للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَتُوعِدُنا بِخَيْتام الأَمِير

قَالَ: وَشَاهِدُ الْخَاتَامِ مَا أَنشده الْفَرَّاءُ لِبَعْضِ بَنِي عُقَيْلٍ:

لئِن كَانَ مَا حُدِّثْته اليومَ صَادِقًا، ... أَصُمْ فِي نهارِ القَيْظ لِلشَّمْسِ بَادِيَا

وأَرْكبْ حِماراً بَيْنَ سَرْجٍ وفَرْوة، ... وأُعْرِ مِنَ الخاتامِ صُغْرَى شِمالِيَا

وَالْجَمْعُ خَواتِم وخَواتِيم. وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الَّذِينَ قَالُوا خَواتِيم إِنما جَعَلُوهُ تَكْسِيرَ فاعالٍ، وإِن لَمْ يَكُنْ فِي كَلَامِهِمْ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَن سِيبَوَيْهِ لَمْ يَعْرِفْ خَاتَامًا، وَقَدْ تَخَتَّم بِهِ: لَبِسَهُ؛

ونَهى النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عَنِ التختُّم بِالذَّهَبِ.

وَفِي الْحَدِيثِ:

التَّخَتُّم بِالْيَاقُوتِ يَنْفي الْفَقْرَ

؛ يُريد أَنه إِذا ذهَبَ مالُه بَاعَ خاتَمَه فوجدَ فِيهِ غِنىً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَشبه، إِن صَحَّ الْحَدِيثُ، أَن يَكُونَ لخاصَّة فِيهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عن لُبْس الخاتَم إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ

أَي إِذا لَبسه لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَكَانَ للزِّينة المَحْضَةِ، فَكَرَّهَ لَهُ ذَلِكَ ورخَّصها لِلسُّلْطَانِ لِحَاجَتِهِ إِليها فِي خَتْم الكُتُب. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه جَاءَهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ خاتَمُ شَبَهٍ فَقَالَ: مَا لِي أَجدُ مِنك رَيحَ الأَصنام؟

لأَنها كَانَتْ تُتّخذُ مِنَ الشَّبَه، وَقَالَ فِي خاتَم الْحَدِيدِ:

مَا لِي أَرى عليكَ حِلْيَةَ أَهلِ النَّارِ؟

لأَنه كَانَ مِنْ زِيِّ الْكُفَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَصحاب النَّارِ. وَيُقَالُ: فُلَانٌ خَتَمَ عَلَيْكَ بابَهُ أَعرَض عَنْكَ. وخَتَم فُلَانٌ لكَ بابَه إِذا آثَرَكَ عَلَى غَيْرِكَ. وخَتَم فُلَانٌ الْقُرْآنَ إِذا قرأَه إِلى آخِرِهِ. ابْنُ سِيدَهْ. خَتَم الشَّيْءَ يَخْتِمُه خَتْماً بَلَغَ آخرَه، وخَتَمَ اللَّهُ لَهُ بخَير. وخاتِمُ كُلِّ شَيْءٍ وخاتِمَته: عَاقِبَتُهُ وآخِرُه. واخْتَتَمْتُ الشَّيْءَ: نَقيض افتَتَحْتُه. وخاتِمَةُ السُّورَةِ: آخرُها؛ وَقَوْلُهُ أَنشده الزَّجَّاجُ:

إِن الخليفَة، إِن اللَّهَ سَرْبَلَه ... سِرْبالَ مُلْك، بِهِ تُرْجى الخَواتِيمُ

إِنما جَمَع خاتِماً عَلَى خَوَاتِيمَ اضْطِرَارًا. وخِتامُ كُلِّ مَشروب: آخرُه. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: خِتامُهُ مِسْكٌ

، أَي آخرُه لأَن آخِرَ مَا يَجدونه رَائِحَةُ الْمِسْكِ، وَقَالَ عَلْقَمَةُ: أَي خِلْطُه مِسك، أَلم ترَ إِلى المرأَة تَقُولُ للطِّيب خِلْطُه مِسكٌ خِلْطُه كَذَا؟ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ مِزاجُه مِسْكٌ، قَالَ: وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ قَوْلِ عَلْقَمَة؛ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: عاقِبتُه طَعْم المِسك، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قرأَ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، خاتِمُه مِسك؛ وَقَالَ: أَما رأَيتَ المرأَةَ تَقُولُ للعطَّار اجْعَلْ لِي خاتِمَه مِسكاً، تُرِيدُ آخرَه؟ قَالَ الْفَرَّاءُ: والخاتِمُ والخِتام مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى، إِلَّا أَن الخاتِمَ الاسمُ، والخِتام الْمَصْدَرُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

فبِتْنَ جَنَابَتَيَّ مُصَرَّعاتٍ، ... وبِتُّ أَفُضُّ أَغلاقَ الخِتامِ

وَقَالَ: ومثلُ الخاتِم والخِتام قَوْلُكَ لِلرَّجُلِ: هُوَ كَرِيمُ الطَّابِع والطِّباع، قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ أَن أَحدهم إِذا شَرِبَ وَجَدَ آخِرَ كأْسِه ريحَ المِسك. وخِتامُ الْوَادِي: أَقصاه. وخِتامُ القَوْم وخاتِمُهُم وخاتَمُهُم: آخرُهم؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ وَمُحَمَّدٌ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خاتِمُ الأَنبياء، عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. التَّهْذِيبُ: والخاتِم والخاتَم مِنْ أَسماء النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مَا كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ

؛ أَي آخِرَهُمْ، قَالَ: وَقَدْ قُرِئَ

وخاتَمَ

؛ وَقَوْلُ العَجَّاج:

مُبارَكٍ للأَنبياء خاتِمِ

إِنما حَمَلَهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ فَكَسَرَ، وَمِنْ أَسمائه

<<  <  ج: ص:  >  >>