يُرِيدُ أَن عُثْمَانَ فِي حُرْمةِ الإِسلام وذِمَّته لَمْ يُحِلَّ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا يُوقِعُ بِهِ، وَيُقَالُ لِلْحَالِفِ مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه بِهِ، وَمِنْهُ
قَوْلُ الْحَسَنِ فِي الرَّجُلِ يُحْرِمُ فِي الْغَضَبِ
أَي يَحْلِفُ؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
قَتَلُوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً، ... غادَرُوه لَمْ يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يُرِيدُ: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري: الحُرْمة المَهابة، قَالَ: وإِذا كَانَ بالإِنسان رَحِمٌ وَكُنَّا نَسْتَحِي مِنْهُ قُلْنَا: لَهُ حُرْمَةٌ، قَالَ: وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هُوَ حُرْمَتُك وَهُمْ ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غَائِبًا وَشَاهِدًا وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقُّه. وَيُقَالُ: أَحْرَمْت عَنِ الشَّيْءِ إِذا أَمسكتَ عَنْهُ،
وَذَكَرَ أَبو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ عَنِ الْيَزِيدِيِّ أَنه قَالَ: سَأَلْتُ عَمِّي عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كلُّ مُسْلم عَنْ مُسْلِمٍ مُحْرِمٌ، قَالَ: المُحْرِمُ الْمُمْسِكُ
، مَعْنَاهُ أَن الْمُسْلِمَ مُمْسِكٌ عَنْ مَالِ الْمُسْلِمِ وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين الدَّارِمِيِّ:
أَتتْني هَناتٌ عَنْ رجالٍ، كأَنها ... خَنافِسُ لَيْلٍ لَيْسَ فِيهَا عَقارِبُ
أَحَلُّوا عَلَى عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ، ... وَفِي اللهِ جارٌ لَا ينامُ وطالِبُ
قَالَ: وأَنشد الْمُفَضَّلُ لأَخْضَرَ بْنِ عَبَّاد المازِنيّ جَاهِلِيٌّ:
لَقَدْ طَالَ إِعْراضي وصَفْحي عَنِ الَّتِي ... أُبَلَّغُ عنْكم، والقُلوبُ قُلوبُ
وَطَالَ انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ ... ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عَنِ الَّتِي ... كرِهْتُ، وَمِنْهَا فِي القُلوب نُدُوبُ
فَلَا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ، ... فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً فِي المَقالِ ومنكُمُ، ... إِذا مَا ارْتَمَيْنا فِي المَقال، عُيوبُ
وَيُقَالُ: أَحْرَمْتُ الشَّيْءَ بِمَعْنَى حَرَّمْتُه؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
إِلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كَأَنَّهَا ... رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قَالَ: وَالضَّمِيرُ فِي كَأَنَّهَا يَعُودُ عَلَى رِكابٍ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا. وتَحَرَّم مِنْهُ بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأَحْرَمَ القومُ إِذا دَخَلُوا فِي الشَّهْرِ الحَرامِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
جَعَلْنَ القَنانَ عَنْ يَمينٍ وحَزْنَهُ، ... وَكَمْ بالقَنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي حُرْمة لَا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ:
وَكَمْ بالقنانِ مِنْ مُحِلّ ومُحْرِمِ
أَيْ مِمَّنْ يَحِلُّ قتالُه وَمِمَّنْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ مِنْهُ. والمُحْرِمُ: المُسالمُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، فِي قَوْلِ خِداش بْنُ زُهَيْرٍ:
إِذا مَا أصابَ الغَيْثُ لَمْ يَرْعَ غَيْثَهمْ، ... مِنَ النَّاسِ، إِلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هَكَذَا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، بِرَفْعِ الْغَيْثِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَراها لُغَةً فِي صابَ أَو عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ