للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّمَاثِيل، وأَصله مِنْ مَثَّلْت الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ إِذا قدَّرته عَلَى قَدْرِهِ، وَيَكُونُ تَمْثيل الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ تَشْبِيهًا بِهِ، وَاسْمُ ذَلِكَ الممثَّل تِمْثال. وأَما التَّمْثال، بِفَتْحِ التَّاءِ، فَهُوَ مَصْدَرُ مَثَّلْت تَمْثِيلًا وتَمْثَالًا. وَيُقَالُ: امْتَثَلْت مِثالَ فُلَانٍ احْتَذَيْت حَذْوَه وَسَلَكْتُ طَرِيقَتَهُ. ابْنُ سِيدَهْ: وامْتَثَلَ طَرِيقَتَهُ تبِعها فَلَمْ يَعْدُها. ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُلُ مُثُولًا ومَثُلَ: قَامَ مُنْتَصِبًا، ومَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُثُولًا أَي انْتَصَبَ قَائِمًا؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِمَنارة المَسْرَجة مَاثِلةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل لَهُ النَّاسُ قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنَ النَّارِ

أَي يَقُومُوا لَهُ قِياماً وَهُوَ جَالِسٌ؛ يُقَالُ: مَثُلَ الرَّجُلُ يَمْثُلُ مُثُولًا إِذا انْتَصَبَ قَائِمًا، وإِنما نَهَى عَنْهُ لأَنه مِنْ زِيِّ الأَعاجم، ولأَن الْبَاعِثَ عَلَيْهِ الكِبْر وإِذلالُ النَّاسِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

فَقَامَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مُمْثِلًا

؛ يُرْوَى بِكَسْرِ الثَّاءِ وَفَتْحِهَا، أَي مُنْتَصِبًا قَائِمًا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا شُرِحَ، قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ جِهَةِ التَّصْرِيفِ، وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَثَلَ قَائِمًا. والمَاثِلُ: الْقَائِمُ. والمَاثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَلَ: لَطِئَ بالأَرض، وَهُوَ مِنَ الأَضداد؛ قَالَ زُهَيْرٌ:

تَحَمَّلَ مِنْهَا أَهْلُها، وخَلَتْ لَهَا ... رُسومٌ، فَمِنْهَا مُسْتَبِينٌ ومَاثِلُ

والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والمَاثِلُ: الرُّسومُ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ أَيضاً فِي المَاثِل المُنْتَصِبِ:

يَظَلُّ بِهَا الحِرْباءُ لِلشَّمْسِ مَاثِلًا ... عَلَى الجِذْل، إِلا أَنه لَا يُكَبِّرُ

وَقَوْلُ لَبِيدٌ:

ثُمَّ أَصْدَرْناهُما فِي وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ

فسَّره المفسِّر فَقَالَ: المَثَلُ المَاثِلُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَوَجْهُهُ عِنْدِي أَنه وَضَعَ المَثَلَ مَوْضِعَ المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فَحَذَفَ الْمُضَافَ وأَقام الْمُضَافَ إِليه مُقَامَهُ؛ وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ المَثَلُ جَمْعَ مَاثِل كَغَائِبٍ وغَيَب وخادِم وخَدَم وَمَوْضِعُ الْكَافِ الزِّيَادَةُ، كَمَا قَالَ رُؤْبَةَ:

لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ

أَي فِيهَا مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُلُ: زَالَ عَنْ مَوْضِعِهِ؛ قَالَ أَبو خِراش الْهُذْلِيُّ:

يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيحُ لِما يَرى، ... فَمِنْهُ بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ «٣»

. أَبو عَمْرٍو: كَانَ فُلَانٌ عِنْدَنَا ثُمَّ مَثَلَ أَي ذَهَبَ. والمَاثِلُ: الدارِس، وَقَدْ مَثَلَ مُثُولًا. وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احْتَذَاهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الْحِمَارَ والأُتُن:

رَبَاعٍ لَهَا، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عِنْدَهُ، ... خُماشاتُ ذَحْلٍ مَا يُراد امْتِثَالُها

ومَثَلَ بِالرَّجُلِ يَمْثُلُ مَثْلًا ومُثْلَة؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ومَثَّلَ، كِلَاهُمَا: نكَّل بِهِ، وَهِيَ المَثُلَة والمُثْلة، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ

؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الضَّمَّةُ فِيهَا عِوَض مِنَ الْحَذْفِ، وَرَدَّ ذَلِكَ أَبو عَلِيٍّ وَقَالَ: هُوَ مِنْ بَابِ شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات.


(٣). قوله [يقربه النهض إلخ] تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما هنا

<<  <  ج: ص:  >  >>