وبالطَّواسِين التي قد ثُلِّثَثْ، ... وبالحَوامِيم الَّتِي قَدْ سُبِّعَتْ
قَالَ: والأَولى أَن تُجْمَعَ بذَواتِ حَامِيمْ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ فِي حَامِيمْ لشُرَيْحِ بْنِ أَوْفَى العَبْسِيّ:
يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجِرٌ، ... فهلَّا تَلا حامِيمَ قبلَ التَّقَدُّمِ
قَالَ: وأَنشده غَيْرُهُ للأَشْتَرِ النَّخْعِيّ، وَالضَّمِيرُ فِي يُذَكِّرُنِي هُوَ لِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَة، وَقَتَلَهُ الأَشْتَرُ أَو شُرَيْحٌ. وَفِي حَدِيثِ الْجِهَادِ:
إِذا بُيِّتُّمْ فَقُولُوا حَامِيمْ لَا يُنْصَرون
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قِيلَ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ لَا يُنْصَرُون، قَالَ: ويُرِيدُ بِهِ الخَبرَ لَا الدُّعاء لأَنه لَوْ كَانَ دُعَاءً لَقَالَ لَا يُنصروا مَجْزُومًا فكأَنه قَالَ وَاللَّهِ لَا يُنصرون، وَقِيلَ: إِن السُّوَر الَّتِي أَوَّلها حَامِيمْ لَهَا شأْن، فَنبَّه أَن ذِكْرَهَا لِشَرَفِ مَنْزِلَتِهَا مِمَّا يُسْتَظهَرُ بِهِ عَلَى اسْتِنْزَالِ النَّصْرِ مِنَ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ لَا يُنصرون كَلَامٌ مستأْنف كأَنه حِينَ قَالَ قُولُوا حَامِيمْ، قِيلَ: مَاذَا يَكُونُ إِذا قُلْنَاهَا؟ فَقَالَ: لَا يُنصرون. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قَالَتِ الْعَامَّةُ فِي جَمْعِ حم وَطس حَواميم وطَواسين، قَالَ: وَالصَّوَابُ ذَواتُ طس وذَواتُ حم وذواتُ أَلم. وحُمَّ هَذَا الأَمرُ حَمّاً إِذا قُضِيَ. وحُمَّ لَهُ ذَلِكَ: قُدِّرَ؛ قأَما مَا أَنشده ثَعْلَبٌ مِنْ قَوْلِ جَميل:
فَلَيْتَ رِجَالًا فيكِ قَدْ نذَرُوا دَمِي ... وحُمُّوا لِقائي، يَا بُثَيْنَ، لَقوني
فإِنه لَمْ يُفَسِّرْ حُمُّوا لِقائي. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالتَّقْدِيرُ عِنْدِي للِقائي فَحَذَفَ أَي حُمَّ لَهُمْ لِقائي؛ قَالَ: وروايتُنا وهَمُّوا بِقَتْلِي. وحَمَّ اللهُ لَهُ كَذَا وأَحَمَّهُ: قَضَاهُ؛ قَالَ عَمْرُو ذُو الْكَلْبِ الهُذَليُّ:
أَحَمَّ اللهُ ذَلِكَ مِنْ لِقاءٍ ... أُحادَ أُحادَ فِي الشَّهْرِ الحَلال
وحُمَّ الشيءُ وأُحِمَّ أَي قُدِّرَ، فَهُوَ مَحْموم؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لخَبَّابِ بْنِ غُزَيٍّ:
وأَرْمي بِنَفْسِي فِي فُروجٍ كثيرةٍ، ... وليْسَ لأَمرٍ حَمَّهُ اللَّهُ صارِفُ
وَقَالَ البَعيثُ:
أَلا يَا لَقَوْمِ كلُّ مَا حُمَّ واقِعُ، ... وللطَّيْرِ مَجْرى والجُنُوب مَصارِعُ
والحِمامُ، بِالْكَسْرِ: قَضَاءُ الْمَوْتِ وقَدَرُه، مِنْ قَوْلِهِمْ حُمَّ كَذَا أَي قُدِّرَ. والحِمَمُ. المَنايا، وَاحِدَتُهَا حِمَّةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ ذُكِرَ الحِمام كَثِيرًا، وَهُوَ الْمَوْتُ؛ وَفِي شِعْرِ ابْنِ رَواحةَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ:
هَذَا حِمامُ الموتِ قَدْ صَلِيَتْ
أَي قَضَاؤُهُ، وحُمَّةُ الْمَنِيَّةِ والفِراق مِنْهُ: مَا قُدِّرَ وقُضِيَ. يُقَالُ: عَجِلَتْ بِنَا وَبِكُمْ حُمَّةُ الفِراق وحُمَّةُ الْمَوْتِ أَي قَدَرُ الفِراق، وَالْجَمْعُ حُمَمٌ وحِمامٌ، وَهَذَا حَمٌّ لِذَلِكَ أَي قَدَرٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تَؤُمُّ سَلَامَةَ ذَا فائِشٍ، ... هُوَ اليومَ حَمٌّ لِمِيعَادِهَا
أَي قَدَرٌ، وَيُرْوَى: هُوَ الْيَوْمَ حُمَّ لِمِيعَادِهَا أَي قُدِّر لَهُ. وَنَزَلَ بِهِ حِمامُه أَي قَدَرُهُ وموتُه. وَحَمَّ حَمَّهُ: قَصَدَ قَصْدَه؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ بِعِيرَهُ:
فَلَمَّا رَآنِي قَدْ حَمَمْتُ ارْتِحالَهُ، ... تَلَمَّكَ لَوْ يُجْدي عَلَيْهِ التَّلَمُّكُ