للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ: والجِمُّ الشيطانُ. والجِمُّ: الغَوْغاء والسِّفَل. والجَمَّاء الغَفِيرُ: جماعة الناس. وجاؤوا جَمّاً غَفِيراً، وجَمَّاء الغَفِير، والجَمَّاءَ الغَفِيرَ أَي بِجَمَاعَتِهِمْ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: الجَمَّاءُ الغَفِيرُ مِنَ الأَسماء الَّتِي وُضِعَتْ مَوْضِعَ الْحَالِ وَدَخَلَتْهَا الأِلف وَاللَّامُ كَمَا دَخَلَتْ فِي العِراكِ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرْسَلَها العِراكَ، وقيل: جاؤوا بجَمَّاء الْغَفِيرِ أَيضاً. وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الجَمَّاءُ الغفِيرُ الْجَمَاعَةُ، وَقَالَ: الجَمَّاءُ بَيْضَةُ الرأْس، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها جَمَّاء أَي مَلْساءُ، وَوُصِفَتْ بِالْغَفِيرِ لأَنها تَغْفِر أَي تُغَطِّي الرأْسَ؛ قَالَ: وَلَا أَعرف الجَمَّاءَ فِي بَيضة السِّلَاحِ عَنْ غَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي ذَرٍّ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمِ الرُّسُلُ؟ قَالَ: ثُلْثُمِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ

، وَفِي رِوَايَةٍ:

وَثَلَاثَةَ عَشَرَ جَمَّ الغَفِير

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَتِ الرِّوَايَةُ، قَالُوا: وَالصَّوَابُ جَمّاً غَفِيراً؛ يُقَالُ: جَاءَ الْقَوْمُ جَمّاً غَفِيراً، والجَمَّاءَ الغَفِيرَ، وجَمَّاءَ غَفِيرًا أَي مُجْتَمِعِينَ كَثِيرِينَ؛ قَالَ: وَالَّذِي أُنْكِرَ مِنَ الرِّوَايَةِ صَحِيحٌ، فإِنه يقال جاؤوا الجَمَّ الغفيَر ثُمَّ حَذَفَ الأَلف وَاللَّامَ وأَضاف مِنْ بَابِ صَلَاةِ الأُولى وَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، قَالَ: وأَصل الْكَلِمَةِ مِنَ الجُمُومِ والجَمَّةِ، وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَالْكَثْرَةُ، والغَفِيرُ مِنَ الغَفْر وَهُوَ التَّغْطِيَةُ والسَّتْر، فَجُعِلَتِ الْكَلِمَتَانِ فِي مَوْضِعِ الشُّمُولِ والإِحاطة، وَلَمْ تَقُلِ الْعَرَبُ الجَمَّاء إِلَّا مَوْصُوفًا، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ كطُرّاً وَقَاطِبَةً فَإِنَّهَا أَسماء وُضِعَتْ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ. وأَجَمَّ الأَمرُ والفِراقُ: دَنَا وَحَضَرَ، لُغَةٌ فِي أَحَمَّ؛ قَالَ الأَصمعي: مَا كَانَ مَعْنَاهُ قَدْ حانَ وقوعُه فَقَدْ أَجَمَّ، بِالْجِيمِ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَحَمَّ، بِالْحَاءِ؛ قَالَ:

حَيِّيَا ذَلِكَ الغَزالَ الأَحَمَّا، ... إِن يَكُنْ ذَاكُمَا الفِراقُ أَجَمَّا

وقال عَدِيّ بْنُ الْعَذِيرِ:

فإِنَّ قُرَيْشاً مُهْلِكٌ مَنْ أَطاعَها، ... تنافسُ دُنْيا قَدْ أَجَمَّ انْصِرامُها

وَمِثْلُهُ لساعِدَةَ:

وَلَا يُغْني امْرَأً وَلَدٌ أَجمَّتْ ... مَنِيَّتُه، وَلَا مالٌ أَثِيلُ

وَمِثْلُهُ لزُهَيرٍ:

وكنتُ إِذا مَا جِئتُ يَوْمًا لحاجةٍ، ... مَضَتْ وأَجَمَّتْ حاجةُ الغَدِ لَا تَخْلُو

يُقَالُ: أَجَمَّتِ الحاجةُ إِذا دَنَتْ وَحَانَتْ تُجِمُّ إِجْماماً. وجَمَّ قُدُوم فُلانٍ جُمُوماً أَي دَنَا وَحَانَ. والجُمُّ: ضَرْبٌ مِنْ صَدَف الْبَحْرِ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: لَا أَعلم حَقِيقَتَهَا. والجُمَّى، مَقْصور: الباقِلَّى؛ حَكَاهُ أَبو حَنِيفَةَ. والجَمَّاء، بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ: مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنَ الْمَدِينَةِ تكرَّر ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ. والجَمْجَمةُ: أَن لَا يُبَيِّنَ كلامَه مِنْ غَيْرِ عِيٍّ، وَفِي التهذيب: أَن لا تُبين كَلَامَكَ مِنْ عِيٍّ؛ وأَنشد اللَّيْثُ:

لعَمْرِي لَقَدْ طالَ مَا جَمْجَمُوا، ... فَمَا أَخَّروه وَمَا قَدَّموا

وَقِيلَ: هُوَ الْكَلَامُ الَّذِي لَا يُبَيَّنُ مِنْ غَيْرِ أَن يُقَيَّدَ بِعِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، والتَّجَمْجُمُ مِثْلُهُ. وجَمْجَمَ فِي صَدْرِهِ شَيْئًا: أَخفاه وَلَمْ يُبْدِه؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي قَوْلِهِ:

إِلى مُطْمَئِنِّ البِرِّ لَا يَتَجَمْجَمِ «١».


(١). ١ قوله [إلى مطمئن إلخ] صدره كما في معلقة زهير:
ومن يوف لم يذمم ومن يهد قلبه

<<  <  ج: ص:  >  >>