للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشَّيْءَ فمَالَ، وَرَجُلٌ مَائِلٌ مِنْ قَوْمٍ مُيَّل ومالَةٍ. يُقَالُ: إِنهم لَمَالَةٌ إِلى الحَق، وَقَوْلُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

غَدَاهُ ظَهْرُه نُجُد، عَلَيْهِ ... ضَباب تَنْتَحِيه الريحُ مِيلُ «١»

قِيلَ: ضَباب مِيلٌ مَعَ الرِّيحِ يَتكفَّأ قَالَ ابْنُ جِنِّي: الْقَوْلُ فِي مِيل، فإِنه وإِن كَانَ جَمْعًا فإِنه أَجراه عَلَى الضَّباب، وإِن كَانَ وَاحِدًا مِنْ حَيْثُ كَانَ كَثِيرًا فَذَهَبَ بِالْجَمْعِ إِلى الْكَثْرَةِ كَمَا قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

فَنُوَّارُه مِيلٌ إِلى الشَّمْسِ زاهِرُه

قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ مِيلٌ واحداً كَنِقْضٍ ونِضْوٍ ومِرْطٍ، وَقَدْ أَمَالَهُ إِليه ومَيَّلَه. واسْتَمَالَ الرَّجُلَ: مِنَ المَيْل إِلى الشَّيْءِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُوسَى أَنه قَالَ لأَنس: عُجِّلَت الدُّنْيَا وغُيِّبَتِ الْآخِرَةُ، أَمَا وَاللَّهِ لَوْ عايَنوها مَا عَدَلوا وَلَا مَيَّلوا

، قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ مَا مَيَّلُوا لَمْ يشكُّوا وَلَمْ يتردَّدوا. تَقُولُ الْعَرَبُ: إِني لأُمَيِّلُ بَيْنَ ذَيْنِكَ الأَمرَين، وأُمَايِلُ بَيْنَهُمَا أَيَّهما أَرْكَب، وأُمايِطُ بَيْنَهُمَا، وإِني لأُمَيِّلُ وأُمَايِل بَيْنَهُمَا أَيُّهما أَفضل، وَقَالَ عِمْرَانُ بْنُ حِطَّانَ:

لَمَّا رأَوا مَخرَجاً مِنْ كُفْرِ قَوْمِهِمْ، ... مَضَوْا فَمَا مَيَّلوا فِيهِ وَمَا عَدَلوا

مَا مَيَّلوا أَي لَمْ يشكُّوا. وإِذا مَيَّلَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا فَهُوَ شاكٌّ، وَقَوْلُهُ مَا عَدَلوا كَمَا تَقُولُ مَا عدَلْت بِهِ أَحداً، وَقِيلَ: مَا عَدَلوا أَي مَا ساوَوْا بِهَا شَيْئًا. وتَمَايَلَ فِي مِشْيته تَمَايُلًا، واسْتَمَالَه واسْتَمَالَ بقلْبه. والتَّمْيِيل بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: كَالتَّرْجِيحِ بَيْنَهُمَا. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فقرَّبَ إِليه طَعَامًا فِيهِ قِلَّةٌ فمَيَّل فِيهِ لِقلَّتِه، فَقَالَ أَبو ذَرٍّ: إِنما أَخاف. كَثْرَتَهُ وَلَمْ أَخَف قِلَّته

، مَيَّل أَي تردَّد هَلْ يأْكل أَو يَتْرُكُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: إِني لأُمَيِّل بَيْنَ ذيْنِك الأَمرين وأُمايِلُ بَيْنَهُمَا أَيَّهما آتِي. والمَيْلاءُ: ضرْب مِنْ الاعتِمام، حَكَى ثَعْلَبٌ: هو يَعْتَمُّ المَيْلاءَ أَي يُمِيل الْعِمَامَةَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَالَ: صِنْفانِ مِنْ أَهل النَّارِ لَمْ أَرهُما بعدُ، قومٌ مَعَهُمْ سِياطٌ كأَذْنابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ النَّاسَ بِهَا، ونساءٌ كاسِياتٌ عارِياتٌ مَائِلاتٌ مُمِيلاتٌ، رُؤُوسُهنَّ كأَسْنِمة البُخْتِ المَائِلَة، لَا يَدْخُلْن الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْن ريحَها، وإِنَّ ريحَها لَتُوجدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا

، «٢» يَقُولُ: يَمِلْنَ بالخُيَلاء ويُصْبِينَ قلوبَ الرِّجَالِ، وَقِيلَ: مَائِلات الخِمْرة كَمَا قَالَ الْآخَرُ:

مَائِلَةِ الخِمْرةِ والكلامِ

وَقِيلَ: المَائِلَات المُتَبرِّجات، وقيل: مَائِلات الرؤُوس إِلى الرِّجَالِ. والمِشْطةُ الميْلاء: مَعْرُوفَةٌ وَقَدْ كرِهها بَعْضُهُمْ لِلنِّسَاءِ، قَالَ ابْنُ الأَثير: المَائِلاتُ الزائِغاتُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَمَا يَلْزَمُهُنَّ حِفْظُهُ، ومُمِيلاتٌ يُعلِّمن غَيْرَهُنَّ الدخولَ فِي مِثْلِ فِعْلِهن، وَقِيلَ: مَائِلاتٌ مُتَبَخْتِرات فِي الْمَشْيِ مُمِيلات لأَكتافهنَّ وأَعطافهنّ، وَقِيلَ: مَائِلات يَمْتَشِطْنَ المِشْطةَ المَيْلاء وَهِيَ مِشْطة الْبَغَايَا، وَقَدْ جَاءَ كراهتُها فِي الْحَدِيثِ. والمُمِيلات: اللَّوَاتِي يَمْشُطْن غيرَهنَّ تِلْكَ المِشْطة. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَتْ لَهُ امرأَة إِني أَمْتَشِط المَيْلاء، فَقَالَ عِكْرِمَةُ: رأْسُك تَبَعٌ لقلبِك، فَإِنِ اسْتَقَامَ قلبُك اسْتَقَامَ رأْسُك، وإِن مَالَ


(١). قوله [غداه ظهره نجد] هكذا في الأصل.
(٢). قوله [لَتُوجَدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا] عبارة الصاغاني: لتوجد من مسيرة كذا وكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>