للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَنَّ عِزَّ الناسِ فِي رأْس صَخْرَةٍ ... مُلَمْلَمَةٍ، تُعْيِي الأَرَحَّ المُخَدَّما

لأَعطاك ربُّ الناسِ مِفْتاحَ بابِها، ... وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بابٌ لأَعطاكَ سُلَّمَا

يُرِيدُ وَعْلًا ابْيَضَّتْ أَوْظِفَتُهُ. وَفَرَسٌ مُخَدَّمٌ وأَخْدَمُ: تحجيلُه مُسْتَدِيرٌ فَوْقَ أَشاعره، وَقِيلَ: فَرَسٌ مُخدَّمٌ جَاوَزَ البياضُ أَرساغه أَو بَعْضَهَا، وَقِيلَ: التَّخْديمُ أَن يَقْصُرَ بَيَاضُ التَّحْجِيلِ عَنِ الوَظيف فَيَسْتَدِيرَ بأَرساغ رِجْلَيِ الْفَرَسِ دُونَ يَدَيْهِ فَوْقَ الأَشاعر، فإِن كَانَ بِرجْلٍ وَاحِدَةٍ فَهُوَ أَرْجَلُ، وَقَدْ تُسَمَّى حَلْقَةُ الْقَوْمِ خَدَمَةً. وَفِي حَدِيثِ

خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ إِلى مَرازِبةِ فَارِسَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّ خَدَمَتَكُمْ

؛ قَالَ: فَضَّ اللَّهُ خَدَمَتهم أَي فَرَّقَ جَمَاعَتَهُمْ؛ الخَدَمة، بِالتَّحْرِيكِ: سَيْرٌ غَلِيظٌ مَضْفُورٌ مِثْلُ الحَلْقة يُشَدُّ فِي رُسْغِ الْبَعِيرِ، ثُمَّ يُشَدُّ إِليها سَرائِحُ نَعْلِهِ، فإِذا انْفَضَّتِ الخَدَمَة انْحَلَّت السَّرائِحُ وَسَقَطَتِ النَّعْلُ، فَضَرَبَ ذَلِكَ مَثَلًا لِذَهَابِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ وتفَرُّقِهِ، وشَبَّه اجْتِمَاعَ أَمر العَجَمِ وَاتِّسَاقَهُ بِالْحَلْقَةِ الْمُسْتَدِيرَةِ، فَلِهَذَا قَالَ: فَضَّ خَدَمَتكُم أَي فَرَّقَهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا. وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هَذَا مَثَلٌ، وأَصل الخَدَمَةِ الحلقةُ الْمُسْتَدِيرَةُ المُحْكَمَةُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْخَلَاخِيلِ خِدامٌ؛ وأَنشد:

كانَ مِنَّا المُطارِدون على الأُخْرى، ... إِذا أَبْدَتِ العَذَارَى الخِدامَا

قَالَ: فَشَبَّهَ خَالِدٌ اجْتِمَاعَ أَمرهم كَانَ وَاسْتِيثَاقَهُمْ بِذَلِكَ، وَلِهَذَا قَالَ: فَضَّ اللَّهُ خَدَمَتَكُمْ أَي فَرَّقَهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا. وَابْنُ خِدامٍ: شَاعِرٌ قَدِيمٌ، وَيُقَالُ: ابْنُ خِذامٍ، بالذال المعجمة.

خذم: الخَذَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: سُرْعَةُ السَّيْرِ، وظَلِيْمٌ خَذُومٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ظَليماً:

مِزْعٌ يُطَيِّره أَزَفُّ خَذُومُ

وَقَدْ خَذِمَ الفرسُ خَذَماً فَهُوَ خَذِمٌ، وَفَرَسٌ خَذِمٌ: سَرِيعٌ، نَعْتٌ لَهُ لَازِمٌ، لَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فِعْلٌ. وَقَدْ خَذَمَ يَخْذِمُ خَذَماناً، وَبِهِ سُمِّي السيفُ مِخْذَماً. والخَذْمُ: سُرْعَةُ الْقَطْعِ. خَذَمَهُ يَخْذِمُه خَذْماً أَي قَطَعَهُ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ: إِذا أَذَّنْتَ فاستَرْسِلْ، وإِذا أَقمت فاخْذِمْ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا أَخرجه الزَّمَخْشَرِيُّ وَقَالَ: هُوَ اخْتِيَارُ أَبي عُبَيْدٍ وَمَعْنَاهُ التَّرْتيلُ كأَنه يَقْطَعُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ، قَالَ: وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:

أُتيَ عَبد الحَميد وَهُوَ أَمير عَلَى الْعِرَاقِ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ وخَذَمُوا بالسُّيوف

أَي قَطَعُوا وَضَرَبُوا النَّاسَ بِهَا فِي الطَّرِيقِ. وَفِي حَدِيثُ

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، بمَواسيَ خَذِمَةٍ

أَي قَاطِعَةٍ. وَفِي حَدِيثِ

جَابِرٍ: فَضَرَبَا حَتَّى جَعَلَا يَتَخَذَّمانِ الشجرةَ

أَي يَقْطَعَانِهَا. والتَّخْذيمُ: التَّقْطِيعُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:

تَخَذَّمَ مِنْ أَطرافِه مَا تَخَذَّما

وَقَالَ حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:

وخَذَّمَ السَّريحَ مِنْ أَنْقابِهِ

وثَوْبٌ خَذِمٌ وخَذاويمُ «٤» بِمَنْزِلَةِ رَعابِيل، وخَذَّمه فتَخَذَّمَ، وتَخَذَّمَهُ هُوَ أَيضاً؛ قَالَ عَدِيّ بْنُ الرِّقاع:

عامِيَّة جَرَّتِ الرِّيحُ الذُّيولَ بِهَا، ... فَقَدْ تَخَذَّمها الهِجْرانُ والقِدَمُ


(٤). قوله [وخذاويم] هكذا في الأصل، وصوبه شارح القاموس وخطأ ما فيه وهو خذاريم بالراء، ولكن الذي في التهذيب والتكملة مثل ما في القاموس

<<  <  ج: ص:  >  >>