا يُقاتِل، وَقِيلَ: الكَيُّول الجَبَان؛ والكَيُّول: مَا أَشرف مِنَ الأَرض، يُريد تقومُ فوقَه فَتَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ غَيْرُكَ. أَبو مَنْصُورٍ: الكَيُّول فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا خَرَجَ مِنْ حَرِّ الزَّنْد مُسْوَدّاً لَا نَارَ فِيهِ. اللَّيْثُ: الْفَرَسُ يُكايِل الْفَرَسَ فِي الجَرْي إِذا عارَضه وَبَارَاهُ كأَنه يَكِيل لَهُ مِنْ جَرْيهِ مِثْلَ مَا يَكِيل لَهُ الْآخَرُ. ابْنُ الأَعرابي: المُكَايَلَة أَن يتَشاتَم الرَّجُلَانِ فيُرْبِي أَحدهما عَلَى الْآخَرِ، والمُوَاكَلَة أَن يُهْدِيَ المُدانُ للمَدِينِ ليُؤخِّر قَضَاءَهُ. وَيُقَالُ: كِلْتُ فُلَانًا بفلانٍ أَي قِسْتُه بِهِ، وإِذا أَردْت عِلْمَ رَجُلٍ فكِلْهُ بِغَيْرِهِ، وكِلِ الفرسَ بِغَيْرِهِ أَي قِسْه بِهِ فِي الجَرْي؛ قَالَ الأَخطل:

قَدْ كِلْتُموني بالسَّوابِقِ كُلِّها، ... فَبَرَّزْتُ مِنْهَا ثَانِيًا مِنْ عِنَانِيَا

أَي سَبَقْتُهَا وَبَعْضُ عِناني مَكْفوف. والكِيَالُ: المُجاراة؛ قَالَ:

أُقْدُرْ لنَفْسِكَ أَمْرَها، ... إِن كَانَ مِنْ أَمْرٍ كِيَالَهْ

وَذَكَرَ أَبو الْحَسَنِ بْنُ سِيدَهْ فِي أَثناء خُطْبة كِتَابِهِ الْمُحْكَمِ مِمَّا قَصَدَ بِهِ الوَضْعَ مِنْ ابْنِ السِّكِّيتِ فَقَالَ: وأَيُّ مَوْقِفةٍ أَخْزَى لِواقِفِها مِنْ مَقَامَةِ أَبي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إِسحاق السِّكِّيتِ مَعَ أَبي عُثْمَانَ الْمَازِنِيِّ بَيْنَ يَدَيِ المتوكِّل جَعْفَرٍ؟ وَذَلِكَ أَن الْمُتَوَكِّلَ قَالَ: يَا مَازِنِيُّ سَلْ يَعْقُوبَ عَنْ مسأَلة مِنَ النَّحْوِ، فَتَلَكَّأَ الْمَازِنِيُّ عِلْماً بتأَخر يَعْقُوبَ فِي صِنَاعَةِ الإِعراب، فعَزَم الْمُتَوَكِّلُ عَلَيْهِ وَقَالَ: لَا بدَّ لَكَ مِنْ سُؤَالِهِ، فأَقبل الْمَازِنِيُّ يُجْهِد نَفْسَهُ فِي التَّلْخِيصِ وتَنكُّب السُّؤَالِ الحُوشِيِّ العَوِيص، ثُمَّ قَالَ: يَا أَبا يُوسُفَ مَا وَزْن نَكْتَلْ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ

، فَقَالَ لَهُ: نَفْعَل؛ قَالَ: وَكَانَ هُنَاكَ قَوْمٌ قَدْ عَلِمُوا هَذَا المِقْدار، ولم يُؤْتَؤْا مِنْ حَظِّ يَعْقُوبَ فِي اللُّغَةِ المِعْشار، فَفَاضُوا ضَحِكاً، وأَداروا مِنَ اللَّهْو فَلَكاً، وَارْتَفَعَ المتوكِّل وَخَرَجَ السِّكِّيتي وَالْمَازِنَيُّ، فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: يَا أَبا عُثْمَانَ أَسأْت عِشْرَتي وأَذْويْتَ بَشَرتي، فَقَالَ لَهُ الْمَازِنِيُّ: وَاللَّهِ مَا سأَلتُك عَنْ هَذَا حَتَّى بَحَثْتُ فَلَمْ أَجد أَدْنى مِنْهُ مُحاوَلًا، وَلَا أَقْرَب منه مُتَناوَلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>