للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واستقامَتُه ومعرِفته؛ وأَنشد فِي مِثْلِهِ:

تَفَرَّقَتِ المَخاضُ عَلَى يسارٍ، ... فَمَا يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيبُ

وأَمرٌ مُبْهَم: لَا مَأْتَى لَهُ. واسْتَبْهَم الأَمْرُ إِذا اسْتَغْلَق، فَهُوَ مُسْتَبْهِم. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: كَانَ إِذا نَزَل بِهِ إحْدى المُبْهَمات كَشَفَها

؛ يُريدُ مَسْأَلَةً مُعضِلةً مُشْكِلة شاقَّة، سمِّيت مُبْهَمة لأَنها أُبْهِمت عَنِ الْبَيَانِ فَلَمْ يُجْعل عَلَيْهَا دَلِيلٌ، وَمِنْهُ قِيلَ لِما لَا يَنْطِق بَهِيمة. وَفِي حَدِيثِ

قُسّ: تَجْلُو دُجُنَّاتِ «١». الدَّياجي والبُهَم

؛ البُهَم: جَمْعُ بُهْمَة، بِالضَّمِّ، وَهِيَ مُشكلات الأُمور. وَكَلَامٌ مُبْهَم: لَا يعرَف لَهُ وَجْه يُؤْتَى مِنْهُ، مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ حَائِطٌ مُبْهَم إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ بابٌ. ابْنُ السِّكِّيتِ: أَبْهَمَ عَلَيَّ الأَمْرَ إِذا لَمْ يَجعل لَهُ وَجْهًا أَعرِفُه. وإبْهامُ الأَمر: أَن يَشْتَبه فَلَا يعرَف وجهُه، وَقَدْ أَبْهَمه. وَحَائِطٌ مُبْهَم: لَا بَابَ فِيهِ. وبابٌ مُبْهَم: مُغلَق لَا يُهْتَدى لفتحِه إِذا أُغْلِق. وأبْهَمْت البابَ: أَغلَقْته وسَدَدْته. وليلٌ بَهيم: لَا ضَوء فِيهِ إِلى الصَّباح. وَرُوِيَ

عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ، قَالَ: فِي تَوابيت مِنْ حديدٍ مُبْهَمةٍ عَلَيْهِمْ

؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: المُبْهَمة الَّتِي لَا أَقْفالَ عَلَيْهَا. يُقَالُ: أَمرٌ مُبْهَم إِذا كَانَ مُلْتَبِساً لَا يُعْرَف مَعْنَاهُ وَلَا بَابُهُ. غَيْرُهُ: البَهْمُ جَمْعُ بَهْمَةٍ وَهِيَ أَولادُ الضأْن. والبَهْمة: اسْمٌ لِلْمُذَكِّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، والسِّخالُ أَولادُ المَعْزَى، فَإِذَا اجْتَمَعَ البهامُ والسِّخالُ قَلْتَ لَهُمَا جَمِيعًا بِهامٌ وبَهْمٌ أَيضاً؛ وأَنشد الأَصمعي:

لَوْ أَنَّني كنتُ، مِنْ عادٍ ومِن إِرَمٍ، ... غَذِيَّ بَهْمٍ ولُقْماناً وَذَا جَدَنِ

لأَنَّ الغَذِيَّ السَّخلة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ لأَن الغَذِيَّ السَّخْلة وَهَم، قَالَ: وإِنما غَذِيُّ بَهْمٍ أَحدُ أَمْلاك حِمْير كَانَ يُغَذّى بلُحوم البَهْم، قَالَ وَعَلَيْهِ قَوْلُ سَلْمَى بْنِ رَبِيعَةَ الضَّبِّيِّ:

أَهلَك طَسْماً، وبَعْدَهم ... غَذِيَّ بَهْمٍ وَذَا جَدَنِ

قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنه عَطَفَ لُقْماناً عَلَى غَذِيَّ بَهْمٍ، وَكَذَلِكَ فِي بَيْتِ سَلْمَى الضَّبِّيِّ، قَالَ: وَالْبَيْتُ الَّذِي أَنشده الأَصمعي لأَفْنون التَّغْلَبِيِّ؛ وَبَعْدَهُ:

لَمَا وَفَوْا بأَخِيهم مِنْ مُهَوّلةٍ ... أَخا السُّكون، وَلَا جَارُوا عَنِ السَّنَنِ

وَقَدْ جَعل لَبيد أَولادَ الْبَقَرِ بِهاماً بِقَوْلِهِ:

والعِينُ ساكنةٌ عَلَى أَطلائِها ... عُوذاً، تأَجَّل بالفَضاء بِهامُها

وَيُقَالُ: هُم يُبَهِّمُون البَهْمَ تَبْهِيماً إِذا أَفرَدُوه عَنْ أُمَّهاته فَرَعَوْه وحْدَه. الأَخفش: البُهْمَى لَا تُصْرَف. وكلُّ ذِي أَربع مِنْ دوابِّ الْبَحْرِ وَالْبَرِّ يسمَّى بَهِيمة. وَفِي حَدِيثِ

الإِيمان والقَدَر: وَتَرَى الحُفاةَ العُراة رِعاءَ الإِبل والبَهْم يَتطاوَلون فِي البُنْيان

؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَراد بِرِعاءِ الإِبِل والبَهْم الأَعْرابَ وأَصحابَ البَوادي الَّذِينَ يَنْتَجِعون مواقعَ الغَيْث وَلَا تَسْتَقِرُّ بِهِمُ الدَّارُ، يَعْنِي أَن الْبِلَادَ تفتَح


(١). قوله [تجلو دجنات] هكذا في الأَصل والنهاية بالتاء، وفي مادة دجن من النهاية: يجلو دجنات بالياء

<<  <  ج: ص:  >  >>