للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْبُعَيْثُ:

أَلَا أَصْبَحَت خَنْساءُ جاذِمةَ الوَصْلِ

والجَذْمُ: سُرْعَةُ القَطْع؛ وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ أَهل الْمَدِينَةِ طَالَ عَلَيْهِمُ الجَذْم والجَذْبُ

أَيِ انْقِطاعُ المِيرة عَنْهُمْ. والجِذْمة: القِطْعة مِنَ الشَّيْءِ يُقْطع طَرَفُه وَيَبْقَى جَذْمُه، وَهُوَ أَصله. والجِذْمة: السَّوْط لأَنه يَتَقَطَّعُ ممَّا يُضْرَب بِهِ. والجِذْمة مِنَ السَّوْط: مَا يُقْطع طرفُه الدَّقِيق وَيَبْقَى أَصله؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّة:

يُوشُونَهُنَّ، إِذَا مَا آنَسوا فَزَعاً ... تَحْتَ السَّنَوَّر، بالأَعْقابِ والجِذَم

ورجلٌ مِجْذامٌ ومِجذامةٌ: قَاطِعٌ للأُمور فَيْصل. قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: رَجُلٌ مِجْذامة لِلْحَرْبِ والسَّير والهَوَى أَيْ يَقْطَعُ هَواه ويَدَعُه. الْجَوْهَرِيُّ: رَجُلٌ مِجْذامة أَيْ سَرِيعُ الْقَطْعِ للمَوَدَّة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:

وَإِنِّي لبَاقِي الوُدِّ مِجْذامةُ الهَوَى، ... إِذَا الإِلف أَبْدَى صَفْحه غَيْرَ طَائِلِ

والأَجْذَمُ: الْمَقْطُوعُ اليَد، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ أنامِلُه، جَذِمَتْ يَدُه جَذَماً وجَذَمها وأَجْذَمها، والجَذْمةُ والجَذَمةُ: مَوْضِعُ الجَذْم مِنْهَا. والجِذْمة: القِطعة مِنَ الْحَبْلِ وَغَيْرِهِ. وَحَبْلٌ جِذْمٌ مَجْذومٌ: مَقْطُوعٌ؛ قَالَ:

هَلَّا تُسَلِّي حاجةٌ عَرَضَتْ ... عَلَقَ القَرينةِ، حَبْلُها جِذْمُ

والجَذَم: مَصْدَرُ الأَجْذَم اليَدِ، وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَتْ أَصابعِ كَفَّيْهِ. وَيُقَالُ: مَا الَّذِي جَذَّمَ يدَيه وَمَا الَّذِي أَجْذمه حَتَّى جَذِم. والجُذام مِنَ الدَّاء: مَعْرُوفٌ لتَجَذُّم الأَصابع وتقطُّعها. وَرَجُلٌ أَجْذَمَ ومُجَذَّم: نَزَل بِهِ الجُذام؛ الأَوّل عَنْ كُرَاعٍ؛ غَيْرُهُ: وَقَدْ جُذِم الرَّجُلُ، بِضَمِّ الْجِيمِ، فَهُوَ مَجْذوم. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ أَجْذَمَ. والجاذِمُ: الَّذِي وَلِيَ جَذْمَه. والمُجذَّم: الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ ذَلِكَ، وَالِاسْمُ الجُذام. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ تَعَلَّم الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيه لَقِيَ اللهَ يومَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَجْذَم.

قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الأَجْذَم المَقْطوع الْيَدِ. يُقَالُ: جَذِمَت يدُه تَجْذَمُ جَذَماً إِذَا انْقَطَعَتْ فَذَهَبت، فَإِنْ قَطَعْتها أَنت قُلْتَ: جَذَمْتُها أَجْذِمُها جَذْماً؛ قَالَ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ مَنْ نَكَثَ بَيْعَتَه لَقِي اللَّهَ وَهُوَ أَجْذم لَيْسَتْ لَهُ يَدٌ

، فَهَذَا تَفْسِيرُهُ؛ وَقَالَ المُتَلَمِّسُ.

وَهَلْ كنتُ إلَّا مِثْلَ قاطِعِ كَفِّه ... بِكَفٍّ لَهُ أُخْرى، فأَصْبَحَ أَجْذَما؟

وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الأَجْذَم فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي ذَهَبَتْ أَعضاؤه كُلُّهَا، قَالَ: وَلَيْسَتْ يَدُ الناسِي لِلْقُرْآنِ أَولى بالجَذْم مِنْ سَائِرِ أَعضائه. وَيُقَالُ: رَجُلٌ أَجْذَمُ ومَجْذوم ومُجَذَّم إِذَا تَهافَتَتْ أَطْرافُه مِنْ دَاءِ الجُذام. قَالَ الأَزهري: وَقَوْلُ الْقُتَيْبِيِّ قَرِيبٌ مِنَ الصَّوَابِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَالَ ابْنُ الأَنباري رَدًّا عَلَى ابْنِ قُتَيْبَةَ: لَوْ كَانَ الْعِقَابُ لَا يقَعُ إلَّا بِالْجَارِحَةِ الَّتِي بَاشَرَتِ الْمَعْصِيَةَ لَما عُوقب الزَّانِي بالجَلْد والرَّجْم فِي الدُّنْيَا، وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّارِ؛ وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنه لَقِيَ اللهَ وَهُوَ أَجْذَمُ الحُجَّةِ، لَا لِسانَ لَهُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَلَا حُجَّةَ فِي يَدِهِ. وَقَوْلُ

عَلِيٍّ: لَيْسَتْ لَهُ يَدٌ

أَي لَا حُجَّة لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَقِيَه وَهُوَ مُنْقَطِعُ السَّبَب، يدلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:

القرآنُ سَبَبٌ بيدِ اللَّهِ وسَبَبٌ بأَيديكم، فَمن نَسِيه فَقَدْ قَطع

<<  <  ج: ص:  >  >>