للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيرِ المَتْلُوِّ مِثْلَ مَا أُعطيَ مِنَ الظَّاهِرِ المَتْلُوِّ، وَالثَّانِي أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي مِنَ البَيان مثلَه أَي أُذِنَ لَهُ أَن يبيِّن مَا فِي الْكِتَابِ فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد وينقُص، فَيَكُونُ فِي وُجوب العَمَل بِهِ وَلُزُومِ قَبُولِهِ كالظاهِر المَتْلوِّ مِنَ الْقُرْآنِ. وَفِي حَدِيثِ

المِقْدادِ: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كَلِمَتَهُ

أَي تَكُونُ مِنْ أَهل النَّارِ إِذا قتلتَه بَعْدَ أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بِالشَّهَادَةِ، كَمَا كَانَ هُوَ قَبْلَ التلفُّظ بِالْكَلِمَةِ مِنْ أَهل النَّارِ، لَا أَنه يَصِيرُ كَافِرًا بِقَتْلِهِ، وَقِيلَ: إِنك مِثْله فِي إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قَبْلَ أَن يُسْلِم مُباحُ الدَّمِ، فإِن قَتَلَهُ أَحد بَعْدَ أَن أَسلم كَانَ مُباحَ الدَّمِ بحقِّ القِصاصِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

صَاحِبِ النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: جَاءَ فِي رِوَايَةِ

أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ الرجلَ قَالَ وَاللَّهِ مَا أَردت قَتْله

، فَمَعْنَاهُ أَنه قَدْ ثَبت قَتْلُه إِياه وأَنه ظَالِمٌ لَهُ، فإِن صَدَقَ هُوَ فِي قَوْلِهِ إِنه لَمْ يُرِد قَتْله ثُمَّ قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظَالِمًا مثلَه لأَنه يَكُونُ قَدْ قَتَلَه خَطَأً. وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:

أَمَّا العبَّاس فإِنها عَلَيْهِ ومِثْلُها مَعها

؛ قِيلَ: إِنه كَانَ أَخَّرَ الصَّدَقة عَنْهُ عامَيْن فَلِذَلِكَ قَالَ ومثلُها مَعَهَا، وتأْخير الصدقةِ جَائِزٌ للإِمام إِذا كَانَ بِصَاحِبِهَا حاجةٌ إِليها، وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ:

فإِنها عَليَّ ومِثْلُها مَعَهَا

، قِيلَ: إِنه كَانَ اسْتَسْلَف مِنْهُ صدقةَ عَامَيْنِ، فَلِذَلِكَ قَالَ عَليَّ. وَفِي حَدِيثِ السَّرِقة:

فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه

؛ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الوَعِيدِ والتغليظِ لَا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عَنْهُ، وإِلّا فَلَا واجبَ عَلَى متلِف الشَّيْءِ أَكثر مِنْ مِثْلِه، وَقِيلَ: كَانَ فِي صدْر الإِسلام تَقَعُ العُقوباتُ فِي الأَموال ثُمَّ نسِخ، وَكَذَلِكَ

قَوْلُهُ: فِي ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها ومِثْلُها مَعَهَا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وأَحاديث كَثِيرَةٌ نَحْوُهُ سبيلُها هَذَا السَّبِيلُ مِنَ الْوَعِيدِ وَقَدْ كَانَ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يحكُم بِهِ، وإِليه ذَهَبَ أَحمدُ وَخَالَفَهُ عامَّة الْفُقَهَاءِ. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، وَالْجَمْعُ أَمْثالٌ، وَهُمَا يَتَماثَلانِ؛ وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مُسْتَراد مِثْله أَو مِثْلها، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى

؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: أَنه قَوْلُ لَا إِله إِلَّا اللَّهُ وتأْويلُه أَن اللَّهَ أَمَر بِالتَّوْحِيدِ ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وَهِيَ الأَمثال؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ بِهِ وتَمَثَّله؛ قَالَ جَرِيرٌ:

والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى، ... حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا

عَلَى أَن هَذَا قَدْ يَجُوزُ أَن يُرِيدَ بِهِ تمثَّل بالأَمْثال ثُمَّ حذَف وأَوْصَل. وامْتَثَلَ القومَ وَعِنْدَ الْقَوْمِ مَثَلًا حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد بَيْتًا ثُمَّ آخَر ثُمَّ آخَر، وَهِيَ الأُمْثولةُ، وتَمَثَّلَ بِهَذَا البيتِ وَهَذَا البيتَ بِمَعْنًى. والمَثَلُ: الشَّيْءُ الَّذِي يُضرَب لِشَيْءٍ مِثْلًا فَيَجْعَلُ مِثْلَه، وَفِي الصِّحَاحِ: مَا يُضرَب بِهِ مِنَ الأَمْثال. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ومَثَلُ الشَّيْءِ أَيضاً صِفَتُهُ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ*

؛ قَالَ اللَّيْثُ: مَثَلُها هُوَ الْخَبَرُ عَنْهَا، وَقَالَ أَبو إِسحق: مَعْنَاهُ صِفة الْجَنَّةِ، وَرَدَّ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ، قَالَ: لأَن المَثَلَ الصِّفَةُ غَيْرُ مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، إِنما مَعْنَاهُ التَّمْثِيل. قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي خَلِيفَةَ: سَمِعْتُ مُقاتِلًا صاحبَ التَّفْسِيرِ يسأَل أَبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ عَنْ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مَثَلُ الْجَنَّةِ

: مَا مَثَلُها؟ فَقَالَ: فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ، قَالَ: مَا مَثَلُهَا؟ فَسَكَتَ أَبو عَمْرٍو، قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>