للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قِيلَ: قَدْ تَمَلْمَلَ، وَهُوَ تقلُّبه عَلَى فِراشه، قَالَ: وتَمَلْمُلُه وَهُوَ جَالِسٌ أَن يَتوكأَ مَرَّةً عَلَى هَذَا الشِّق، وَمَرَّةً عَلَى ذَاكَ، وَمَرَّةً يَجْثُو عَلَى رُكْبَتَيْهِ. وأَتاه خَبَر فَمَلْمَلَه، والحِرْباءُ تَتَمَلْمَلُ مِنَ الحرِّ: تصعَد رأْس الشَّجَرَةِ مَرَّةً وتَبْطُن فِيهَا مَرَّةً وَتَظْهَرُ فِيهَا أُخرى. أَبو زَيْدٍ: أَمَلَّ فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ إِذا شقَّ عَلَيْهِ وأَكثر فِي الطلَب. يُقَالُ: أَمْلَلْت عليَّ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:

أَلا يَا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ، ... أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى المَلَوانِ

وَقَالَ شَمِرٌ فِي قَوْلِهِ أَمَلَّ عَلَيْهَا بالبِلى: أَلقى عَلَيْهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَلَحَّ عَلَيْهَا حَتَّى أَثَّر فِيهَا. وَبَعِيرٌ مُمَلٌّ: أَكثر رُكوبه حَتَّى أَدْبَر ظَهره؛ قَالَ الْعَجَّاجُ فأَظهر التَّضْعِيفَ لِحَاجَتِهِ إِليه يصِف نَاقَةً.

حَرْف كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ، ... لَا تَحْفِل السَّوْطَ وَلَا قَوْلِي حَلِ

تشكُو الوَجى مِنْ أَظْلَلٍ وأَظلَلِ، ... مِنْ طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ

أَراد تشكُو النَّاقَةُ وجَى أَظَلَّيْها، وَهُمَا باطِنا مَنْسِمَيها، وَتَشْكُو ظهرَها الَّذِي أَمَلَّه الرُّكُوبُ أَي أَدْبَرَه وجَزَّ وبَره وهَزَله. وَطَرِيقٌ مَلِيل ومُمَلٌّ: قَدْ سُلِكَ فِيهِ حَتَّى صَارَ مُعْلَماً؛ وَقَالَ أَبو دُواد:

رَفَعْناها ذَمِيلًا فِي ... مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ

وَطَرِيقٌ مُمَلّ أَي لَحْب مَسْلُوكٌ. وأَمَلَّ الشيءَ: قَالَهُ فكُتِب. وأَمْلاه: كأَمَلَّه، عَلَى تَحْوِيلِ التَّضْعِيفِ. وَفِي التَّنْزِيلِ: فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ

؛ وَهَذَا مِنْ أَمَلَّ، وَفِي التَّنْزِيلِ أَيضاً: فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا؛ وَهَذَا مِنْ أَمْلى. وَحَكَى أَبو زَيْدٍ: أَنا أُمْلِلُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، بإِظهار التَّضْعِيفِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَمْلَلْت لُغَةُ أَهل الْحِجَازِ وَبَنِي أَسد، وأَمْلَيْت لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَقَيْسٍ. يُقَالُ: أَمَلَّ عَلَيْهِ شَيْئًا يَكْتُبُهُ وأَمْلَى عَلَيْهِ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِاللُّغَتَيْنِ مَعاً. وَيُقَالُ: أَمْلَلْتُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وأَمْلَيْتُهُ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدٍ: أَنه أَمَلَّ عَلَيْهِ لَا يَستوي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

يُقَالُ: أَمْلَلْتُ الكتابَ وأَمْلَيْتُهُ إِذا أَلقيته عَلَى الْكَاتِبِ لِيَكْتُبَهُ. ومَلَّ الثوبَ مَلًّا: درَزَه؛ عَنْ كُرَاعٍ. التَّهْذِيبُ: مَلَّ ثوبَه يَمُلُّه إِذا خَاطَهُ الْخِيَاطَةَ الأُولى قَبْلَ الكَفِّ؛ يُقَالُ مِنْهُ: مَلَلْتُ الثوبَ بِالْفَتْحِ. والمِلَّة: الشَّرِيعَةُ وَالدِّينُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَا يَتوارثُ أَهلُ مِلَّتَيْنِ

؛ المِلَّة: الدِّينُ كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية وَالْيَهُودِيَّةِ، وَقِيلَ: هِيَ مُعْظم الدِّينِ، وَجُمْلَةُ مَا يَجِيءُ بِهِ الرُّسُلُ. وتَمَلَّلَ وامْتَلَّ: دَخَلَ فِي المِلَّة. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ

؛ قَالَ أَبو إِسحاق: المِلة فِي اللُّغَةِ سُنَّتُهم وَطَرِيقُهُمْ وَمِنْ هَذَا أُخذ المَلَّة أَي الْمَوْضِعُ الَّذِي يختبزُ فِيهِ لأَنه يؤثَّر فِي مَكَانِهَا كَمَا يؤثَّر فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: وَكَلَامُ الْعَرَبِ إِذا اتفَق لفظُه فأَكثره مُشتق بعضُه مِنْ بَعْضٍ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَمِمَّا يُؤَيِّدُ قولَه قولُهم مُمَلٌّ أَي مَسْلُوكٌ مَعْلُومٌ؛ وَقَالَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِ الرَّاجِزِ:

كأَنه فِي ملَّة مَمْلُول

قَالَ: المَمْلُول مِنَ المِلَّة، أَراد كأَنه مِثَالٌ مُمَثَّل مِمَّا يُعْبَدُ فِي مِلَل الْمُشْرِكِينَ. أَبو الْهَيْثَمِ: المِلَّة الدِّيَةُ، والمِلَل الدِّيَاتُ؛ وأَنشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>