للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*

، قال الفراء: القُرّاءُ قرؤوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ*

، وقرأَها يَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ والأَعْمَشُ

وَلَا يُجْرِمَنَّكم

، مِنْ أَجْرَمْتُ، وَكَلَامُ الْعَرَبِ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَجَاءَ فِي التَّفْسِيرِ: وَلَا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ أَن تَعْتَدُوا، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ يَقُولُونَ فُلَانٌ جَريمَة أَهله أَيْ كَاسِبُهُمْ. وَخَرَجَ يَجْرِمُ أَهْلَه أَيْ يَكْسبهم، وَالْمَعْنَى فِيهِمَا مُتَقَارِبٌ لَا يَكْسِبَنَّكم بُغْضُ قَوْمٍ أَن تَعْتَدُوا. وجَرَمَ يَجْرِمُ واجْتَرم: كَسَبَ؛ وَأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدَةَ للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص بَنِي سَعْد:

طَريدُ عَشِيرةٍ، ورهينُ جُرْمٍ ... بِمَا جَرَمَتْ يَدي وجنَى لِساني

وَهُوَ يَجْرِمُ لأَهله ويَجْتَرِمُ: يَتَكَسَّبُ وَيَطْلُبُ ويَحْتالُ. وجَريمةُ الْقَوْمِ: كاسِبُهم. يُقَالُ: فُلَانٌ جارِمُ أَهْلِهِ وجَريمَتُهم أَيْ كَاسِبُهُمْ؛ قَالَ أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يَصِفُ عُقاباً تَرْزُق فَرخَها وتَكْسِبُ لَهُ:

جَريمَةُ ناهِضٍ فِي رأْسِ نِيقٍ، ... تَرى لِعظامِ مَا جَمَعَتْ صَلِيبا

جَريمَةُ: بِمَعْنَى كَاسِبَةٍ، وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ: قَالَ يَصِفُ عُقاباً تَصِيدُ فَرْخَها الناهضَ مَا تأْكله مِنْ لَحْمِ طَيْرٍ أَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ عِظَامُهُ يَسِيلُ مِنْهَا الْوَدَكُ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ثَعْلَبٌ أَن الجَريمة النَّواة. وَقَالَ أَبو إِسْحَاقَ: يُقَالُ: أَجْرَمَني كَذَا وجَرَمَني وجَرَمْتُ وأَجْرَمْت بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى

لَا يُجْرِمنَّكم

: لَا يُدْخِلَنَّكم فِي الجُرم، كَمَا يُقَالُ آثَمْتُه أَيْ أَدخلته فِي الإِثم. الأَخفش فِي قَوْلِهِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ*

أَيْ لَا يُحِقَّنَّ لَكُمْ لأَن قوله: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ

، إِنما هُوَ حَقٌّ أَن لهم النار؛ وأَنشد:

جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها أَن يَغْضَبوا

يَقُولُ: حَقَّ لَهَا. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَمَّا قَوْلُهُ لَا يُحِقَّنَّ لَكُمْ فإِنما أَحْقَقْتُ الشيءَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَقّاً فَجَعَلْتُهُ حَقًّا، وإِنما مَعْنَى الْآيَةِ، وَاللَّهُ أَعلم، فِي التَّفْسِيرِ لَا يَحْملَنَّكُم وَلَا يَكْسبَنَّكم، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجْرِمَنَّكم قَالَ: لَا يَحْمِلَنَّكم «١»، وَأَنْشَدَ بَيْتَ أَبِي أَسماء. والجِرْمُ، بِالْكَسْرِ: الجَسَدُ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَجرام؛ قَالَ يزيدُ بْنُ الحَكَمِ الثَّقَفيُّ:

وَكَمْ مَوْطِنٍ، لَوْلاي، طِحْتَ كَمَا هَوى ... بأَجْرامِه مِنْ قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي

وجَمَعَ، كَأَنَّهُ صَيَّر كُلَّ جُزْءٍ مِنْ جِرْمه جِرْماً، وَالْكَثِيرُ جُرُومٌ وجُرُم؛ قَالَ:

مَاذَا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ، ... سُودِ الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ

التَّهْذِيبُ: والجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد وجُثْمانه. وأَلقى عَلَيْهِ أَجْرامه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يُرِيدُ ثَقَلَ جِرْمِه، وَجُمِعَ عَلَى مَا تَقَدَّم فِي بَيْتِ يَزِيدَ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ: اتّقُوا الصُّبْحة فَإِنَّهَا مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم

؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: الجِرْمُ البَدَنُ. وَرَجُلٌ جَريمٌ: عَظِيمُ الجِرْم؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

وَقَدْ تَزْدَري العينُ الفَتى، وَهُوَ عاقِلٌ، ... ويُؤفَنُ بَعْضُ القومِ، وَهُوَ جَريمُ


(١). ١ قوله [وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ قَالَ لَا يَحْمِلَنَّكُمْ]، هذا القول ليونس كما نص عليه الأَزهري

<<  <  ج: ص:  >  >>